العدد 211 - الجمعة 04 أبريل 2003م الموافق 01 صفر 1424هـ

الدول العربية ضحايا المصالح الأميركية

الحوادث الحالية تنقلنا إلى التفكير وبشكل مباشر في الأسلحة ذات الدمار الشامل كالقنبلة الذرية والأسلحة البيولوجية والكيماوية، وهذه نقلة تغيرت معها مفاهيمنا واهتماماتنا عن شيء اسمه (حرب عدوانية) حتى لو كانت بعيدة المسافة، وخصوصا الإنسان البحريني تعود على أن يتحاشى السفر إلى الدول التي يمكن أن تكون فيها مشكلات، وهو بالتأكيد إنسان مسالم ويدرك أن الحرب دمار لا يستفيد منها أي إنسان سوى الدمار الذي حل بأرض المسلمين. وما حدث ويحدث الآن يؤثر بشكل أو بآخر على أحلام الناس ومشروعاتهم من أصغر طفل إلى أكبر اقتصادي وأعلى مستوى سياسي!!!

لماذا الحرب على العراق؟

العراق هو أحد الدول العربية الخليجية ذو موقع استراتيجي وثروات متعددة كآبار النفط والغاز والزراعة ووفرة المياه العذبة... إلخ. والعراق كان عاصمة الخلافة الإسلامية ومنارة الحضارة الإنسانية ومركزا للإشعاع الفكري والإسلامي لكل العالم، ويتمتع بشعب واعٍ مثقف على رغم كل الظروف والحروب التي مرّ بها عبر التاريخ، ومروره بتجارب الحروب الكثيرة أثّر على اقتصاده والمستوى الاجتماعي لشعبه، وجعل من العراق محط أنظار الطامعين وخصوصا الدول العظمى طمعا في احتلال مثل هذه الدول الاستراتيجية وذات الثروة النفطية. لقد فتح لهم صدام المجال في العام 1991 عندما هجم على دولة شقيقة (الكويت) بطريقة بربرية ما اضطرها إلى اللجوء إلى الأمم المتحدة لتحريرها متمثلة في أميركا، وأميركا الآن على قناعة بان صدام لديه أسلحة الدمار الشامل مع انها لم تحظَ بدليل واحد على وجود هذه الأسلحة. هل فكرنا جميعا لماذا هي متأكدة إلى هذه الدرجة؟ لأنها هي التي قامت بتزويده بالمواد التي تحتاج اليها هذه الأسلحة، ومدت اليه يد العون في الحرب على إيران العام 1980 حتى تشعل نار الحرب والدمار بين الدول الإسلامية وهي في الأصل لم تساعد الكويت لأجل الإنسانية، ولكنها جاءت لاستغلال آبار النفط الكويتية والعراقية معا.

ترويض العالم بالحرب الصهيونية

إطلاق الصواريخ على المدنيين والأطفال الأبرياء هو منتهى العجز والتخطيط والارهاب لأن ضرب المدنيين كما هو معروف لدى العسكريين لا يؤدي إلى أي انتصار عسكري ولا يمكن أن يساعد على تحقيق أي تغيير في مسار العمليات الحربية داخل مسرح المعركة، والمعروف ان خطط أميركا وبريطانيا في ضرب العراق تغيرت لأنهم نزلوا في الصحراء وكانوا يتوقعون ان القوات العراقية ستنازلهم في الصحراء غير مدركين ان العراق دخل حروبا كثيرة وهو على علم بالخطط العسكرية، وريثما يظهر الجنود في الصحراء سيحصدهم القصف الجوي، لكن الرئيس الأميركي وعلى رغم معرفته بهذه الحقائق مازال لا يتوانى عن ضرب الأحياء السكنية العراقية والمدنيين الأبرياء بصواريخه العشوائية ليثبت للعالم من جديد أن الحرب المشتعلة الآن من أجل تحرير العراق وهي الطريقة الوحيدة المثلى لتحقيق السلام والديمقراطية بحسب المصلحة الأميركية والأمن والأمان في المنطقة والعالم وتوسع الهيمنة الأميركية ـ الإسرائيلية على دول العالم وتحقيق غاياتهم السياسية سريعا غير عابىء بالآراء الدولية الكثيرة لانه يمتلك حق النقض (الفيتو)، وتعتبر أميركا حربها ضد العراق حربا شرعية ودفاعا عن النفس وخصوصا بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 والتي هزت الولايات المتحدة باعتبارها قوة عظمى وثارت ثائرة في الأوساط الأميركية آنذاك، ووجهت التهم إلى الفلسطينيين والدول العربية والإسلامية، واستغلت «إسرائيل» الحوادث وراحت تحث أميركا على ضرب الإسلاميين لكي تخفف عن نفسها وتواصل أعمالها الارهابية ضد الشعب الفلسطيني وتبعد الأضواء عنها وهي تتحرك باتجاه الحرب كمهاجمة لبنان، سورية وإيران وغيرها من الدول العربية والإسلامية من أجل تحقيق مصالحها، فهل سننتظر حتى تداهم قواتهم حدود باقي الدول العربية؟ اللافت للأنظار ان الرئيس الأميركي بعد أن أعطى أوامره ببدء حربه ضد شعب العراق فاجأ الشعب الفلسطيني بمسرحيته الهزلية «خريطة الطريق» تمهيدا لحل قضيتهم حلا أميركيا ـ إسرائيليا بعد أن ينتهي من احتلال العراق؟

رئيس وزراء «إسرائيل» ووزارة الدفاع مع مؤيدي «إسرائيل» في البيت الأبيض هم الذين خططوا لشن هذه الحرب العدوانية على شعب العراق من أجل حماية أمن «إسرائيل» وقتل أكبر عدد من المسلمين العرب باعتبارهم العدو الرئيسي لهم والقضاء على المقاومة في فلسطين ولبنان وغيرهما بالإضافة إلى المطامع الاقتصادية والرقي بالمواطن الإسرائيلي الذي لم يحظَ بالوعود الإسرائيلية بالعيشة المميزة!!!

نوعية الأسلحة المستخدمة

التحالف الثنائي على رغم ما يملك من التكنولوجيا فإنه حتى يومنا هذا لم يكشف عن نوعية الأسلحة المستخدمة الحقيقية في الحرب العدوانية، وربما يستخدم أسلحته ذات الدمار الشامل من صواريخ تحمل غازات كيماوية في حربهم الصعبة مع الجيش العراقي ليثبت هذا التحالف للعالم مرة ثانية انه قادر على الانتصار في وقت قياسي على رغم اعتراضات دول العالم والرأي العام العالمي الرافض لحرب فقدت الشرعية والأخلاق معا، وبذلك يوظف هذا التحالف سياسته في التقليل من شأن الدول العربية والتحكم في مصائر الشعوب ويجعلهم تحت السيطرة الامبراطورية العالمية.

نسمع من محطات الإذاعة والتلفزيون عن الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التي قد تهددنا بها هذه الحرب العدوانية ولم تكن لدينا فكرة عن كيفية مواجهة مثل هذه الأخطار في حال حدوثها، وأصبح البعض منا يحمل معه جهاز (راديو) صغيرا ويتنقل من محطة إلى أخرى ليستمع إلى آخر الأخبار الجارية، والبعض الآخر أصبحت هوايته جمع أخبار صواريخ سكود وتوماهوك وباتريوت وطائرات بي 52 وطريقة عمل الباخرة في القصف عن بعد والخطط الحربية الأخرى!!!

إمبراطوريات

يتكون التحالف الثنائي من بريطانيا وأميركا وتسعيان إلى فرض هيمنتهما على دول أقل منهما قوة واستراتيجية بمحاولاتهما الغاشمة مع رغبة في السيطرة واحتلال العالم كله تحت شعار نزع أسلحة الدمار الشامل، وشعار الحرية والسلام وتحرير شعب العراق من نظام صدام حسين، فهل هناك شخص يقتل من أجل تحقيق الديمقراطية وتوفير حقوق الإنسان تحت تسمية تحالف ضد الارهاب؟ وقد نسوا أن يحملوا حمامة السلام المضرجة بدم الأبرياء ليحملوها بأيديهم الملطخة بالدم الساخن.

حرب الشوارع

ربما في المرحلة المقبلة من الحرب العدوانية يستعين التحالف الثنائي بجنود «إسرائيليين» لحرب الشوارع، لإدراكهم أن «إسرائيل» باستطاعتها ان تفوقهم في الاعتداءات الإنسانية داخل المدن الفلسطينية!

الحرب الإعلامية

هناك جمل طريفة ترددها وسائل الإعلام في عالمنا العربي على اختلاف أنواعها وفي كل الأقطار... ليس لها أي معنى سوى التشويش والكذب وقلب الحقائق التي قد تخدم التحالف الثنائي ربما لفترة قصيرة وما هي إلا حشو تملأ به نشرات الأخبار والصحف والمجلات لا يقبلها المنطق ولا العقل، بل هي سياسة تكتيكية وحرب إعلامية تزور الحقائق وتعمل على كسب الرأي العام في هذه الفترة وترويع العالم بهذه القوة وإرباك الجبهات العسكرية، وتنشر ما يقوله الرئيس الأميركي وكأنه حقائق، وإن أكثر ما يتفوه به أكاذيب وألاعيب يضلل بها الدول وحرب نفسية ليتحالف معه المزيد من رؤساء العرب!

التوقعات

كل التوقعات والاحتمالات واردة والعالم مقبل على وضع تنعدم فيه الرؤية ويسوده الاضطراب وحال الفزع والهلع، وستكون المنطقة ساحة من ساحات عدم الاستقرار جراء هذه الحرب العدوانية. ونحن لا نستطيع أن نضمن أميركا لأنها تستطيع أن تغزو أية دولة من دون حسيب ولا الثقة التامة بالقيادة العراقية المتمثلة في صدام، إذ ان من طبعه الغدر، وإنما نحن نقف صفا بصف جنب اخواننا العراقيين فقط ولا نريد لهم المزيد من الأسى

العدد 211 - الجمعة 04 أبريل 2003م الموافق 01 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً