العدد 222 - الثلثاء 15 أبريل 2003م الموافق 12 صفر 1424هـ

هل تتحول الصحافة البحرينية إلى موظف علاقات عامة؟

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

مشكلة المجتمع البحريني انه أصبح يتمزق بين خطين متعارضين: الخط الأول هو خط التنمية الاجتماعية، إذ التعليم العالي والنخب المتميزة والانفتاح. والخط الثاني هو خط عدم تناسبية بعض القوانين لما يعيشه هذا المجتمع من تطلع وآفاق ونذرة نخبوية. فالمجتمع يشده القانون نحو الخلف (مثل قانون أمن الصحافة السيئ الصيت)، في حين عقلية وتاريخ وثقافة الشعب تشده نحو التطلع إلى مزيد من الشفافية والحرية، فهو واقع بين ماضوية القانون من جهة وبين توسع المدارك الذاتية من جهة أخرى.

المواطن البحريني لا يمكن أن يقبل بأن يشكل تشكيلا هندسيا من قبل هذا الوزير أو ذاك؛ إرضاء لطموحات خاصة فيقول له الوزير مثلا ـ إعلاميا ـ كن مثلثا ليصبح مثلثا أو كن رباعيا ليكون رباعيا... جل النخب البحرينية نخب واعية ومن العيَار الثقيل، تعلمت في بريطانيا وكندا وأميركا وفرنسا وأكثر الدول الغربية انفتاحا... قرأت الكثير، تحمل زادا ثقافيا ومعرفيا، دخلت أحزابا وانفتحت على حضارات ودول وأمم، بل بعضهم كانوا أساتذة في الجامعات الغربية ولهم دراسات في الفكر والثقافة والتاريخ... هذا الشعب العريق كما أسماه عبدالله النفيسي في كتابه «الكويت الرأي الآخر» لا يمكن أن يقبل بأن يأتي إليه وزير هنا أو هناك ليضع الكلام في فمه، وكي يلقنه ما يجوز وما لا يجوز في عالم الصحافة أو الإعلام أو أن يتعاطى معه كما يتعاطى مع أية شركة توزيع أو أي كتاب طبخ.

إن المجتمع البحريني يتميز بالنضج، لذلك تراه يهرول دائما بحثا عن أي كتاب نقدي وأية صحافة حرة على مستوى العالم، فضلا عن المستوى المحلي، ولعل التميز وضح في موقف هذا الشعب بأطيافه في دعمه للشعب العراقي وعدم قبوله بذلك الغزو، فتميز حتى عن باقي أشقائه في الدول الأخرى. هذه العافية الثقافية يجب أن تناسبها قوانين حضارية. هذا القارئ البحريني لا يمكن أن يقبل بأن تمارس الصحافة عليه دور «البهلول» لتغشه بالمعلومات أو التحليل أو فبركة القضايا.

هل كثير على المواطن أن يحلم بصحافة حرة بعد كل هذه السنين العاتية من النضال الوطني؟ فهل من الواقعية أن نناقش ـ ونحن في الألفية الثالثة ـ وبعد كل هذه التضحيات في قضية حرية الصحافة وعدم سجن الصحافي وتوقيف الصحف؟ المجتمع البحريني قدم كل ما يملك ومد يده على طول الطريق وفي أحلك الظروف، في سبيل أن ينعم بما مني به من كرامة وطنية ومعيشة حرة وحرية ذهبية وصحافة نزيهة... هل ينسى موقف المجتمع أيام الميثاق ودعمه للإصلاح وللسلم ودور دعاة الاعتدال في تهدئة الجمهور بالوحدة الوطنية و...، الناس عادت من الخارج كي تقرأ صحافة حرة لا أن يملى عليها صحافة الوزير الفلاني أو العلاني وبالقوة أما باستغلال المنصب عبر حجب المعلومات أو التضييق عبر فرض واستغلال القوانين لتهديد الصحافيين وكسر أعناقهم ومصادرة أقلامهم.

إن برنامج (6/6) كان برنامجا جميلا يحتاج إلى أن يتطرق إلى الصحافة البحرينية هذه المرة، ويجب أن يكون المترافع قويا يليق بتاريخ البحرين الثقافي

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 222 - الثلثاء 15 أبريل 2003م الموافق 12 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً