العدد 167 - الأربعاء 19 فبراير 2003م الموافق 17 ذي الحجة 1423هـ

بعض القرارات لا تتناغم مع التوجهات الإصلاحية للقيادة السياسية

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قرار ديوان الخدمة المدنية منع تأسيس نقابات للعمال والموظفين في الوزارات، ربما استند إلى مادة في قانون النقابات العمالية تتحدث عن «الانضمام» ولا تتحدث عن «التأسيس» بالنسبة إلى الوزارات، وربما أن النيات سليمة، ولكن سياق ما حدث ليس صحيحا، ذلك لأن القرار يبدو وكأنه تراجع عن الحقوق النقابية التي ضمنها الميثاق والدستور لشعب البحرين، إذ أن من حق كل عامل وموظف الانتماء إلى نقابة تمثله.

والنظام النقابي الذي أخذت به البحرين يعتمد على النقابات التي تتشكل على أساس «محل العمل»، وليس على أساس «الحرفة». ولو كان على أساس «الحرفة»، بمعنى أن «الكهربائيين» مثلا لهم نقابتهم الواحدة بغض النظر عن محل عملهم، لكان بالإمكان منع موظفي وعمال الوزارات لأنهم سيستطيعون الانضمام إلى نقابتهم على أساس الحرفة... أما إذا كان العمل النقابي يقوم على وحدات تتشكل على أساس «محل العمل» فإنه لا وسيلة تتوافر لمن منعهم ديوان الخدمة المدنية حقوقهم النقابية.

فبعد أن تكونت أو بدأت نقابات تتشكل في وزارة الكهرباء ووزارة الصحة وإدارة البريد، شعر البحرينيون بالارتياح، وأنهم ـ بعد نضال استمر منذ العام 1938 ـ بدأوا يحصلون على حقوقهم النقابية. إلا أن تدخل ديوان الخدمة المدنية (وهو وزارة العمل الخاصة بالقطاع العام) أعاد الحوار الذي ظهر على السطح عندما قال أحد المسئولين إن الجمعيات الأهلية لها الحق في أن «تنشغل» بالسياسة ولكن لا يحق لها أن «تشتغل» بها. وكان ذلك الحديث العقيم أثار الشكوك وبعث على إحباطات لا داعي لها.

وفي البحرين لدينا مشكلة، وهي اختلاف السياسات الرسمية تجاه سوق العمل. فالقطاع الخاص لديه وزارة عمل خاصة به، والقطاع العام لديه وزارة خاصة به (يطلق عليها اسم ديوان الخدمة المدنية)، وسوق العمل تعتمد أنظمة طبقية تفرق بين الأشخاص على أساس الأصل والجنسية والفرق بين الطبقات كبير، ما أدى إلى ضياع حقوق كثيرة للمواطنين.

وكانت المبادرة المهمة لجلالة الملك العام الماضي إلى التسريع في إصدار قانون النقابات العمالية فاتحة خير على القطاع العمالي في البلد، إذ حققت تلك المبادرة آمال البحرينيين، وكان الأمل يحدونا في أن يتم إصدار قانون النقابات المهنية لتحويل الجمعيات المهنية إلى نقابات، ويكتمل بذلك العمل النقابي في البلاد.

إلا أنه، وكما صرح رئيس جمعية المحامين عباس هلال فإن كلمة الملك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2001 أمام المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب لم تتم ترجمتها من قبل الهيئات المختصة، ولقد سارعت جمعية المحامين مع جمعيتي الأطباء والمهندسين إلى دراسة مسودة المشروع بقانون للنقابات المهنية وعلقت عليه، إلا أن الجمعيات صدمت عندما علمت أن ملاحظاتها تم تجاهلها وتم اعتماد مشروع آخر يحرم الجمعيات من أهم الجوانب النقابية وهي تنظيم المهنة ومحاسبة أعضاء تلك المهنة.

ومشروع القانون الموجود لدى الحكومة يسعى إلى تغيير اسم الجمعية إلى «نقابة» فقط من دون أن يسمح لتلك الجمعية بالتحول الحقيقي إلى نقابة تمارس نشاطها المهني كما هو متعارف عليه عالميا. ثم إن المشروع الحكومي يحرّم على النقابات العمل السياسي ويعيد طرح موضوع «الانشغال» و«الاشتغال» بالسياسة من دون اعتبار لتجربة الماضي. ولذلك فإن الجمعيات ليست متحمسة لهذا القانون وتدعو إلى اعتماد النسخة التي علقوا عليها. وإذا أضفنا إلى ذلك محاولة وزارة الإعلام تطبيق قانون الصحافة الذي يحرم الصحافة من ممارسة دورها الصحافي الحر ويحرم دور النشر من ممارسة دورها الاعتيادي في الطباعة والنشر، على رغم كل الوعود التي أعطيت إلى الصحافيين بأن القانون سيتم تعديله، إذا أضفنا هذا الموضوع إلى ما يحصل على الجانب النقابي فإننا بلا شك نواجه تحديات لضمان عدم التراجع عن الحقوق التي اكتسبتها التجربة البحرينية منذ التصويت على الميثاق في فبراير/شباط 2001.

والتحديات هذه تتحول إلى مصاعب لأن البرلمان يتباطأ في القيام بدوره، وربما لأن هناك من لا يتناغم مع التوجهات الإصلاحية للقيادة السياسية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 167 - الأربعاء 19 فبراير 2003م الموافق 17 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً