أثارت قضية ازدواجية العضوية في جمعيتين تمارسان النشاط نفسه، لغطا شديدا منذ بداية الحركة الإصلاحية في البحرين، وتكوين الجمعيات السياسية تحت عنوان جمعيات النفع العام، فبين من لم يرَ ضيرا في ازدواجية العضوية في الجمعيات السياسية في ظل عدم وجود قانون ينظم العمل الحزبي، رأى البعض الآخر عدم استخدام القانون للتغطية على الانتماء الحزبي والسياسي، معتقدا بأن هذا الأسلوب قد يؤدي إلى الازدواجية السياسية، مطالبا في الوقت نفسه بحسم المسألة مبكرا.
وجاء عدم تصويت عمومية «الوفاق» في اجتماعها الأخير على استثناء بعض الأعضاء المؤسسين ممن هم أعضاء في جمعية «العمل الإسلامي» مثل رئيس المجلس البلدي بمحافظة العاصمة مرتضى بدر، وعضو اللجنة السياسية زهراء مرادي، ليفجر الجدل من جديد عن هذا الموضوع، إذ اعتقد البعض أن لهذه المسألة خصوصية نتيجة المحاولات المبذولة من الأعضاء المنتمين لـ «الوفاق» و«العمل الإسلامي» لتقريب وجهات النظر بين الجمعيتين أملا في دمج الجمعيتين مستقبلا، ما جعل عدم استثناء عمومية «الوفاق» لهؤلاء الأعضاء بمثابة قطع الطريق على محاولات التقريب، بحسب الأعضاء أنفسهم.
إلى ذلك، أوضح عضو جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي محسن مرهون، أنه كان عضوا مؤسسا في جمعية العمل الديمقراطي، إلا أنه اعتبر نفسه غير منتم لجمعية العمل الديمقراطي الآن، ولا تربطه أية صلة بها إلا من خلال دائرة التنسيق بين الجمعيات، ملفتا إلى أن قانون الجمعيات الحالي يجيز ازدواجية العضوية في جمعيتين متماثلتين في العمل، «إلا أنه من الناحية الأدبية، نحن أحزاب، ولنا خطوط سياسية مختلفة، وازدواجية العضوية هي بمثابة ازدواجية سياسية، فأنا عضو مؤسس وفعال في المنبر التقدمي الديمقراطي (...) واستغلال الجانب القانوني و(التحجج) به يخالف ما عليه العضو في الواقع السياسي، وينبغي عليه أن يحدد موقفه بشكل حاسم من انتمائه السياسي».
إلا أن رئيس جمعية المنبر التقدمي السابق، والعضو المؤسس لجمعية العمل الديمقراطي أحمد الذوادي، أشار إلى عدم وجود إشكال في ازدواجية العضوية بين جمعيتين متماثلتين للعضو العادي، إذا كان العضو يرى في نفسه الطاقة على العطاء في موقعين مختلفين في سماح قانون الجمعيات بذلك، لكنه أشكل على الأعضاء المنتمين إلى مجلس إدارة جمعية ما أن يكونوا أعضاء في جمعية أخرى، مؤكدا أن العضو يمتلك خياره ببقائه في جمعيتين وقت التأسيس، ولكن هذا يرجع للجمعية العمومية بعد الدورة الأولى، كما لفت إلى أنه لم يحضر إلا اجتماعين لجمعية العمل الديمقراطي قبل التأسيس، وأنه لا يمكن أن يحسب على جمعية «العمل».
من جانبه، قال رئيس مجلس بلدي العاصمة، وأحد الأعضاء المؤسسين لـ «الوفاق» مرتضى بدر، وعضو جمعية العمل الإسلامي «يجب أن يعرف أعضاء (الوفاق) أن جمعية العمل الإسلامي قبل التأسيس قدمت دعما كبيرا لـ (الوفاق) أثناء تأسيسها من خلال بعض كوادرها الذين انضموا إلى (الوفاق) أول الأمر»، مضيفا بأن هذه الكوادر كان لها دور فعال وأساسي في تدعيم القواعد الأساسية والهيكلية والإدارية والمالية والسياسية والإعلامية لـ «الوفاق»، مؤكدا أن تقديم استقالتهم من «الوفاق» في هذه المرحلة بالذات ستعد خسارة كبيرة للجمعية.
ولفت بدر إلى أن عدد الأعضاء الذين يحملون عضوية مزدوجة من المؤسسين هم خمسة، ممثلين بثلاثة رجال وامرأتين، كانوا من أنشط كوادر «الوفاق»، وساهموا في تقريب وجهات النظر بين تيارها و«العمل»، لأنهم كانوا من التيار الوسطي في جمعية العمل الإسلامي «الجبهة الإسلامية»، معتبرا أن انضمامهم لـ «الوفاق» لكونها بما فيه الكفاية من منهجهم، وأنهم نجحوا في استراتيجيتهم للتقريب بين التيارين من خلال وسطيتهم.
إلا أنه أشار إلى أنه سيحترم رأي الغالبية، وسيبقى في «الوفاق» من دون أن يضر بانتمائه المعنوي لخط «العمل»، «فالجمعيتان بحاجة لنا، وأنا على يقين أن وضع الجمعيتين لن يتأثر، وستنظر (العمل) للمسألة على أنها تنظيم إداري لا غير».
ونبه بدر إلى أن الأعضاء الخمسة كانوا يعملون جنودا مجهولين في «الوفاق»، «ولم نكن نظهر أننا في جمعية أخرى بغية الحفاظ على كيان (الوفاق)... لو دعانا الشيخ علي سلمان إلى المنصة، ورآنا الحضور لتغيرت نتيجة التصويت، لأن غالب الأعضاء لم تكن لديهم خلفية عن الموضوع، ومن هم الأعضاء المستثنون المقصودون».
إلا أن زهراء مرادي وهي عضو مؤسس في «الوفاق»، وعضو في اللجنة السياسية، بالإضافة إلى عضويتها في «العمل الإسلامي» أكدت أنه إذا تم تخييرها بين الجمعيتين، فستختار «العمل الإسلامي»، والعكس صحيح، «لأن هذا نفس إقصائي» على حد تعبيرها، مضيفة: «كنت أستبعد أن أخير بين الجمعيتين، وكنت أعتقد أن بإمكاني أن أبقى في الوفاق لعشرين سنة مقبلة لأن نفسي وفاقية، وكنت أتمنى بدل توسع (الوفاق) مناطقيا أن تسعى إلى دمج الجمعيتين لتوحيد جميع الخطوط، أما الآن فالكرة في ملعب مجلس الإدارة الذي سيعقد اجتماعا استثنائيا لمناقشة هذا الأمر»، متسائلة «ما الجدوى من هذا الاجتماع ما دامت الجمعية قد اختارت عدم بقائنا؟».
ونبهت مرادي أن مشكلة ازدواجية العضوية تنسحب على الأعضاء والعضوات في جمعيتي «التوعية» و«المستقبل» وغيرهما من الجمعيات المحكومة بقانون جمعيات النفع العام، فإذا تم رفض التعديلات التي أجريت على النظام الأساسي لـ «الوفاق» من قبل وزارة العمل، التي تحدد الهوية السياسية للجمعية، فستقع «الوفاق» في إشكال مع الأعضاء في «التوعية» و«المستقبل» أيضا، مضيفة بأن «الأعضاء قد تقلصوا بسبب عدم قدرة الجمعية على استقطاب الكفاءات، وهذا مؤشر خطير يجب على (الوفاق) أن تنتبه إليه»
العدد 203 - الخميس 27 مارس 2003م الموافق 23 محرم 1424هـ