العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ

خبراء ألمان في القانون الدولي يدحضون أقاويل بوش

دور شرودر السري

لكن مجموعة كبيرة من دول العالم وخبراء في القانون الدولي يرون في حرب الخليج الثالثة خرقا فاضحا للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان. ويعتبرون أن هذه الحرب عدوان ضد الشعب العراقي ستكون له نتائج وخيمة بالنسبة الى الدول المنضوية تحت مظلة التحالف الأميركي/البريطاني. وعلى رغم معارضة المستشار الألماني جيرهارد شرودر للحرب في العلن، فإنه وعد الأميركيين وحلف شمال الأطلسي في حال الحرب بتقديم مساعدات لوجستية لهم تتمثل في حماية القواعد الأميركية في ألمانيا واستخدام الأجواء الألمانية والقواعد العسكرية ووضع طائرات التجسس (أواكس) بطياريها وفنييها الألمان تحت تصرفهم لحماية الأجواء التركية. ويقول خبراء عسكريون إنه بوسع طائرات أواكس التعرف على مواقع عسكرية داخل الأراضي العراقية ونقل هذه المعلومات إلى الطيارين الأميركيين للإغارة عليها ما يعني مشاركة ألمانيا في الحرب على رغم الموقف الرسمي المناهض لها.

وذكر مكتب المدعي العام الفيدرالي كاي نيهم أن مجموعة من المواطنين الألمان تقدموا بشكاوى طلبا للتحقيق مع المستشار شرودر وعدد من وزرائه بسبب اتهامهم بالتحضير سرا للحرب من دون الأخذ بموافقة البرلمان الاتحادي. وإذا كان هناك دور سري للحكومة الألمانية فموقف الاتحاد المسيحي المعارض واضح بالإشارة إلى ما أعلنته زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض أنجيلا ميركل أمام البرلمان للمرة الثانية خلال يومين، وقالت إنها تؤيد الولايات المتحدة الأميركية. وقال خبير القانون الدولي في جامعة مدينة أوغسبورغ البافارية كريستوف فيدر: ستشارك بولندا بنحو مئتي جندي في الحرب، وهذه الخطوة تعتبر خرقا واضحا لشروط الانتساب إلى الاتحاد الأوروبي، ما يحول دون حصولها على العضوية. هذه مشكلة معقدة للاتحاد الأوروبي تتعلق إلى حد كبير بصدقيته. فقد اشترطت القمة الأوروبية المنعقدة في كوبنهاغن العام 1997 أن تحترم الدول المرشحة للعضوية القوانين الدولية ومبدأ حل النزاعات بالسبل السلمية. ولجأ الأوروبيون إلى هذا الشرط منعا لضم عاجل لدولة غير مرغوب بها في الاتحاد الأوروبي بالنظر إلى استمرار الأزمة الكردية. ويعتمد هذا الخبير الألماني في شكواه على القانون الدولي الحديث والذي يقوم على قاعدة حظر تام لاستخدام القوة العسكرية في النزاعات إذعانا لما ورد في ميثاق الأمم المتحدة التي تطالب الدول الأعضاء بالتخلي عن العنف وتسمح باستخدام القوة العسكرية فقط في حالتين: الدفاع عن النفس أو بتكليف من قبل مجلس الأمن الدولي لهدف إحلال الأمن والسلام حتى باستخدام القوة العسكرية إذا تطلب الأمر كما حصل في حرب الخليج الثانية العام 1991 وفي حرب كوسوفو لاحقا. وقال أستاذ القانون الدولي في جامعة فرايبورج ديتريش مورسفييك إن هذه الحرب ليست موجهة فقط ضد العراق وإنما أيضا ضد القوانين الدولية وهدم النظام العالمي.

حق مهاجمة الدول الاخرى

يرى بعض الخبراء أن الولايات المتحدة وبريطانيا تسيئان إلى الأمم المتحدة بالإشارة إلى أن حربهما وقائية ودفاعا عن النفس. ويبدو أن واشنطن ولندن أخذتا بوجهة نظر إسرائيل التي شجعت واشنطن بعد هجمات سبتمبر 2001 على القيام بحروب وقائية ضد مجموعة من الدول وفي مقدمتها العراق. ويعتقد بعض المراقبين في برلين أن التحالف الأميركي/البريطاني سيفكر بعد الحرب بالتخطيط لحرب جديدة قد تستهدف إيران أو سورية. وكانت الدول الغربية قد التزمت الصمت حين شنت «إسرائيل» عدوانها على الدول العربية في يونيو/حزيران العام 1967 واعتبرت أنها حرب وقائية. لكن الولايات المتحدة ذهبت إلى حد أبعد، إذ تقول إنها تحتفظ لنفسها بحق القيام بحروب وقائية ومهاجمة دول ترى أنها تهدد مصالحها الأمنية والقومية أو لمجرد أنها تشعر بخطورتها. ويرى مورسفييك في انفراد الولايات المتحدة بترجمة مستقلة للقانون الدولي والسماح لنفسها القيام بحروب وقائية خطوة مناهضة للمساواة بين دول العالم أمام القوانين الدولية ورأى أنه من الضروري الاحتجاج على هذه الحرب والمطالبة بوقفها.

يؤيد غالبية خبراء القانون الدولي رأي مورسفييك ويرون خطر انتشار ظاهرة ما يسمونه (عنف الدولة) وتعريض أمن مجموعة من دول العالم إلى الخطر. هذا ما يؤكده مدير مؤسسة ماكس بلانك لبحوث القانون الدولي روديغر وولفروم في دراسة وضعها عن الأزمة العراقية، ذكر فيها أن مجلس الأمن الدولي أدان في العام 1981 الاعتداء الذي نفذته إسرائيل على مفاعل عسيراك العراقي وأن الولايات المتحدة صوتت في ذلك الوقت لصالح القرار. ويدحض فيدر ما ذكره بوش حين اعتمد على ما نصت عليه قرارات دولية في السابق على وجود حق لأميركا بالتدخل العسكري وأشار إلى القرار رقم 678 الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 1990 والذي دعا إلى إخراج القوات العراقية من الكويت. ثم إلى القرار رقم 687 الصادر في أبريل/نيسان العام 1991 الذي دعا إلى وقف إطلاق النار وتعهد العراق بالخضوع إلى مراقبة دولية لنزع الأسلحة. فيما أخرجت واشنطن القرار رقم 678 من ملف الأزمة العراقية مستندة إليه لتبرير حرب الخليج الثالثة، يرى فيدر أن القرار رقم 678 صدر لهدف تحرير الكويت وقد تم ذلك لكنه يفتقد إلى الشرعية ولا يجيز استخدام القوة العسكرية مجددا ضد العراق الأمر الذي يعتبر عدوانا واضحا يمنح العراق الحق في الدفاع عن النفس.

كما يجمع غالبية خبراء القانون الدولي على أن القرار الدولي رقم 1441 الصادر في نوفمبر العام 2002 الذي يفرض على العراق التعاون مع المفتشين الدوليين والتهديد بعواقب وخيمة إذا لم يتم تنفيذه بالكامل، فإن هذا القرار أيضا لا يعطي الولايات المتحدة حق استخدام القوة العسكرية

العدد 197 - الجمعة 21 مارس 2003م الموافق 17 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً