العدد 2223 - الإثنين 06 أكتوبر 2008م الموافق 05 شوال 1429هـ

إلى عقلاء إيران... لعل وعسى!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

كتاباتي الكثيرة عن إيران تؤكد أنني لا أحمل للإخوة الإيرانيين غير الحب، فقد كتبت أكثر من مرة مدافعا عن حقهم في امتلاك السلاح النووي حتى وإن كان لغير الأغراض السلمية مادامت «إسرائيل» تملك هذا السلاح، وأثنيت على مواقفهم الجريئة من «إسرائيل»، وكنت فرحا بمساعدتهم لحزب الله كما كنت سعيدا بما فعله الحزب تجاه «إسرائيل»، وقد خالفت في هذا التوجه الكثيرين لأنني كنت أحكم على ظواهر الأمور، لأن المسلم له الظاهر والله - وحده - يتولى السرائر.

ولأنني مازلت أحب إيران وأتمنى لها الخير كما أتمناه لكل مسلم - بصفة عامة - ولدول الخليج التي أنتمي إليها بصفة خاصة فإن ما أراه اليوم من أخطار تحدق بنا جميعا يدعوني لمخاطبة الإخوة في إيران لعلهم يتخذون مواقف إيجابية تردم الهوة التي بدأت تتسع بيننا وبينهم لأننا قد نسقط جميعا فيها، فلا فرق بين خليجي وإيراني، ولا فرق بين سني وشيعي، ويومها لن ينفع الندم، كما لن ينفع الكبرياء الذي يمارسه البعض!

بعض التصريحات التي تصدر من مسئولين إيرانيين تتسم بعدم المسئولية ولا أجد لها أية فائدة تعود عليهم، بل أجزم أنها تسيء إليهم كثيرا.

إن التصريحات التي قالوها عن البحرين كانت في غاية السوء، وإن التبريرات التي تبعتها لم تستطع أن تردم الهوة التي خلفتها تلك التصريحات ليس في نفوس البحرينيين وحدهم بل في نفوس الخليجيين جميعا. ومثلها تصريحاتهم وأعمالهم بالنسبة للجزر الإماراتية، وليتهم يتخذون خطوة إيجابية في هذه المسألة إن كانوا حقا مقتنعين أنها لهم. لماذا لا يلجأون إلى محاكم العدل الدولية لتفصل بينهم كما فعلت قطر والبحرين وتنتهي هذه المسألة إلى الأبد؟ أليس هذا أجدى مما هو حاصل الآن؟

الكويتيون يتحدثون بمرارة عن وجود الآلاف من الحرس الثوري في بلادهم ووصل الحديث إلى أروقة مجلس الأمة - ولست أدري أحقٌ هو أم لا - لأن الأمور لم تتضح بعد، لكن هذا الحديث قد يقود الكويتيين إلى ما لا تحمد عقباه، بالنسبة لهم وللإيرانيين أيضا.

لا أريد أن أتحدث عن المرارة التي يتحدث بها بعض العراقيين عن تدخلات إيران في شئونهم، فقد انتشر هذا النوع من الحديث وهو وإن لم يكن يخص دول الخليج مباشرة إلا أنه أثر ويؤثر فيها كثيرا.

هذا النوع من التدخلات يصنف بالتدخلات السياسية، لكن هناك تدخلات من نوع آخر كثر الحديث عنها هذه الأيام وهي التدخلات العقائدية، وابتداء فإن الجميع يعرفون أن هناك فروقا بين المذهبيين - السني والشيعي - وأن هذه الفروق ليست وليدة اليوم وأنها ستبقى إلى قيام الساعة - هكذا أظن - وبالتالي فإن الفروق يجب ألا ينزعج منها أي طرف شرط أن تبقى في دائرتها التي لا تسيء للطرف الآخر.

وأعرف كما يعرف غيري أن هناك محاولات كثيرة قديمة وحديثة جرت بهدف إجراء حوارات بين أصحاب المذهبين بهدف التقارب أو التفاهم أو التعايش. المهم في هذا كله احتواء الخلافات ولكي يعيش الجميع بسلام، ومازالت هناك مؤتمرات تعقد هنا وهناك بهدف تحقيق هذا الغرض وندعو لها بالنجاح.

لكن هذه المؤتمرات كلها لن تفيد شيئا إذا لم تكن الأفعال هي الأساس، فالكلام وحده لا يكفي. ما قيمة أن يقول الطرفان: نحن نبحث عن التعايش والتسامح لكنهم - عمليا - لا يفعلون من هذا شيئا على الإطلاق؟! كلا الطرفين يطالبون بحرية العبادة، وعدم المساس برموزهم فهل تحقق هذا؟ في دول الخليج تحقق كل هذا للشيعة فهل تحقق مثله للسنة في إيران؟ هل ينال السنة نصيبهم أو بعضه من الوظائف العامة؟

الشيخ يوسف القرضاوي الذي عرف بشدة تسامحه - وكان يلام كثيرا على هذا التسامح المفرط - واشترك مرارا في مؤتمرات التقريب، إلا أنه مع هذا لم يطق صبرا على ما رآه - أو تحقق منه - من قيام إيران بتشييع مجموعات من السنة بوسائل متعددة، وكذلك الإساءة للرموز الإسلامية... الشيخ راشد الغنوشي المعروف باعتداله أيضا وقف مع القرضاوي وأكد ما ذهب إليه كما وقف معه آخرون بعضهم يتحدث وبعضهم مازال صامتا.

وأعرف أن للشيخ القرضاوي مؤيدون كثر، وأعرف أن الكثيرين في منطقة الخليج مع ما ذهب إليه... وهنا مكمن الخطر مرة أخرى!

إنني أخشى من فتنة تأكل الأخضر واليابس، وكنت أتمنى من العقلاء مواجهتها بحكمة وبخطوات عملية جادة...

بعض الإيرانيين أساءوا إلى الشيخ، مع أنهم يعرفونه حق المعرفة، والدكتور محمد العوا - من السنة - أخطأ هو الآخر في التعامل مع هذه المسألة التي هي في غاية الحساسية.

التشنج من هنا أو من هناك لا يحل المشكلة... والمشكلة لن تصبح إيرانية فقط... فالشيعة موجودون في كل دول الخليج وفي غيرها، وإن الفتنة إذا أتت لا تعرف مكانا دون آخر.

آخر من دخل على الخط الشيخ سلمان العودة الذي طالب «حزب الله» بتغيير اسمه!، ولست أدري هل تغير الاسم سيحل المشكلة التي يراها الشيخ؟ وبرغم ذلك لم يقل ما هو الاسم المقترح!

أقول باختصار إن إيران محاصرة من الأميركان ومهددة من «إسرائيل» بغض النظر عن كل ما يقال، وأن مصلحتها كما هي مصلحة الخليجيين أن يكونوا يدا واحدة، لكن ما تعمله إيران قد لا يحقق هذه المصلحة بل قد يعمل ضدها...

الحلول ليست مستعصية لكنها تريد إرادة صادقة وعندها: ما أسهلها

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2223 - الإثنين 06 أكتوبر 2008م الموافق 05 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً