العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ

مرهون: على المعارضة أن تغادر موقف المتفرج وتعضِّد النّواب

ندوة «المنبر» تفتح ملفات... ولا تتحدث عن إنجاز

شهدت ندوة «المنبر» التي عُقِدَتْ حديثا تجاذبا أشبه بالهواجس الفعلية بعد مضي 4 أشهر على التجربة البرلمانية الحالية، وقد برز هذا التجاذب واضحا في كلام النائب الأول عبدالهادي مرهون، في الندوة التي أخذت اسم «التجاوب المطلوب بين الناس ومجلس النواب»، إذ دعا المعارضة «المقاطعين» إلى عدم الوقوف موقف المتفرج من البرلمان، ومحاولة مد يد العون له، ليستطيع طرق الملفات التي تهم الناس، معتبرا المسألة الدستورية من أولى أولياته وبعض النواب الآخرين، «فعلى رغم قبولنا بالوضع الدستوري الحالي، فنحن نقر بنقصه، لكننا ارتضينا أن نقبل به من أجل التحرك من خلاله، وليس رضا به أو بالنقص الموجود فيه، لنقطع شوطا ونغادر نقطة البداية».

وبدا مرهون مستعرضا لما أثاره وبعض النواب من قضايا، أكثر من حديثه عن إنجاز داخل المجلس «فنحن لا نتكلم عن إنجاز، ومجرد رفع الصوت يعد أمرا مهما في ظل عدم قدرتنا على الحديث طوال 28 سنة في عهد قانون أمن الدولة»، داعيا الجمعيات السياسية والنقابات والشخصيات المؤثرة إلى مساعدتهم على تكوين ملفات متكاملة لطرحها على المجلس، كاشفا عن نية مجموعة من النواب استجواب واحد من ثلاثة وزراء بعد جمع ملفات ومعلومات وحقائق تتعلق بوزاراتهم.

وبدأ النائب مرهون حديثه بتمجيد الحركات السياسية التي طالبت بحقوق الناس، مثل انتفاضة الغواصين في الثلاثينات، وانتفاضة مارس/آذار العام 1965، معتبرا أن حركة هيئة الاتحاد الوطني العام 56 هي التي مهدت لمرحلة العمل السياسي في المجلس الوطني، وأسست لوعي نضالي وسياسي مشرف يفخر شعب البحرين بتذكره، وخصوصا أن مطالب الهيئة كانت تتركز على ضرورة الاستقلال الوطني والسياسي الناجز، والمطالب الحياتية للناس.

وأوضح أن شعب البحرين عاش نكسة سياسية لمدة 28 عاما بعد إلغاء الدستور، تخللتها حركات ومطالب شعبية، كانت أطولها وأكثرها نفسا انتفاضة التسعينات، اذ طالبت بتفعيل الدستور، ومشاركة شعبية واسعة في صنع القرار، وقدمت من أجل ذلك أفضل أبنائها شهداء، وتوجت بحركة إصلاحية نأمل أن تكون حققت جزءا من نضالات شعبنا، داعيا إلى تكاتف الجميع (نقابات، وجمعيات سياسية، ومجالس بلدية)، من أجل حفظ هذه المكتسبات.

ضرورة المراجعة النقدية

وأشار مرهون إلى ضرورة المراجعة النقدية لمجلس النواب منذ أن بدأ قبل 4 أشهر، وذلك بمراجعة أدواته ووسائل عمله، والموضوعات التي طرحها، والآمال التي يريد تحقيقها. موضحا أن المرحلة البرلمانية شهدت جرأة في عرض قضايا الناس وهمومهم، على عكس مرحلة قانون أمن الدولة، التي لم يكن الحديث فيها عن قضايا الناس إلا بتغليف الكلمات.

ولفت المتحدث في ندوة «المنبر» إلى أن التعديلات الدستورية ساهمت في إحداث إرباك واضح في الحياة السياسية، إذ أثيرت الكثير من النقاط القانونية عليها، ملمحا إلى دور بعض الأطراف السياسية من أصحاب القرار في صنع هذا الإرباك، من خلال إصرارها على هذه التعديلات، ما شكل تجاذبا بين الأطراف السياسية، وكاد أن يحدث تراجعا. مضيفا: «أعدكم بأن تكون المسألة الدستورية من صلب عملي في البرلمان، فنحن نقر بنقصان هذه التجربة، وبالدستور الذي عرض علينا، وارتضينا أن نقبل به مجبرين، ليس رضا به أو بالنقص الموجود فيه، وإنما من أجل التحرك من خلاله، لنقطع شوطا نستطيع من خلاله مغادرة منطقة البداية، فالعمل السياسي يجب أن يتحرك، والموقف لا يتحمل الوقوف عند المسألة الدستورية، بل يجب أن نطرح القضايا التي تهم الناس».

وعلى رغم عدم حديثه عن إنجاز لمجلس النواب، فإنه أجمل مجموعة من المطالب التي تمت إثارتها داخل المجلس، مؤكدا ضرورة تشكيل ملفات حقيقية لتطرح في جلسات البرلمان، إذ ذكر أنه وبعض النواب، قاموا بطرح مسألة التجنيس العشوائي، واصفا إياه بأنه «تجاوز الكثير من الأعراف والقوانين، وقد استطعنا أن نجعل منه همّا مطلبيا يوميا يمكن إثارته والحديث عنه بجرأة».

وأضاف: «كما أثرنا مسألة التعيينات الإدارية، التي تأخذ المنحى السياسي، في المؤسسات العامة والخاصة، وخصوصا في المؤسسات العسكرية، ولا تراعي الحقوق الدستورية للشعب، التي تنص على المساواة وتكافؤ الفرص»، متمنيا أن تصل هذه المشكلة إلى قيمة موضوعية تسهم في حلها في نهاية الأمر.

وضمن إثارات النواب، أشار مرهون إلى ملف الفساد في البلد، مؤكدا أنه أصبح محل تندر لكثرة ما أصبح مكشوفا وواضحا للعيان، معتبرا إياه أنه من أهم معوقات التنمية، داعيا إلى الإشارة إلى أسماء المفسدين ومحاسبتهم. موضحا بأن أحد الملفات الكبرى للفساد، ما أثير في مجلس النواب أخيراَ بخصوص موضوع المناقصات، واستملاك الأراضي بغير وجه حق.

اللائحة الداخلية

وبخصوص اللائحة الداخلية، صرح مرهون بأنها منجزة الآن، وستقدم إلى مجلس النواب ليصدق عليها في الجلسات المقبلة، معتبراص أن إنجاز اللائحة الداخلية يضاهي في أهميته التعديلات الدستورية، لأنه سيجعل مجلس النواب مؤثرا وفاعلا في الحياة السياسية.

وبخصوص البطالة، شدد مرهون على ضرورة تكوين ملفات متكاملة لهذه القضية، لتوجه بصورة منهجية من خلال وسائل الإعلام والتواصل مع دوائر القرار، لتطرح على أعلى المستويات، مؤكدا أنهم يتعاملون بجدية مع القضايا العمالية، من خلال التنسيق المستمر مع النقابات العمالية، كما هي الحال في مشكلة موظفي «بتلكو» التي تعتزم الشركة تسريحهم، رافضا أن تنتقص حقوقهم، وأن يكونوا ضحية لقرارات إدارية من دون تعويض مجز لهم.

كما نوه مرهون بالدور الذي لعبه بعض نواب المجلس في التصدي للمعالجة السيئة لقضية حوادث رأس السنة في شارع المعارض، مؤكدا أنه لولا هذا التصدي لتسييس هذه القضية، ومحاولة إلقاء التهمة على جهات معارضة، لتمكنت من أن تفسد حياتنا السياسية، والسلم الاجتماعي والأهلي، مثمنا في الوقت نفسه العفو الملكي الأخير الذي أصدره جلالة الملك عن المتهمين في شارع المعارض، مضيفا: «فقد أسعدنا كثيرا، ووضع حدا لهذه الاتهامات التي أربكت المجتمع، وأعطاها حجمها الطبيعي».

وللمفقودين وقفة

وبخصوص قضية المفقودين، كشف مرهون أن المجلس استطاع أن يجعل من قضية المفقودين الاثني عشر قضية مجتمع بعد أن كانت قضية عائلة خاصة، إذ تمت إثارتها على أعلى المستويات، فأثمرت تحركا من قبل وزارة الخارجية لحل هذا الملف، مبديا رغبته في الوصول إلى نتيجة ولو جزئية.

وضمن إنجازات المجلس ـ كما يرى المتحدث ـ لفت إلى أنه وبعض النواب طالبوا بإلغاء ذكر المذهب في استمارة العمل في مؤسسة الجيش والشرطة، حتى تتحقق العدالة بين الجميع، مؤكدا أنه طالب وبعض النواب بإلغاء شهادة حسن السير والسلوك التي تعطيها وزارة الداخلية لطالب العمل ليوظف في وزارات الدولة، مشيرا إلى أنهم سعداء بالنتيجة التي توصلوا إليها مع وزارة الداخلية في هذا الصدد، ولكنه لفت إلى أن القضية حلت بأسلوب غير ودّي من خلال تكثيف المطالبة بإلغاء هذه الشهادة.وعلى صعيد القرض الحكومي، أكد مرهون أنه غير مستعد لتوقيع قرض لا يعلم في أي شيء سيصرف، لأن ذلك سيرهق الشعب بأعباء اقتصادية إضافية، داعيا الحكومة إلى تقديم معلومات تفصيلية عن القرض، ليتمكن النواب من إقراره، مشددا على ضرورة أن يحقق هذا القرض عائدا لحل مشكلة البطالة.

كما دعا الجمعيات والفعاليات السياسية كافة إلى تعضيد دور النواب، ومغادرة موقف المتفرج، «لأن ذلك يجعلنا نبتعد عن منزلقات الفترة السابقة، والمراحل الظلامية التي لا نذكر فيها إلا البؤس والشقاء» على حد تعبيره.

وكشف مرهون، عن وجود تكتل يُشَكّل هذه الأيام بين مجموعة من النواب، ربما يكون فاعلا ومؤثرا في الحياة النيابية، بصورة تبتعد عن الفردية التي بدأنا بها تجربتنا في الحياة البرلمانية، مضيفا: «وهذا أمر لا يطول». وأكد أن النواب بصدد طرق مجالات العمل البرلماني، وهم يقومون الآن بالتحضير لاستجواب واحد من ثلاثة وزراء كبار، من خلال جمع المعلومات والوثائق التي تتعلق بوزارتهم.

وداخل عضو جمعية «الوفاق» أحمد التحو، فشدد على عدم القسوة على النواب، «فليس كل النواب ملائكة، وليس كل أعضاء الشورى شياطين» معتبرا أن المسألة الدستورية صعبة الحل، مؤكدا أن المحبطين في الشارع غير قليلين، وهذا لا يدعو إلى التفاؤل ـ على حد تعبيره ـ فالناس يحسون بعدم الثقة بالمجلس نتيجة وجود بعض المتنفذين داخل المجلسين (الشورى والنواب)، داعيا النائبين مرهون وسلمان إلى التنسيق مع الجمعيات السياسية للوصول إلى صيغ مشتركة حيال الكثير من القضايا.

احتكاك النواب بالجمعيات السياسية

وفي رده على مداخلة التحو، أكد النائب مرهون أنه وسلمان على اتصال مستمر بالفعاليات السياسية، وقد التقيا رئيس جمعية «الوفاق» الشيخ علي سلمان، ورئيس جمعية «الإصلاح» الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة، ملفتا إلى أن احتكاك النواب بالجمعيات السياسية هو احتكاك يومي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن القضية الدستورية هي محل اتفاق مختلف الأطياف في البرلمان، لكنهم مختلفون على توقيت طرحها.

وعن سؤال لـ «الوسط» ما إذا كان مجلس النواب يستطيع فعل شيء غير رفع الصوت . كما عبر عن ذلك أحد الرموز ـ أجاب مرهون:

«إن رفع الصوت عاليا له قيمة عالية، لأننا عشنا طوال ثلاثين سنة ساكتين، وقد أنجزنا اللائحة الداخلية، وفي قيمتها لا تقل عن التعديلات الدستورية، لأنها ستجعل المجلس مؤثرا وفاعلا في الحياة السياسية، ليس من خلال الإثارة الصحافية، وأدنى شيء نستطيع فعله هو رفع الصوت عاليا». من جانبه داخل النائب عبدالنبي سلمان، فأكد أن القضية الدستورية قضية محورية، وسيتم طرحها في الوقت المناسب، إلا أنه ومن خلال وجودنا مع الناس في الساحة لمسنا أنها لا تمثل همّ الناس الأول، فهمّ الناس في تدني مستوى الأجور، الهم المعيشي بشكل أكبر، في حين تبقى المسألة الدستورية على أهميتها قضية النخبة. ونحن في البرلمان نراعي القضايا الملحة، كقضية المفصولين من «بتلكو» وغيرها من القضايا المعيشية المهمة. مؤكدا ضرورة تنسيق المواقف بين البرلمان والجمعيات السياسية، ومؤسسات المجتمع المدني من نقابات وغيرها، مستشهدا بكلام للشيخ علي سلمان في جلسة خاصة جمعته معه، عن ضرورة تكامل الأدوار بين خارج وداخل المجلس. وكشف سلمان عن نية مجموعة من النواب طرح مقترح بقانون تنظيم الحياة السياسية (قانون الأحزاب)، مشيرا إلى قدرة النواب على المناورة في طرح هذا القانون وخصوصا مع وجود إشارات من الملك بدعم هذه المشروع.

كما أعلن استعداد مجموعة من النواب لطرح موضوع التمييز بقوة، فهذا القانون غير المكتوب هو أكثر القوانين تطبيقا ويجب أن يحارب، على حد تعبيره

العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً