العدد 140 - الخميس 23 يناير 2003م الموافق 20 ذي القعدة 1423هـ

سيمفونية الصمت مستمرة... وخليج توبلي يحتضر

سحر الطبيعة الخلابة لخليج توبلي، تجذبك وتجعلك أسيرا للجمال الإلهي الذي وهب لهذه المنطقة الفريدة من نوعها في البحرين، ولا تريد أن تفارقها أو تحل عيناك إلى مناطق أخرى. فمساحات المياه الزرقاء اجتاحت بهدوء قلب المدينة، وتكون خليج يحوي بيئات غنية، وثروة طبيعية تزدهر بالسمك والروبيان وأشجار القرم، وأفواج الطيور المهاجرة التي استأنست أرض دلمون بلادا للسلام والراحة من عناء السفر. ولكنك أيضا ستنصعق - بقدر هذا الاعجاب - لحجم الدمار البيئي والعبث البشري الذي حل به.

إنها علامات تنذر باندثار الخليج، وركنه في إحدى زوايا الذاكرة، وليس ذلك من قبيل التهويل أو التعظيم. تستطيع أن تقترب بنفسك من مياه الخليج وتلمس حجم عمليات التدمير والتخريب البيئي الذي مازال يتعرض له من الردم والدفان البحري القاتل، وإلقاء مخلفات البناء والملوثات، ومياه المجاري المعالجة، وما تلقي به مصانع غسيل الرمال من مساحيق ترابية ومخلفات سائلة، وهي أضرت بشكل كبير على بيئات الخليج، وقلصت من عطائه وثرواته البحرية.

تشاهد على ضفاف الخليج الأهالي وهم يتأملون في هدوء هيبة الطبيعة، ويتألمون لضياع البحر والتفريط به بهذا الشكل «المخزي». وحتى طيور البجع «الفلامنكو» التي كانت تحط بسيقانها الطويلة في مياه نظيفة وصحية وبيئة وفيرة بالكائنات البحرية، بدأت تشعر أن هناك خللا بيئيا وخطرا يحدق بالخليج، وعليها أن تنجو بنفسها.

وبينما يستمر رنين هواتف المسئولين الحكوميين المعنيين بشئون البيئة طيلة الأسبوع الماضي، في محاولة لـ «الوسط» لفك الغموض والالتباس والحيرة، واستيضاح ما يجري من تدمير بيئي للخليج، لمعاودة فتح هذا الملف المؤرق ومعالجة جوانبه المختلفة، تستمر سيمفونية الصمت (إذا كان للصمت سيمفونية!)، وما يزال خليج توبلي يحتضر، ويستغيث، وكأن الموت كُتب عليه، قبل أن يموت

العدد 140 - الخميس 23 يناير 2003م الموافق 20 ذي القعدة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً