العدد 140 - الخميس 23 يناير 2003م الموافق 20 ذي القعدة 1423هـ

الاستشراق الإسرائيلي... «سموم» صهيونية في «عسل» التاريخ

مهد لقيام «إسرائيل» ببناء جبهة للصراع الثقافي قبيل الصدام العسكري

تبدو سيطرة الصهيونية العالمية على حركة الاستشراق التي بدأت في رصد واقع الفكر العربي مع نهايات القرن السابع عشر مثل جرعات من السم الزعاف القاتل بين عسل كتب التاريخ التي صاغها مؤرخون غربيون ينتمي بعضهم في حقيقة الأمر إلى الصهيونية، كيهود متدينين. وتتجلى سيطرة الصهيونية العالمية على حركة الاستشراق التي بدأت في العالم قبل قرون لجهة دراسة العرب والمسلمين بصفة عامة، وفلسطين بصفة خاصة باعتبارها «ارض الميعاد» المزعوم.

وتشير دراسة حديثة أعدتها الباحثة المصرية سمية حسن إلى البدايات الفعلية للدور الصهيوني في حركة الاستشراق العالمية، مشيرة إلى الكثير من الأدبيات التي تقدم اليهود على انهم مؤسسو تلك الحركة في العالم، والدراسات الشرقية على وجه الخصوص، انطلاقا من كون اللغة العبرية قريبة الشبه باللغة العربية، وهو ما جعلهم يلعبون دور الناقل حسب زعمهم للثقافة العربية إلى الغرب، بما ينطوي عليه النقل من مغالطات شديدة تضرب في صميم العقيدة والفكر الاسلاميين. ويعتبر متخصصون في هذا الشأن التطور الحقيقي للدور اليهودي في الحركة الاستشراقية وبداية تبلوره كمدرسة قائمة بذاتها، بدأ مع بداية الدعوة لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، إذ كانت مساهمات اليهود في جميع مجالات الاستشراق في تلك الفترة مفعمة بالنشاط والفاعلية، وفي وقت كانت فلسطين ولا تزال موضع اهتمام خاص من قبل المستشرق الأوروبي لارتباطها بالكتاب المقدس، لذا فقد حظيت بدراسات مختلفة كانت في حقيقتها عونا للاستشراق الصهيوني الذي مهّد لقيام «اسرائيل» ببناء جبهة للصراع الثقافي قبيل الصدام العسكري مع العرب.

ويدور الاستشراق «الإسرائيلي» حول أربعة محاور أساسية حسبما تخلص الباحثة المصرية: أولها التاريخ الإسلامي من جوانبه كافة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والثقافية، وتعد الباحثة الإسرائيلية «حافا لازروس بافيه» أبرز من تخصّص في دراسة التاريخ الإسلامي، وتقديم دراسات مستفيضة عنه. وعلى دربها سارت «افيفا شوسمان» التي نالت درجة الدكتوراة عن دراسة حملت عنوان «قصص الأنبياء في التراث الإسلامي» بالتطبيق على قصص الأنبياء للكسائي.

ومثلما اهتم المستشرقون «الإسرائيليون» بدراسة العالم العربي من الجوانب الاجتماعية السياسية والاقتصادية والدينية، اهتموا كثيرا بترجمة الكثير من الأعمال العربية إلى اللغة العبرية، وخصوصا كتب التراث الإسلامي التي تشكّل عقل وفكر المجتمعات العربية، وخصوصا دول الجوار، إذ اهتم المستشرق «الإسرائيلي» كثيرا بمصر ودراسة أحوالها المختلفة عبر ترجمة بعض الأعمال الفكرية والادبية لكتاب مصريين من بينهم نجيب محفوظ ويوسف إدريس وآخرون.

واحتلت دولة فلسطين مكانا بارزا من كتابات المستشرقين الغربيين، إذ تركزت دراساتهم على تاريخ فلسطين، والاهتمام بالحفائر في الأماكن الأثرية بها، في محاولات دؤوبة لإعادة صوغ تاريخها وطمس أي حق عربي إسلامي فيها، وإحلال الأساطير اليهودية محلها، مثل التقليل من قدسية المقدس في الإسلام، والتشكيك في الحق العربي الإسلامي في القدس، من خلال إثارة الشكوك حول صحة رواية «الإسراء والمعراج» والأمر الإلهي باتخاذها قبلة للمسلمين، وإحلال المفاهيم والمسميات اليهودية، محل المفاهيم والمسميات الإسلامية بإحلال مصطلح «حائط المبكى» محل «حائط البراق»، وغيره من الاسماء اليهودية على الآثار الاسلامية والعربية

العدد 140 - الخميس 23 يناير 2003م الموافق 20 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 5:25 ص

      غصن الزيتون

      شكرا على هذة الكتابات ونرجوا ان تعطونا دائما من علمكم

اقرأ ايضاً