العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ

«وجهة نظر» في مقاييس اختيار زوج المستقبل

قال تعالى: «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون» (الروم:21).

لقد خلق الله الإنسان وهيأ له سبل الراحة والحياة ليتعايش مع الدنيا التي خلق فيها، فخلق له الزوجة والأبناء والأنعام وغيرها ليستطيع أن يشبع احتياجاته النفسية والفطرية من خلال ما أوجده الله وأحله.

وبهذا ما على الإنسان سواء أكان رجلا أم امرأة إلا أن يختار... فكل له حق الاختيار، فكما للرجل حق اختيار زوجته فللمرأة الحق نفسه أيضا، ولنا في زواج المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام أسوة حسنة. والسؤال هنا: بما أن للمرأة حق اختيار الزوج، فما تلك الأسس التي يجب عليها أن تنتهجها (في حدود التشريع الإسلامي طبعا)، بعيدا عن التقليد الأعمى للغرب؟ كلنا يعرف أن الرجل هو من يأتي خاطبا، فكيف تستطيع المرأة أن تختار زوجها إذا؟

عزيزتي المرأة، لقد شرفك الدين الإسلامي وجعلك معززة، فالرجل (الزوج) هو من يأتي إليك خاطبا وطالبا يدك للاقتران وليس العكس، فأنت كالجوهرة المكنونة، وما عليك سوى التفكير في مواصفات زوج المستقبل المتقدم لخطبتك أو من اخترته في حدود مشروعة...

- إن أول تلك المواصفات أن يكون رجلا ملتزما بالتعاليم الإسلامية الصحيحة، وذلك بالسؤال عن دينه وعن خلقه، فنحن نعيش في مجتمع صغير، والكل يعرف الآخر، فما علينا إلا السؤال فإن كان ملتزما بالتعاليم الإسلامية، فهو إذا عارف بالواجبات والحقوق، وهذا ما ستبنى عليه الحياة الزوجية السعيدة.

- السؤال عن أخلاقه بين أهله وذويه وخصوصا والديه، هل يحترمهما ويحترم الآخرين. فإن المرأة ستعيش مع هذا الزوج تحت سقف واحد من الرخاء والشدة، مكونين مؤسسة مشتركة يجب أن يكون أساسها مثبتا مبنيا على الاحترام المتبادل بين الطرفين، بعيدا عن النظرة الغريزية فقط.

- والسؤال الآخر هو: هل يصلح هذا الشاب اليوم لأن يكون أبا في المستقبل لأولادي، يتحمل المسئولية تجاه أبنائه وأسرته، وغدا سأكون أما وسيكون هو أبا، فهل سنكون مستعدين لذلك أم لا؟ فالزوج والزوجة هما اللبنة الأولى في تكوين المجتمع، فيجب على هذه اللبنة أن تكون سليمة التكوين، لتكون سليمة الإنتاج، ويصبح المجتمع بذلك سليما.

- إن الزواج يكون ميثاقا غليظا بين الطرفين، يبنى على الحب والمودة والاحترام كما يبين ذلك القرآن الكريم، ولا يعني سد رغبة أو حاجة فقط. أولويات الزواج كثيرة وسامية أسمى من أن تكون رغبة إنسانية عابرة، فهي ستكون بمثابة الانتقال إلى نمط حياة جديدة يجب أن نكون مستعدين لها. فيجب على المرأة أن تختار الزوج ليس لشكله فقط ـ بأن يكون وسيما مهندما، أو لماله وحسبه ونسبه ـ

فكل ذلك زائل والزمن لا يبقى على حاله ولا يبقى إلا العمل الصالح والقيم المثلى... وكذلك الزوج يجب ألا يختار زوجته المستقبلية لجمالها، بل لأخلاقها ودينها ونسبها الشريف... وذلك لقول المصطفى (ص): «تخيروا النطف فإن العرق دساس»، فاختيار زوج المستقبل يجب أن يكون مبنيا على المنطق والعقل أولا ثم العواطف، فلا يعني أنني أعجبت بشاب أن أتغاضى عن سلبياته الأخلاقية وشدة التزامه وأبررها، فالحياة الزوجية ليست قصة مكتوبة نقرأها من كتاب تنتهي بنهاية سعيدة دوما. قال الرسول (ص): «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، أن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ كبير». أما في بعض المجتمعات التي تدعو إلى الانفتاح وخروج الفتاة لتقابل زوج المستقبل سرا بعيدا عن الأهل بدعوى «الحب» فهو أمر خطير جدا، وكلنا يعرف نتائج هذه الأفكار الغربية غير السوية، التي تجر إلى الرذيلة وفساد المجتمع والابتعاد عن التقاليد الإسلامية الصحيحة شيئا فشيئا إلى أن ينحط المجتمع بدعوى التقدم والرقيّ والانفتاح... فاختيار زوج المستقبل يجب أن يكون وفق ضوابط وتقاليد الدين الإسلامي بعيدا عن الخلوة والسرية بدعوى الحب. وأخيرا وكما بدأنا هذا الحديث فإن أساس اختيار زوج المستقبل هو الدين والأخلاق، وبعد ذلك تأتي الأمور الثانوية الأخرى، فكلما اقتربنا من ديننا الحنيف اقتربنا إلى النجاح في مجتمعاتنا العربية والإسلامية خصوصا، وكلما ابتعدنا عن الإسلام اقتربنا إلى خراب مجتمعاتنا وفوهة الهاوية.

رباب النعيمي

العدد 220 - الأحد 13 أبريل 2003م الموافق 10 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً