العدد 2511 - الثلثاء 21 يوليو 2009م الموافق 28 رجب 1430هـ

خريجو الخدمة الاجتماعية... بين التربية و«تمكين»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اعتصم ثمانون من خريجي وخريجات الخدمة الاجتماعية مجدّدا أمام وزارة التربية والتعليم، للمرة الرابعة خلال أقل من شهرين.

الخريجون طالبوا بتوظيفهم في السلك التربوي، وقدّموا عدة خيارات، إما بتفعيل قرار ديوان الخدمة المدنية الصادر نهاية 2007، والقاضي بتخصيص مرشد اجتماعي لكل 250 طالبا، أو الأخذ بالمقترح النيابي بتوظيف مرشد لكل 90 طالبا، أو بتفعيل الخطة الوطنية لتوظيف خريجي الخدمة الاجتماعية وعلم النفس التي وافقت عليها الحكومة قبل أربعة أشهر.

البطالة كابوسٌ يهدم كل طموحات وأحلام الشباب، وكلّ خريجٍ جديدٍ هو مشروع بناء أسرة صالحة، تعزّز استقرار المجتمع وتطوّره، وبالمقابل حرمان الشاب أو الشابة من فرصتهما في خدمة الوطن يكرّس كل المشاعر السلبية ويقوّض الأحلام والطموحات.

في كل الدول اليوم، لا يتم النظر إلى البطالة بمنظورٍ سياسي مجرد كما يجري عندنا، وإنما تُقيّم لكلفتها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية العالية. ولا يحقّ لأحد أن ينتقد مواطنا يطالب بفرصة عملٍ يكفلها له الدستور، وبصورة سلمية هادئة، بعيدا عن الطأفنة والتسييس.

هؤلاء العاطلون الشباب، يبحثون عن حلٍّ لمعاناتهم التي استمرت سنوات، وليسوا هواة إثارة إعلامية أو مزايدات. وإذا كانت الوزارة تردّ بأنها ليست «جهة توظيف»، فكيف تبرّر لجوءها للخارج لتوظيف مواطني دول أخرى؟ أليس الأولى أن تهتم بالكوادر الوطنية وتمنحهم الفرصة لخدمة بلدهم وناسهم؟

الخريجون رغم رفضهم الشديد التشكيك بقدراتهم العلمية التي اكتسبوها من جامعتنا الوطنية، وما يعنيه من طعن بالجامعة ومخرجاتها، إلا أنهم أبدوا استعدادهم للالتحاق بأي برنامج لـ «إعادة تأهيل»، وهذه خطوةٌ إيجابية تدلّ على مرونة موقفهم وبحثهم عن حل.

وزارة التربية والتعليم والحق يقال، كانت لها تجربةٌ ناجحةٌ قبل سبع سنوات، حيث نظّمت برنامج تأهيل تربوي في جامعة البحرين، مدته عام واحد، شمل مئات الخريجين والخريجات، التحقوا بعده بالمدارس وأخذوا مكانهم في خدمة الوطن وتعليم أبنائنا وبناتنا. فلماذا لا تفكّر الوزارة في البناء على نجاحاتها بدل التراجع إلى خياراتٍ بعيدةٍ عن الاستثمار في العنصر الوطني؟


ردود كلاسيكية ومعاناة بشرية

إن التمسك بالردود الكلاسيكية للعلاقات العامة لا يوصل إلى حل، فخريجو الخدمة يزيد عددهم عاما بعد عام، وذلك يمثل عامل ضغط نفسي إضافي على العاطلين، وخصوصا مع معرفتهم بوجود حاجة لتخصصاتهم في مدارسنا الحكومية. فالبطالة تنخر في الجسم والروح، وتحطّم النفس البشرية وتزيد معاناتها، وهو ما لا يهتم به من يتصدّون لمهاجمة من يطالبون بحقهم المشروع في الحصول على فرصة عمل شريف.

إلى جانب المعاناة الفردية المريرة، هناك الجانب الاجتماعي غير المنظور، فأحد الآباء بعث برسالةٍ يقول فيها: «أنا مواطنٌ بحريني، وأبٌ كبيرٌ بالسن، تعبت كثيرا في أن تتخرج ابنتي وتساعدني لكبر سني، وليس لدي مدخولٌ سوى راتب شهري قدره 120 دينارا شهريا أتقاضاه من الشئون الاجتماعية. كان أملي في أن تتخرج ابنتي وتساعدني وترفع المعاناة عن الأسرة. وهي خريجة خدمة اجتماعية لعام 2007 قسم علم نفس، وحاولتْ جهدها في أن تحصل على وظيفة تناسب تحصيلها الدراسي ولكن دون جدوى. وزارة العمل دفعت لها مشكورة (راتب ضد التعطل) لمدة 6 شهور. أملي أن تشرح معاناتي علّها تكون سببا في حصول ابنتي على الوظيفة بإحدى الوزارات». وهذا هو الجانب الآخر الأكثر قتامة من الصورة، التي لا تلتقطها الكاميرا في تغطية الاعتصامات.

هناك إذا مشكلةٌ، وهناك خياراتٌ مرنةٌ إذا توفرت النيّة الصادقة لحلها، وهناك «تمكين»، التي تمسك بيدها أحد مفاتيح الحل، سواء في التوظيف أو برامج إعادة التأهيل، ضمن سياسة معلنة بتمكين المواطن البحريني من أخذ فرصته لخدمة الوطن.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2511 - الثلثاء 21 يوليو 2009م الموافق 28 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 7:34 ص

      سيدنا..اتمنى التركيز على جميع العاطلين الجامعيين

      مع تقديرنا للأخوة خريجين الخدمة الإجتماعية..إلا أجد أنه من غير الانصاف تجاهل الكم الهائل من العاطلين الجامعين في التخصصات الآخرى...فنحن قد لا يكون لنا حضور بارز مثل الأخوة في الخدمة الاجتماعية الا أجد أن هناك تركيز من قبل الصحافة الكتاب مع إغفال الاتخصصات الاخرى أنا أحد العاطلين من خريجين الهندسةوهناك من نظام الفصل وهناك من المحاسبة..وهناك من الأيتي وهناك الحكومة ممثلة في مشروع تمكين تتبجة بقائمة 1912 التي لم توظفهم حتى الان بعد مرور حوالي سنة والان أغلب العاطلين وأنا منهم غير مسجلين فيها

    • زائر 6 | 6:59 ص

      والد أحد خريجي علم الاجتماع

      لقد تفاجأت كثيرا و أخذت ألوم نفسي و أجلدها حينما أتا إبني إلي بقصاصه من إحدا الجرائد عن موضوع كتبه بنفسه و نشرته تللك الجريده يخص خريجي علم الأجتماع يشرح فيه مدى معاناته بكل تفصيل ومدى يأسه من الوضع الحالي, جعلني أطرق برأسي و أغور غياهب التفكير العميق عن مدى الظلم الذي لحق بهذا الشاب ممن يهمهم الامر في هذا البلد الذي راح ينعم فيه الكل ماعدا أبنائه.

    • زائر 5 | 5:36 ص

      سوء تخطيط

      هناك سوء تخطيط بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق.
      يجب أن تكون هناك لجنة أو قسم خاص في وزارات الدولة يبحث في احتياجات كل وزارة من الوظائف لمدة خمس سنوات قادمة وتقدم هذه الاحتياجات لجميع جامعات المملكة كل حسب تخصصه ومن ثم يتم تجديد هذه المعلومات سنوياَ لتواكب التغييرات والتطورات والاحتياجات المطلوبة.
      وكذلك تقوم هذه اللجنة المتخصصة بالتعرف على احتياجات القطاع الخاص عن طريق التعاون مع الشركات والمؤسسات الخاصة من خلال إجراء البحوث والدراسات واستطلاعات الرأي وإجراء المسوحات.

    • زائر 4 | 3:33 ص

      التربيه فالحه في جلب مدرسين من خارج؟؟؟!!!

      تسلم يا سيد قاسم على هذا المقال وألف شكر لك واتمنى تكتب أكثر في مقالاتك وتكشف عن معاناتنا ,بس جبيت اضيف نقطة أن وزارة التربية دائماً تتعذر بنقص الميزانية كما انها رافضة تأهيل عاطلين الخدمة الاجتماعية على الرغم من استعداد تمكين من ذلك؟؟؟؟!!!

    • زائر 3 | 3:18 ص

      لا حياة لمن تنادي

      العجب كل العجب من تصريحات المسئولين في البلد عن اهمية والاولية لتنميه الشباب وبرامج الشباب واحنظان الشباب وغيرها من الامور بينما الواقع شي اخر اخي الكريم الاستاذ قاسم لا اعلم لماذا يتم تجاهل ابنا البلد والتهرب عن حل المشكله بشكل صحيح من خلال توظيف الخريجين في وضعهم الطبيعي في وزارة التربية وبالنسبه لوزارة التنميه فهي وزارة.... رقم 3 في البحرين فلا خير يرجى منها ولا شي تعبنا شهور وسنوات وقضيناها في الدراسة وفي النهاية نجد انفسنا بلا عمل ولا تامين والبطاله تفكيرينا اليومي

    • زائر 2 | 12:58 ص

      بدون تعليق

      ياسيد
      قالوها من زمان عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب

    • زائر 1 | 12:04 ص

      فرص شاغرة لخريجوا الخدمة في وزارة التربية

      يوجد الآن في المرحلة الثانوية وظيفتان مستحدثتان هما المرشد الأكاديمي والموجه المهني حيث يقومان بمتابعة طلاب المدرسة من الناحية الأكاديمية والعمل على رفع مستواهم ومساعدتهم على اختيار التخصص المناسب (علمي -تجاري-ادبي) وكذلك التخصص الأكاديمي والمهني المناسب بعد التخرج وهاتان الوظيفتان بحاجة ماسة لطاقم يدعمهم لتحقيق الأهداف المرجوة والتي تأتي في صميم تخصص خريجوا الخدمة الاجتماعية فحبذا لو نظرت وزارة التربية لهذا الأمر لما له من دور في رفع مستوى التعليم وتحقيقا لرؤية الاقتصادية للبحرين 2030

اقرأ ايضاً