العدد 214 - الإثنين 07 أبريل 2003م الموافق 04 صفر 1424هـ

كيف يرى السوريون التهديدات الأميركية لسورية

ما هو صدى التهديدات الأميركية لسورية؟ سؤال يطرح نفسه بعد التصريحات التي أطلقها مسئولون أميركيون، تراوحت مستوياتهم بين مسئولين سياسيين بينهم وزيرا الخارجية والدفاع، ومسئولين عسكريين من جنرالات البنتاغون بينهم رئيس الأركان المشتركة للقوات الأميركية، إضافة إلى تهديدات حملتها كلمات ناطقين إعلاميين أميركيين، جرى فيها جميعا توجيه اتهامات لسورية بالوقوف إلى جانب العراق في معركته ضد العدوان الأميركي - البريطاني، والقول ان سورية، تقدم مساعدات ومعدات عسكرية للعراق، ما حمل تهديدات ظاهرة ومبطنة لسورية.

وبطبيعة الحال، فقد ردت السلطات السورية على التهديدات الأميركية في اتجاهين، الأول هو إعلانها الوقوف إلى جانب شعب العراق في مواجهة العدوان العسكري، والثاني تأكيد ان دعمها للعراق هو دعم سياسي، والموقف السوري بهذا المعنى، لم يكن جديدا، إذ هو تأكيد لموقف سورية من الموضوع العراقي خلال المراحل الأخيرة التي سبقت بدء الحرب على العراق، وقد ظهرت حيثيات الموقف في نقاشات مجلس الأمن الدولي، وفي الاتصالات التي أجرتها سورية مع الدول المختلفة في الفترة التي سبقت الحرب، ثم أعيد تأكيدها وتكرارها بعد ذلك. غير ان الجديد في الموقف السوري، كان في إدانة الحرب والتنديد بها، وربما كان ذلك من دوافع الإدارة الأميركية لتوجيه الاتهامات والتهديدات لسورية، الأمر الذي يجعل موقف الحكومة السورية لا تأخذ بكل جدية تلك التهديدات، بل ويجعل دمشق تؤكد ان الطابع العام للعلاقات السورية - الأميركية قائم على الاختلاف في المواقف، بل وتصادم هذه المواقف في مراحل مختلفة، وهذا بدوره يدفع إلى تأكيد ان دمشق ليست في إطار الاستهدافات العسكرية الأميركية في المرحلة المقبلة.

لكن الشارع السوري له إحساس آخر فيما يتعلق بالاتهامات الأميركية لسورية، وبمضمون التهديدات التي رافقتها. إذ ينظر كثير من السوريين إلى تلك التهديدات بصورة جدية ولذلك صلة مباشرة بأمرين اثنين، أولهما مستند إلى الأهداف الحقيقة للعدوان الأميركي على العراق، والتي لم تتورع الإدارة الأميركية في تأكيدها بالقول ان العدوان على العراق في احد جوانبه، سيكون مقدمة لتغييرات جوهرية، تشمل دول المنطقة ومنها سورية بما ينسجم مع المصالح الأميركية، والأمر الثاني مجريات العدوان الأميركي على العراق بما فيه من وحشية وتدمير، تثير مخاوف السوريين الذين طالما كانت مواقفهم ذات طابع عدائي من السياسة الأميركية لدرجة يمكن القول، إنها كانت اشد عدائية من مواقف العراقيين حيال سياسة واشنطن.

وتناغما مع الموقف الرسمي وموقف الجماعات السياسية، جاءت مواقف المنظمات الشعبية والأهلية السورية في رفضها التهديدات الأميركية، بل ان أصوات هتافات المتظاهرين في مظاهرات عمت دمشق والمدن الأخرى، كثيرا ما طالبت بالاستعداد تحسبا لاحتمالات عدوان أميركي على سورية، وهو الاتجاه الذي ذهبت فيه لجان إحياء المجتمع المدني في إدانة «التهديدات الأميركية الصريحة لسورية»، وأن في ذلك ما يتطلب «تحقيق أكبر قدر من توحيد جميع ألوان الطيف المجتمعي والسياسي من أجل الصمود في معركة الدفاع عن الشعب والوطن» في ظل خطر «يضع بلدنا بين مطرقة أميركا في العراق وسندان (إسرائيل) في فلسطين».

وإذا كانت مواقف الولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة ولاسيما في الموضوعين الفلسطيني والعراقي، أورثت قدرا كبيرا من غضب السوريين على مواقف واشنطن، قد دفعت إلى إشهار دعوات مقاطعة البضائع والمصالح الأميركية في سياق أنشطة بينها اعتصامات ومسيرات، تعارض سياسة واشنطن وتفضح طابع المواقف الأميركية، فقد جاء العدوان الأميركي - البريطاني على العراق والتهديدات الموجهة إلى سورية ليشكلا إضافة أخرى في غضب السوريين على سياسة ومواقف واشنطن في المنطقة

العدد 214 - الإثنين 07 أبريل 2003م الموافق 04 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً