العدد 212 - السبت 05 أبريل 2003م الموافق 02 صفر 1424هـ

الأسد لصحيفة ألمانية: هناك دور «إسرائيلي» في الحرب

تخوض الولايات المتحدة حربها في العراق لكن أنظار العالم تتجه أيضا إلى سورية. في الأسبوع الماضي حذر وزير الدفاع الأميركي رامسفيلد سورية من تقديم مساعدات عسكرية للعراق ورفضت دمشق هذه الاتهامات. لكن هذا الرفض لم ينه التوتر القائم بين سورية والولايات المتحدة. تخشى سورية أن تكون الضحية المقبلة للخطط الأميركية الرامية إلى وضع نظام جديد لمنطقة الشرق الأوسط. في مقابلة نشرتها صحيفة (زود دويتشه) الصادرة في مدينة ميونيخ قال الرئيس السوري إن «إسرائيل» ضالعة في الحرب على العراق كما استبعد تحقق السلام في الشرق الأوسط في المرحلة الحالية لأن «إسرائيل» نفسها لا ترغب بالسلام.

شاركت سورية بعد حوادث 11 سبتمبر/أيلول العام 2001 في التحالف المناهض للإرهاب، وقد تم تسجيل هذه الخطوة باهتمام من قبل واشنطن. لكن العلاقات ساءت مع بداية الحرب وترد تهديدات من واشنطن فما هو سبب هذا التحول؟

- العلاقات بين سورية والولايات المتحدة مليئة بالتناقضات. والاتهامات الأخيرة تعكس هذه الحقيقة. لقد أيدنا الولايات المتحدة حين سعت إلى محاربة الإرهاب ولكننا نعترض تماما على الحرب ضد العراق. ربما المشكلة هي أن الولايات المتحدة متعودة كونها قوة عظمى على تجاهل آراء ومصالح الدول التي لا تتفق دائما في الرأي معها. ربما يظهر في القريب موضوع يجعلنا نتفق من جديد ويكون السبب في ذوبان الجليد.

يقول الأميركيون إن هناك صلة بين العراق والإرهاب...

- لم يفلح الأميركيون في تقديم أدلة على وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق. مثلما فشلوا في الكشف عن صلة مع (القاعدة). لقد سمعنا ما ذكره رئيس لجنة التفتيش الدولية هانس بليكس حين قال إنه ليست هناك أسلحة للدمار الشامل في نظره ثم أن ايديولوجية النظام في بغداد لا تتفق أبدا مع إيديولوجيات المتطرفين.

الهدف الأميركي المعلن هو وضع نظام جديد لمنطقة الشرق الأوسط وقد صرح ريتشارد بيرل أحد أبرز المفكرين الاستراتيجيين في واشنطن بأن سورية ستكون الهدف التالي بعد العراق، هل لديكم مخاوف من أن يكون هذا حقيقة؟

- يطرح هذا السؤال علينا باستمرار. لسنا بحاجة إلى التعليق على كل تصريح يصدر عن أحد المسئولين، وخصوصا إذا كانت تصدر عن هذا المسئول وجهات نظر متطرفة. الحقيقة أن القوة العظمى الوحيدة في العالم فقدت الصلة مع العالم. إن أكبر قوة عسكرية في العالم لا تقدم مساعدات للعالم بل سعت إلى الحرب. وحين تعاني دولة صغيرة يعاني معها جيرانها وحين تعاني قوة عظمى يعاني معها العالم.

ما هو بنظركم دافع الولايات المتحدة لهذه الحرب؟

- علينا أحيانا تحليل الأسباب لكن هذه المرة لم نحتج إلى وقت طويل لأن الأميركيين أنفسهم ذكروا الأسباب علنا. قالوا إنهم يريدون السيطرة على منابع النفط وإعادة بناء النظام السياسي في منطقة الشرق الأوسط. بالتأكيد هناك دور إسرائيلي في الأزمة لأن «إسرائيل» مهتمة بانهيار العراق وأن يحصل فيه انقسامات قومية وعرقية.

أين هي مصالح الولايات المتحدة؟

- حين نقول إن الولايات المتحدة تريد السيطرة على نفط العراق معنى ذلك أن مجموعة من الدول ستعتمد في المستقبل على الولايات المتحدة. وقد يكون هناك أسباب لم يفصح عنها بعد. يقول البعض إن هناك بعدا عالميا وأن السيطرة على نفط العراق يأتي مع الهيمنة على بحر قزوين وأفغانستان وهكذا تثبت الولايات المتحدة أنها الأقوى في العالم من الناحية الجغرافية أيضا. بحسب رأيي هذه سياسة غير واقعية سينتج عنها مشكلات كثيرة لأميركا وليس فقط في منطقة الشرق الأوسط. كما سيكون لهذه السياسة ردود فعل سلبية على الاقتصاد ويكفي النظر إلى المظاهرات التي تجري كل يوم في أنحاء العالم، إذ تزداد معها مشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة.

حذرتم من تنامي الإرهاب إذا وقعت الحرب والشعوب الغربية تعارض الحرب، هل تعتقدون أن موقف الشعوب تجاه الحرب يضع عراقيل أمام المتطرفين في مسعاهم إلى استغلال الحرب على العراق؟

- هذه النقطة الإيجابية الوحيدة في هذه الأزمة. لقد نشأت فرصة تاريخية. ليس بوسعكم أن تتصوروا تأثير المظاهرات في أوروبا على منطقة الشرق الأوسط. إننا نشكر البابا على دوره في ظهور هذا الموقف الجديد. نحن في سورية نشعر دائما بالاعتزاز تجاه العلاقات الطيبة بين المسلمين والمسيحيين. بعد حوادث 11 سبتمبر/أيلول أراد الأميركيون التشكيك في علاقات المسلمين مع المسيحيين حين نادوا بحرب صليبية. هناك موقف مسلم مسيحي مشترك تجاه الحرب في العراق.

هل تعتقدون أنه بعد الحرب سيجري حل النزاع الفلسطيني/الإسرائيلي؟ وهل تغيرت شروط سورية بعد توقف المفاوضات الأخيرة؟

- كان هناك إدارة جادة في عهد جورج بوش الأب. ثم جاءت إدارة كلينتون، على رغم أن كلينتون شخصيا كان جادا في مسعى السلام إلا أن المسئولين في الإدارة لم يكونوا في مستوى المسئولية. الإدارة الأميركية الحالية لا تعير أدنى اهتمام لعملية السلام. أحيانا تصدر عنها مقترحات مثل خطة تينيت وقبلها خطة ميتشيل لكن على رغم أن هذه مقترحات ضعيفة فإن «إسرائيل» ترفضها. هذا يوضح أن «إسرائيل» لا تريد السلام في الوقت الحالي. إن أرييل شارون الذي يلقبه البعض داخل إسرائيل بالمجرم لأنه تسبب في مذبحة مخيمي صبرا وشاتيلا، فاز بالانتخابات مرتين. «إسرائيل» لا تريد السلام كما أنه ليس في جعبة الأميركيين تصور عن السلام ولهذا لا نلاحظ في المرحلة الحالية إمكان لتحقيق السلام. إننا نطالب منذ السبعينات حين بدأ الحديث لأول مرة عن عملية السلام، بأن يجري تنفيذ كل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بخصوص نزاع الشرق الأوسط.

هل ترى أن التاريخ في المنطقة كان قد عرف تطورات أخرى لو ظل إسحاق رابين على قيد الحياة؟

- نعم، هذا هو شعوري. لكنه مجرد شعور ليس أكثر. إن جميع الذين تعاقبوا على الحكم بعده لم يأخذوا عملية السلام على محمل الجد. لقد أعربنا في العام 2000 عن خالص مساعينا للتفاوض في شيبردستاون لكن الإسرائيليين لم يقدموا أفكارا جادة.

ثم كانت القمة التي تمت بين والدكم وكلينتون ولم يتم الإعداد لها جيدا...

- لم يكن الاجتماع معدا. إننا لا نشك أن كلينتون كان يريد السلام لكن فريق المستشارين عاندوه. قالوا له إن الرئيس السوري مستعد لتقديم تنازلات. كان كلينتون يقوم بجولة آسيوية حين اتصل بالرئيس الأسد وقال إنه يأمل أن يجتمع به في جنيف وفوجئ الرئيس السوري بهذا الطلب لأن أحدا لم يبلغنا ان الأمور تغيرت. لم يرغب الرئيس الأسد السفر في البداية إلى جنيف لأنه لم ير سببا لذلك لكن كلينتون قال له أن بحوزته أخبارا جديدة سارة سيسعد لسماعها. إن ما توقعه الرئيس الأسد عند سماعه كلام كلينتون هو احتمال أن تكون «إسرائيل» وافقت على التنازل عن احتلالها هضاب الجولان. خلال الاجتماع أتى كلينتون بخريطة وقال للرئيس السوري أن «إسرائيل» مستعدة للتنازل عن نسبة 95 في المئة من الأراضي السورية التي تحتلها، رفض الرئيس الأسد لأنه لم يتوقع أن يصدر هذا الاقتراح عن الرئيس الأميركي كما فوجئ كلينتون بالرفض السوري لأنه بلغه قبل الاجتماع أن سورية ستوافق على عرضه.

متى برأيكم سيتحقق السلام في المنطقة؟

- ليس في الوقت الحالي في ضوء التطورات الجارية. جميع الشعوب العربية تريد السلام وترفض الحرب لأن الحرب أمر غير طبيعي. لا أحد يريد الحرب باستثناء عدد ضئيل من الذين فقدوا عقولهم. أنا متفائل لأنني أعرف ما يريده الناس

العدد 212 - السبت 05 أبريل 2003م الموافق 02 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً