العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ

الكوميديا العربية أوجدت لنفسها خلطتها الخاصة

استخراج ضحكة صادقة من وجوه المشاهدين من أصعب المهام التي قد تواجه أحد الممثلين الكوميدين، فعلى رغم بساطة الفكرة التي قد يقدمها أو حتى سخفها، فإن الوصول لتوليفة تكون فيها العبارة أو المشهد أو الفكرة التي يقدمها المؤدي مضحكة أو مستفزة لمشاعر الضحك عند متلقيها هي فن لا يتمكن منه كل الممثلين.

العمل الكوميد العربي على أشكاله، ممثلا على شاشات التلفزيون، أو مؤدى على خشبة المسرح، أو معروض على الشاشات السينما، استطاع مع الوقت أن يكتسيب الكثير من العناصر، وأن يتقدم في بعض نماذجه، فيقدم ما يشد عددا كبيرا من المشاهدين وما يوصل أفكارا مميزة ومهمة عبر تبسيطها وتحويلها لنكتة ذكية.

ولا يمكن الآن أن نتفحص جدول محطة منوعة البرامج، إلا ونجد حيزا مهما لهذا الصنف من الأعمال، والتي باتت تشد عددا كبيرا من الجمهور، المتفاوت المستويات والمتنوع الثقافات، خصوصا إذا كان العمل مقدما بطريقة ذكية تحترم عقل المشاهد، وتقدم له الجديد المميز.

بشكل عام استطاعت الكوميديا العربية وخصوصا تلك التي تقدم عبر مسلسلات تلفزيونية، أن تتطرق للعديد من الأمور حتى تلك التي كانت تعتبر خطوطا حمراء، كقضايا السياسية والفساد في بعض الدول، أو حتى هموم المواطن العادي اليومية، وهنا كانت الجدة في المواضيع، فالمشاهد بات يتطلع لأن يشاهد قضاياه المعاشة بمختلف القوالب، ولعل من أهم القوالب التي يتطلع لأن تقترب منه هي القوالب الكوميدية التي قد تخفف عليه وطأة معاناته معها.

وعلى رغم أن الكوميديا العربية حضرت خلطتها الخاصة بشكل أو بآخر في صنع أعمال قريبة من الحياة المعاشة للمشاهد العربي، إلا أن هذا لم ينفِ أنها حاولت في بعض الأحيان أن تقتبس من نموذج الكوميديا المنتجة في هوليود، فبعض البرامج الكوميدية حاولت محاكات مسألة الأداء على مسرح صغير في إستوديو يبث على شاشة التلفاز، أثناء وجود جمهور في الإستوديو فيتفاعل الجمهور الحاضر ضاحكا لأفعال الممثلين والنص المُمَثَل.

إلا أن النجاح الحقيقي للكوميديا العربية تمثل في الأعمال التي اقتربت من مشاهدها في عرض أمور قد تشاهد في الحياة العادية المعاشة، إنما بطريقة تركز على التفاصيل المثيرة للاتنقاد أو للسخرية.

ولعل وحدة الحلقة - أي عدم ارتباط العمل بتسلسل يفرض على المشاهد المتابعة بشكل مستمر - أعطت المسلسل الكوميدي مزيدا من النجاح خصوصا مع ازدحام الحياة بالمشاغل مما قد يمنع الكثيرين من المقدرة على متابعة مسلسل تتصل كل أحداثه بعضها بعضا بسبب كثرة الأشغال وعدم توفر الوقت.

النموذج الآخر للكوميديا العربية هو ما يقدم في دور السينما، ولعل هذا النوع على رغم شعبيته بين أوساط محبي السينما، إلا أنه نموذج لم يستطع أن يتميز عن مثيله في التلفزيون على مستوى النص، لعدة أسباب من بينها قدرات التلفزيون التي تميزة عن باقي وسائل الإعلام والعرض، كمقدرته على الوصول لعدد أكبر من المشاهدين، من مختلف المستويات، وإمكانية عرض سلسلة طويلة من العمل وهو ما ليس متاح بنفس الأسلوب في السينما.

غير أن النصوص والمواضيع التي تقدم في المسلسلات مازالت حتى الآن متفوقة على نصوص السينما، وخصوصا أن العديد من أعمال السينما وصفت بالتهريج وفعل أي شيء لرسم أي ابتسامة على وجه مشاهدها، وهو أمر وقع فيه عدد كبير من المسلسلات أيضا.

كما أن الكوميديا بطريقة أو بأخرى احتكرت بعض الوجوه الفنية في قالبها، فكثيرة هي الأسماء الفنية التي اعتدنا رؤيتها في أعمال كوميدية مما جعلنا لا نتقبلها في أعمال من قوالب مختلفة أكثر جدية، على رغم أن العديد من هذه الوجوه قد يقدم أداء مميزا في مختلف القوالب، إلا أن الناس تستهجن رؤيتهم في أعمال مختلفة، في مقابل أن الكثير من الممثلين الذين يتسمون بميلهم للأعمال الجدية، لاقوا الكثير من النجاح والتقبل من قبل المشاهد العربي عند تقديمهم أعمال كوميدية، وخصوصا إذا كان العمل بعيدا عن التهريج السطحي.

وتبقى إبداعية الأعمال الكوميدية هي في السخرية من أمور تثقل كاهلنا كل يوم بمختلف الطرق، بطريقة قد تدفعنا للابتسام أو الضحك منها عند مصادفتنا لها مجددا.

العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً