العدد 210 - الخميس 03 أبريل 2003م الموافق 30 محرم 1424هـ

الأميركان في منتصف الطريق والعراقيون يعولون على إدامة زمن الحرب

يبدو ان تطور العمليات العسكرية الدائرة حاليا في الأراضي العراقية ألغت الكثير من التصورات التي رُسمت ملامحها على ضوء تجارب الحروب السابقة. فقد أثبتت الأيام الماضية منذ اندلاع الحرب والى الآن بأن السياقات القديمية التي قامت عليها الخطط العسكرية واصبحت من المفاهيم التقليدية لم تعد المنهج الوحيد الذي يتكرر في الحروب الحديثة، وإن كانت هناك ثمة تأثيرات للتكنولوجيا المتقدمة، فالبيئة التي تصبح عبارة عن مسرح للعمليات العسكرية هي التي تحدد مسارات هذه العمليات. فالأميركان حينما بدأوا التحرك العسكري انطلاقا من الجنوب العراقي ركزوا أساسا على أسلوب الغطاء الجوى قبل تحرك القطاعات العسكرية باتجاه أم قصر والفاو ومن ثم حدود محافظة البصرة، وكانوا يحاولون التقدم بثلاثة اتجاهات الأول نحو البصرة والثاني نحو الناصرية والثالث باتجاه تطويق بغداد من الجهة الغربية على ان تلتقي هذه المحاور في خلال بضعة أيام بعد سقوط مدن الجنوب والوسط في الطوق المحيط ببغداد عازلة بذلك العاصمة عن الجنوب والشمال، ثم تكثف قصفها الجوي على بغداد حتى تركها خلال بضعة أيام إلى أن يصبح باستطاعة القوات البرية اختراق الأجزاء الضيفة فيها، لتسهل احتلالها فيما بعد.

وخلال هذه العمليات كانت القوات الأميركية تراهن على حدوث انقسام في القوات العراقية أو استسلامها . وبذلك تختصر الزمن الكفيل بتحقيق الأهداف. ولكن هذا الأمر لم يحدث، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الخطط الأخرى، فقد كانت القوات الأميركية وإلى الآن تقاتل على أساس النسق التقليدي، في حين تقاتل القوات العراقية بأساليب كثيرة، إذ خلطت بين أسلوب حرب المدن وحرب العصابات والضربات السريعة بعد ان قسمت قواها الى مجاميع صغيرة متحركة، وإلى الآن اثبتت هذه الوسائل نجاحها.

في الوقت الراهن، ربما تكون القوات الأميركية قد وصلت الى منتصف الطريق، بيد ان تداعيات الحرب مازالت تطرح الكثير من الاسئلة في نتائجها المقبلة، إذ يحاول العراقيون إدامة زمنها لتدخل الى تخوم فصل الصيف، إذ تلعب الظروف الجوية عاملا مهما في تدمير معنويات الجنود الأميركان، فضلا عن أهمية الزمن في تعبئة الرأي العام العربي والعالمي ضد الحرب.

قوى الجيش العرقي مازالت تشكل عائقا قويا أمام تقدم القطعات العسكرية الأميركية والبريطانية، فالحرس الجمهوري يتألف من ست فرق، ولكل فرقة سرايا مدافع وهندسة ونقل وتمويل وما إلى ذلك، ففرقة المدنية تضم من 10 - 12 ألف مقاتل ولديها ما يزيد على الـ 34 مدفعا وعشرات الآليات المختلفة اضافة إلى العتاد بانواعه العديدة. وفرقة حمورابي تضم من 8 - 10 آلاف مقاتل وتنتشر حول بغداد في منطقة الكاظمية وبعض المناطق وفرقة النداء تضم من 8 - 10 ألف مقاتل وتنتشر في منطقة تل محمد ومعسكر الرشيد وفرقة نبوخذ نصر تنتشر في جنوب وشرق من بغداد وتضم هي الاخرى من 10 - 12 الف مقاتل وفرقة الفاروق وتنتشر في شمال وغرب بغداد وتضم من 10 - 12 ألف مقاتل. اما الجيش العراقي الرسمي فيضم اربعة فيالق، كل فيلق يضم من ثلاث إلى خمس فرق. ويرجح ان يكون عدد الفرق قد وصل إلى 15 فرقة، وتنتشر فرق هذه الفيالق على الشكل الآتي: الفيلق الاول والثاني في الشمال بقيادة عزت ابراهيم الدوري والفيلق الثالث في الناصرية والبصرة أما الرابع في العمارة، ويشرف على فيالق الجنوب علي حسن المجيد ابن عم صدام حسين، والحرس الجمهوري الذي يدافع عن بغداد، بينما الفيالق الاخرى من الجيش العراقي تحمي المدن العراقية.

هذه القوات مازالت تحتفظ بقدرات عسكرية لا بأس بها، واذا اضيف اليها مقاتلو الميليشيات المختلفة، فان مستوى المواجهة يصبح طبقا لاسلوب القتال الراهن كفيلا بادامة زمن الحرب وان كان هنالك لك ثمة تفوق جوي عند القطعات الاميركية والبريطانية.

وقد اكد الرئيس العراقي خلال الايام القليلة الماضية انه لم يقاتل لحد الآن الا بثلث قواته العسكرية، وهذا يعني ان الاقتصاد في القتال يهدف اساسا إلى استغلال عاجل الزمن لاطالة امد الحرب، فالاميركيون يستعجلون العالم لحسم المعركة، لانها بدأت تؤثر عليهم من اتجاهات مختلفة، العراقيون يريدون الافادة من هذه الإطالة لافشال الاهداف الاميركية من هذه الحرب، وعلينا ان نتتظر بعض الوقت، لنشهد المزيد من التطورات

العدد 210 - الخميس 03 أبريل 2003م الموافق 30 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً