العدد 178 - الأحد 02 مارس 2003م الموافق 28 ذي الحجة 1423هـ

مجلس الطلبة... كيف يلعب القرفصاء برجلٍ عرجاء؟

استبشر طلبة جامعة البحرين خيرا، بقرار انشاء مجلس الطلبة الذي يجسد شيئا غير قليل من أحلامهم وامانيهم، ببنيان كيان طلابي ينافح عن حقوقهم ويسعى إلى تحسين أوضاعهم داخل الجامعة، فاعتلت محياهم بسمة عريضة وفرحة كبيرة، الا ان هذه الفرحة - جريا على العادة - لم تكتمل اذ سرعان ما طُعن هذا المجلس في مصرع بعد تقليل صلاحياته الى درجة كبيرة، فأصبح كيانا عاديا، يشبه في تشكيله وصلاحياته الأندية والجمعيات الطلابية التي لها وجود سابق في الجامعة، وتعنى أساسا بالجانب الترفيهي والثقافي.

فكرة انشاء المجلس الطلابي، تعود الى ثلاث سنين على الاقل - ونعني بها هنا الفكرة الوحيدة التي طرقت القنوات الرسمية - فقد توجه ثلاثة طلاب، يملؤهم التفاؤل، ويحذوهم الأمل، في بنيان تجمع طلابي مستقل، يعنى بمشاكل الطلبة وهمومهم، الى مكتب الخدمات الارشادية الذي أوصلهم الى عميدة شئون الطلبة السابقة جيهان العمران، والتي بدورها قامت بتحضير مقابلة مع رئيس الجامعة الاسبق محمد جاسم الغتم. جلس هؤلاء حول الطاولة نفسها التي يجتمع حولها مجلس الأمناء، وتناقشوا بكل صدق مع الرئيس وبعض الاعمدة الذين كانوا حاضرين. طرحت الافكار ونوقشت، واحتدم النقاش حتى صار جدلا عقيما، وعلى اثر ذلك ترك الرئيس الاجتماع، وأقفل عائدا الى مكتبه؛ لأن اختلافا وقع على الآليات التي طرحها الطلبة في تشكيل المجلس، والتي تقوم على الانتخاب الحر المباشر لأعضاء المجلس. وقد طرحت الجامعة آنذاك أن يكون رؤساء جمعيات الكليات والاندية الجامعية رؤساء على هذا المشروع أيضا، على رغم أن معظمهم تم تعيينهم من قبل الجامعة أو من خلال تزكية الإدارة. ومع مغادرة الرئيس للاجتماع انتهى الحلم، واستيقظ المتقدمون بالمشروع من سباتهم، وكاتب هذه السطور شاهد على ما جرى.

خفتت الاصوات برهة، ثم عاد الموضوع إلى الواجهة، بعد أن وافقت الجامعة على قيام كيان طلابي يسمى «مجلس الطلبة»، تكون لها اليد الطولى في التحكم به، وقد قلصت صلاحياته الى أقصى درجة، حتى أصبح مجلسا قاصرا، يحتاج إلى رعاية أبوية دائمة...!

من المعروف أن الكيانات الطلابية في الدول الديمقراطية تنتخب بطريقة حرة، نزيهة، بعيدا عن التأثيرات الرسمية، والوصاية الابوية، لان هذا الكيان سيكون واجهة الطلبة لا الادارة الجامعية، وان أي تدخل مهما كان شكله، يعني مشاركة هذه الادارة الطلبة في حقهم الانتخابي، وفي شئونهم الخاصة. فالمجلس الطلابي بوصفه كيانا، يعتبر من المؤسسات التشريعية على مستوى الجامعة، ان كانت لديه الصلاحية، لذلك فإن عدم تدخل السلطة التنفيذية (ادارة الجامعة) في طريقة عمله من الأمور البديهية، واطلاق يده داخل الجامعة، لكي يعمل لصالح الطلبة من دون عوائق، وفق القوانين والاطر الرسمية هي أساس قيامه. وهذا الامر لا يعد شيئا منكرا، او بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، خصوصا مع توجه البلاد الى دخول حقبة جديدة في سبيل اطلاق الحريات ودعم العمل المؤسساتي، وعليه يجب أن يكون سعي الجامعة وراء ترسيخ هذا المفهوم لا تأطيره.

قبل كل شيء، علينا أن نبني قانونا ينظم العمل الطلابي (دستور) داخل وخارج الحرم الجامعي، يوضح ماهية حقوق الطلبة ويبين واجباتهم، ويسير العمل وفق القوانين والأنظمة المنصوص عليها، وهذا ما يفتقده مجلس الطلبة، ونحن الى الآن لم نرَ ذلك القانون، ولا نعرف أصلا صلاحيات هذا المجلس، وربما ترك غياب القانون المكتوب، أو عدم تعريف الطلبة به، مساحة يلعب بها من شاء، من دون الخوف من المحاسبة.

كثير من الطلبة اليوم غير راضين عن أداء المجلس في الفترة الماضية، وخصوصا أنهم لم يروا منه الشيء الكثير، وليس أدل على ذلك، محاولة غير قليل من الطلاب، انشاء كيان طلابي أقوى وأشمل «الاتحاد الطلابي» إذ يسعون الآن إلى تحريك ملفه، لعلهم يخرجون بالمشروع الى النور، وان حصل، فإن ذلك سيشكل ضربة لمجلس الطلبة، فكما هو متوقع، سيسعى الجميع إلى إنجاح المشروع الذي يرون فيه صدقية أكثر، وقدرة أكبر على تحويل الاقوال إلى أفعال.

نصيحة أقدمها للقائمين على مجلس الطلبة، قبل أن يجدوا أنفسهم ضد التيار الذي سيجرفهم لا محالة، عليكم انقاذ مشروعكم الرضيع، الذي وافقتم على الانخراط فيه من دون الالتفات الى الاصوات الأخرى التي نادت بضرورة التريث والنظر إلى الفكرة بعيدا عن العواطف، عليكم البحث عما ينقذ الغريق، والا أصبح في عداد الأموات...!

وصدق من قال «فقدان البارود حوّل البندقية إلى عصا»

البحرين - علي ربيع

العدد 178 - الأحد 02 مارس 2003م الموافق 28 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً