برزت في الآونة الأخيرة عدة قضايا فساد إداري ومالي في عدد من المؤسسات المالية بالمملكة، الأمر الذي يستدعي تحركا سريعا من المجلس الوطني الحامل لصلاحية المراقبة والمحاسبة القانونية.
وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون: «نتابع بقلق أسباب خروج الذوادي مدير عام بنك الإسكان من الوزارة، وصحة ما يتردد عن علاقة المذكور بصفقات السيف العقارية وغيرها، ونحن نشجع المراجعات التي قام بها عدد من الوزراء لمحاربة الفساد الذي يبدأ يطفح على السطح على رغم انه لم يمض على إنشاء المجلس سوى أشهر قليلة منذ انعقاد الفصل التشريعي الأول للمجلس الوطني. وما زال هناك الكثير من الأمور التي لم يكشف النقاب عنها بعد في موضوع الفساد المالي والإداري في القطاعين العام والخاص، الأمر الذي يحدو بالمجلس نحو اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على المال العام».
وأضاف «برزت قضايا المناقصات بشكل كبير في الآونة الأخيرة وأهمها مناقصة تطوير أنظمة المعلومات في جمارك والموانيء، يضاف إلى ذلك قضايا الفساد الإداري في أكثر من مؤسسة مالية آخرها البنك البحريني السعودي، ما أدى إلى إقالة المدير العام للبنك. ومن القضايا الملحة التي تتعلق بالفساد الإداري والمالي في القطاع الحكومي حصول بعض موظفي الدولة على رخص وامتيازات لممارسة بعض المهن التي لا تدخل ضمن مجال تخصصاتهم، فعلى سبيل المثال يحصل بعضهم على رخص للصيد البحري وصيد الروبيان بشكل خاص، الأمر الذي يخلق منافسة غير شريفة مع أبناء البلد في مصادر رزقهم. لابد من إيجاد آليات عمل لتنظيم الكشف عن مواطن الفساد ومحاسبة وملاحقة الجناة قانونيا».
من جانب آخر، اتخذت لجنة الشئون المالية والاقتصادية إجراء يفضي إلى تشكيل لجنة لمساءلة مؤسسة النقد في شأن التجاوزات المالية في ثلاث مؤسسات مالية هي «البنك البحريني السعودي» و«بنك البحرين الدولي» و«بنك البحرين والشرق الأوسط». وعن قضية الفساد المالي والإداري قال رئيس اللجنة عثمان شريف: «ان قضية المصارف الثلاثة توجب الوقوف عندها، خصوصا انها تنعكس سلبا على مركز البحرين وسمعتها باعتبارها مركزا ماليا ومصرفيا مرموقا في الشرق الأوسط، والدليل على ذلك أن أسهم المصارف انخفضت إلى النصف. والمتعارف عليه في القطاع المصرفي أن التسهيلات الائتمانية لأي قرض يجب ألا تتجاوز 15 في المئة من رأس المال، وكون المصرف يعطي قرضا بـ 17 مليون دينار من دون ضمانات تغطي القرض أمر يدعو إلى التساؤل، وخصوصا أن عملية تحصيل الديون دون ضمانات حقيقية وكافية أمر صعب للغاية، في المقابل هناك حقوق للمساهمين والمودعين ستتعرض للخسارة، لذلك تجب مساءلة إدارة الرقابة المصرفية بمؤسسة النقد، والبحث في دور المؤسسة في تنظيم عملية الرقابة على القطاع المصرفي».
وأضاف شريف أن اللجنة بعثت رسالة إلى وزير المالية والاقتصاد الوطني وأخرى إلى مؤسسة النقد تحمل عددا من الاستفسارات التي تنتظر جوابا من المؤسستين، كما وأن اللجنة بصدد دعوتهما إلى اللقاء مع أعضاء لجنة الشئون المالية والاقتصادية، والتي ستتحدد في ضوئها الخطوة الآتية بالنسبة إلى المجلس.
وفيما يتعلق بموضوع بنك الإسكان قال شريف إنه لم ترد أية معلومات عن استقالة الذوادي، وما زال الموضوع يعتبر إجراءا إداريا قام به الوزير، ومازال قيد المتابعة من قبل المجلس. ويعتقد النائب عبدالعزيز الموسى بأن المسألة قديمة وكانت محورا لكثير من الجلسات والمباحثات الخاصة بين الناس في المجالس والمقاهي، إلا أنها وبفضل التسليط الإعلامي أخذت نصيبها من الاهتمام الذي يجب أن تكون عليه، وقضية كهذه لن تمر كالسابق، فهناك أسئلة تطرح نفسها بقوة: «أين مؤسسة النقد، أين المراقبة الذاتية؟ وبحسب علمي لم ترد تلك المبالغ الضخمة في الموازنة العامة للعام 2002». وأكد في معرض حديثه أن حادثة من هذا النوع لن تمر، وستتم ملاحقة الجناة والقبض عليهم، ومحاسبة كل من تسبب فيها، «فمن أمن العقاب أساء الأدب»
العدد 144 - الإثنين 27 يناير 2003م الموافق 24 ذي القعدة 1423هـ