العدد 2235 - السبت 18 أكتوبر 2008م الموافق 17 شوال 1429هـ

بحرينيات أسيرات في سجون الفقر والهموم وقسوة المحاكم

وقف الشرطي محزونا وهو ينفذ حكم إخلاء منزل صدر لصالح أحد الأزواج عندما شاهد الزوجة والأطفال في حالة من الارتباك والحيرة الشديدة والحزن وهم ينتظرون المجهول ليقول :»لا يمكن أن يكون والدكم إنسانا له قلب»، وهذا الشعور، لا يختلف عن شعور مواطن قضى أمدا من الزمن في المحاكم إثر خلاف مع زوجته! ولما رأى من صور «البهدلة» التي تعرضت لها زوجته «السابقة» في المحاكم، صحا ضميره حينا بقليل من العاطفة والشعور بالذنب والأسف، لكن بعد فوات الأوان فالأسرة الصغيرة، أصابها شرخ شديد والسلام.

ونظرا لأزمة قانون أحكام الأسرة، وما تشهده المحاكم من قضايا متراكمة يكون ضحاياها في الغالب... الزوجات وأطفالهن، وجدت مجموعة من النساء البحرينيات المطلقات والمهجورات الأسيرات في سجون الفقر والهموم وقسوة المحاكم، أن لا مجال للركون والسكوت، ولابد من السعي لتحريك قضيتهم الإنسانية، فتوجهن الى تنظيم بعض الإعتصامات والإستفادة من الصحف لنشر «ظلامتهم» والمطالبة بحقوقهن، وايصال رسالة الى القضاة الشرعيين يطالبونهم بالنظر الى أوضاعهن التي لا يمكن أن تحتمل في كثير من الأحيان، وربما في كل الأحيان.

وعلى مدى شهر مضى، أخذت مجموعة من النساء المطلقات والمهجورات على عاتقهن مسئولية العمل الميداني، فكتبن خطابا موحدا رفع الى المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل والشئون الإسلامية، كما قمن بإرسال ذات الخطاب الى مجلس النواب... رئيسا وأعضاء، ومن المقرر أن تلتقى مجموعة منهن يوم غد الأحد بوزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة الذي وصلته رسالتهن، وبادر لترتيب لقاء معهن للإستماع إليهن مباشرة، وهو لقاء تعول عليها تلك النسوة كثيرا، خصوصا وأنهن لا يطلبن سوى الإنصاف من المحاكم الشرعية، وإنهاء فصول من المعاناة والعذاب.

وفي شهر مايو آيار من العام الجاري، كانت البداية، فقد نظمت مجموعة من الزوجات المهجورات اعتصاما أمام وزارة العدل لإيصال رسالتهن بعد سنوات طويلة من الشد والجذب في المحاكم، وتكدس قضايا طلاقهن لسنين، لكن اللافتات وقتذاك، كانت تحمل عبارات تتحدث عن المطالبة بقانون يجرم الهجران التعسفي والمطالبة بالحقوق الشرعية والإنسانية لهن قبل السياسية، وكان الجانب الأكثر قوة في تلك الحركة، توجيه أصابع الإتهام في ما آل إليه حال المرأة المهجورة في المقام الأول إلى علماء الدين الذين يقفون مع كل زوج يعيش على حطام أسرته على حد قولهن، وإصبعا أشد قوة للقضاة الذين يماطلون في الحكم في قضايا الطلاق، فضلا عن المجتمع الذي لا يرحم المرأة مطلقة كانت أم مهجورة، مع أجماعهن على تأييد قانون الأحوال الشخصية متى ما كان مع إنصاف المرأة وأطفالها في ظل تعثر حياتها في مجتمع ذكوري على حد وصفهن يومذاك.

ومن الأهمية بمكان، التذكير أيضا بأن أولئك النسوة جددن نداءهن للقضاة الشرعيين بإصدار ورقة هجران لكل زوجة يثبت هجران زوجها لها لعدة سنوات، وذلك لحفظ حقوقهن وحقوق أبنائهن، ولاسيما أن جميع معاملاتهن الوزارية معطلة بسبب هجران الزوج لهن، في الوقت الذي طالب بحقهن في معونة الغلاء باعتبارهن حاضنات ولاسيما بعد إعلان وزارة التنمية الاجتماعية خبر إيقاف وسحب العلاوة عن عدد ممن صرفت لهن في الفترة السابقة، وذلك بعد مراجعة بياناتهن واكتشاف أنهن ممن لا تنطبق عليهن معايير واشتراطات علاوة الغلاء التي أقرتها السلطتان التشريعية والتنفيذية.

ووفقا لأحدى المتضررات الناشطات في هذه القضية، فإن عددا من النواب، بعد أن وصلهم الخطاب، بادر بالإتصال بهن للتباحث حول الخطوات التي ينوين القيام بها، ومع تأكيد التضامن وحق المتضررات في العمل لإيصال حقيقة الظروف والمعاناة التي يعشنها، لكنهن يأملن في تحرك حقيقي يصل الى مكاتب القضاة الشرعيين، وقبل ذلك الى «ضمائرهم» في التعامل مع القضايا المتراكمة لديهم منذ سنين طويلة.

ولم تعد مطالبات المتضررات مجهولة، فقد أعلنت المجموعة أنهن واجهن اليأس مع القضاة بسبب الإجراءات الطويلة التي تمتد لأعوام دون مراعاة الضرر الواقع على الزوجة المهجورة خصوصا تلك التي تحمل على كتفها مسئولية أطفال كل جريرتهم أن والدهم قرر أن يهجر والدتهم بين ليلة وضحاها، وأبدين وجهة نظرهن في تعاطي القضاة والمحاكم الشرعية لقضايا الطلاق التي لا تعدو أكثر من تسليم ملفات واستلام أخرى وتأجيل متكرر دون أسباب واضحة.

مسيرة «الخطاب» تتجه الى كبار المسئولين في الدولة، لكن «بلا يأس» هذه المرة، حيث لم يعد لدى تلك الفئة من المواطنات صبرا أطول على تحمل أوضاع معيشية واجتماعية ونفسية متردية، سببها انعدام الإنصاف لهن ولحقوقهن وحقوق أطفالهن، وهن يأملن كثيرا في أن يكون اللقاء مع وزير العدل يوم غد الأحد، كبارقة أمل لنهاية تلك المعاناة

العدد 2235 - السبت 18 أكتوبر 2008م الموافق 17 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً