العدد 178 - الأحد 02 مارس 2003م الموافق 28 ذي الحجة 1423هـ

الاختراع الإنساني الأعظم

الوسط - المحرر الثقافي 

تحديث: 12 مايو 2017

إذا كان صحيحا أن أعظم اختراع إنساني بعد العجلة وترويض النار هو المسرح بحسب الرسالة الدولية للمسرح للعام الجاري 2003، والتي كتبها «تانكرد دورست» فإن الأمر يقودنا لطرح عدد لا بأس به من التساؤلات، عن هذا الاختراع العظيم، وموقعه على هذه الجغرافيا... التي يبدو أنها تحاول ابتلاعه والتهامه إلى غير رجعة...

لندع هذه الأسئلة حتى حين، ونقرأ ماذا يقول «دورست»: أمازال المسرح يواكب عصره؟ طوال ألفي سنة مضت عكس المسرح بمرآته صورة العالم وبين موقعنا فيه... لقد جسدت التراجيديات القدر الذي يسير العالم - الكوميديا كانت قد فعلت ذلك بالقدر نفسه - البشر مسيرون، فنحن نرتكب غلطات قاتلة، ننتهج طرقا ضد ظروف حياتنا، إمساكنا بالقوة ضعف لنا. الغش والسذاجة شيمتنا، سعداء بجهلنا وبقدرنا.

ويذكر في كلمته: الناس يقولون إن الحياة اليوم أكبر من أن تستوعبها الوسائل التقليدية للمسرح، وبالتالي لم تعد هناك إمكانية لسرد الحكايات. ناهيك عن الأنواع المختلفة من النصوص والحوارات... لا توجد دراما... ثمة نوع جديد من البشر بدأ يظهر في أفق حياتنا: كائنات يمكن استنساخها من خلال التلاعب بها جينيا وفقا لرغبة أو خطة مسبقة، هذه الكائنات الجديدة المصطنعة، بقدر ما هي مؤهلة، فإنها لن تكون بحاجة إلى المسرح كما نعرفه اليوم، ولن تكون قادرة على فهم طبيعة الصراعات التي تسيرها. غير أننا لا نعرف ما الذي سيجلبه المستقبل لنا.

ويقول دورست: إن الخيار بيدنا لتكريس كل الطاقات والمواهب التي منحت لنا لكي نحتمي من المستقبل الغامض، ومن الحاضر غير المكتمل، الحاضر الجميل والشرير، أحلامنا اللامنطقية وجهودنا العقيمة في آن واحد.

ويقر أن الإمكانات المتاحة لنا وفيرة، فالمسرح فن غير نقي، وفي قدرته على الكذب تكمن طاقته الحيوية. المسرح فن بلا ضمير، ولا يتوانى عن تسخير كل ما يجده في طريقه لمصالحه الخاصة. ويظل يخون مبادئه أبدا، وهو حتما غير محصّن ضد صراعات عصره. إنه يستمد خيالاته من وسائل إعلام أخرى، تارة يتكلم ببطء وأحيانا بسرعة. يتمتم مرة ويغرق في الصمت مرة أخرى. إنه مسرف وعادي في الوقت نفسه، مراوغ، يدمر الحكايات، بينما يقوم بابتكار حكايات جديدة.

ويختم كلمته بالقول: كلي ثقة بأن المسرح سيكون قادرا دوما على أن يكون مفعما بالحياة، طالما نحس بالحاجة لنرى بعضنا بعضا، ونعرف من نحن، ومن يجب أن نكون.

هذه هي الرسالة الدولية للمسرح، وكنا نود لو قامت الجهات العاملة في هذا المجال هنا بصوغ كلمتها الخاصة بالمناسبة، أو حتى بمحاولة تقديم شيء أي شيء - رغم الظروف غير المريحة التي تمر بها المنطقة - باستثناء قلة يؤمنون بأن المسرح قادر فعلا على إحداث شيء، لا يهم تحديد كنهه بالضبط، لكنه قادر على صوغ خطابه الخاص بشكل متجدد، لكن يبدو أنه لا أحد يكترث، وسنضطر عاجلا أم آجلا، إلى تحبير القراطيس بالمراثي التي تنعي وتبكي هذا الاختراع العظيم، طالما أن أصحاب هذه الرسالة من عاملين ونظارة ومسئولين في واد، والكل يغني على ليلاه... والكل متفق على تحميل الآخر مسئولية فشله





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً