العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ

الشيخ سلطان لا يصلح لها!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

لا ينبغي لعاقل وحصيف ولصاحب ضمير حي أن ينكر أو يقلل من شأن وخطورة ظاهرة «التجنيس السياسي»، أو ما أحبذ أن أسميه دلالة وواقعا بـ «لوثة التجنيس»، فهي إن لم تكن جريمة في حق الشعب البحريني وبالتحديد في حق هذا الجيل والجيل الذي يليه، فإنها حتما لغلطة كارثية بشعة لما خلفته وتخلفه من آثار وخيمة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، ناهيك عن إفنائها لهوية البلد ولشعبه الأصيل، كما هي معضلة تهدر ما قد تبذله الدولة من جهود تنموية معطاءة لتحسين مستوى معيشة المواطنين، وهي لا تغذي إلا وهما مرضيا خادعا وخانقا لدى بعض أطراف النفوذ، ومن أراد أن يطلع على موقفنا المبدئي المعروف سلفا من هذه القضية فعليه بالاطلاع على أرشيف مقالاتنا العديدة المنشورة في «الوسط « عن هذه الظاهرة وآثارها التدميرية التي تمس الجميع سنّة قبل شيعة، أو ربما عليه أن يرجع إلى مقالاتنا الأخرى العالقة في أدرجة الرقباء بصحف أخرى، والتي للأسف لم تجد طريقها للنشر لضيق السقف والأفق المتاح!

ولكن بما أن ملف «التجنيس» من المتوقع أن يطرح «وفاقيا» بقوة في هذا الدور البرلماني، وأن يثير جدلا ساخنا وواسعا بين نواب «الوفاق» ونواب «الأكثرية» الحكومية، وها نحن الآن بصدد تصريحات براقة وحادة من أخينا النائب الفاضل الشيخ حسن سلطان المكلف بمتابعة هذا الملف، والتي توشك على اتهام مجاميع «المجنسين الجدد» على أنها قابلة لإفراز «خلايا إرهابية» وهو اتهام يبقى جد خطير، فإننا لربما نجده من المناسب أن نطالب أشقاءنا في كتلة الوفاق بالتحرك على نقل عهدة هذا الملف الوطني والمصيري الحساس من النائب سلطان إلى نائب آخر في الكتلة!

الشيخ حسن سلطان ومع خالص احترامنا له وتقديرنا لما يبذله من جهود كريمة وسعي حثيث في هذه القضية أثبت أولا وآخرا أنه لا يصلح لإدارة هذا الملف المصيري والحساس، ومثل هذا القول النصوح لا يقلل من شأن النائب سلطان أو يستهين بقدراته وملكاته التي لربما لديها ميدان ومجال آخر تبدع فيه وتتميز عن غيرها، ولكنه قول إنصاف ومصارحة ومصادقة لمن لا نظن أن المأثور «الضرب في الميت حرام» ينطبق عليهم كما هو قد ينطبق على غيرهم من نواب الموالاة وأبواق الفتنة، وبالتالي أرجو منه أن يتقبله بروح أخوية وأن يحرص على مصلحة القضية والملف الوطني!

فمثلما قد لا يصلح بنظري زميله النائب جاسم السعيدي لإدارة الملفات الاقتصادية والمالية المتخصصة في البرلمان، كما لا يصلح كاتب المقال لأن يعمل صيدلانيا أو كهربائيا، فإن أخانا النائب سلطان، وبدون شخصنة للقضية، لا يصلح لإدارة هذه القضية الجدلية برلمانيا، وإن أثبت أنه قد صلح لها كمتقصٍّ لأخبار المجنسين الجدد، أو مدون مقالات، ومحرضٍ جماهيريٍّ تجاهها، وذلك لأسباب عدة نوردها في ما بعد هذه الفقرة، ولو كنت مكان سلطان لما رميت وجازفت بنفسي وبكتلتي وبحزبي وبشعبي عبر مجازفتي بهذه القضية، وأنا أعلم أن هناك من بين رفاقي وزملائي من هو أفضل منّي لإعطاء هذا الملف كامل حقوقه!

ولعل أول هذه الأسباب هو ما يتعلق بتكليف رجل دين معمم لتناول قضية وطنية كبرى مثيرة للجدل ولتذبذب المواقف، فمثل هذا التكليف في برلمان طائفي وحتى على الصعيد العام إنما هو يعمل على تطييفها و «مذهبتها» بشكل أو بآخر ضمن الحدود والأطر الطائفية الرمزية المثيرة للحساسيات بين الجانبين بعيدا عن الأقوال الرومانسية وأشعار الغزل والتودد التي قد يمحوها النهار البرلماني القائظ والعطش طائفيا!

كما أن هذا الملف الكبير بحاجة إلى فيض معرفي وخبراتي معتَّق ومتسعة مداركه وآفاقه في مجالات السياسة والاجتماع والاقتصاد والحقوق ومجمل المسائل التشريعية مما يحسن أساليب وسبل الإقناع والمساجلة والمناظرة وكسب ثقة الأطراف الأخرى بمن فيهم دهاقنة الموالاة ومستشاريها إن لم يكن أبواقها، بالإضافة إلى كونه يتطلب أسلوبا مرنا في التفاوض الاجتماعي، في حين أن الشيخ سلطان، والذي سيترافع وسيسأل نيابة عن الأمة في ذلك، وكما عهدناه في ردود أفعاله، وعهده قبلنا غيره من رفاقه المتمرسين في العمل السياسي الوطني لا يتمتع بتلك الملكات والمهارات النسبية!

كما أن من بين سلبياته المعيقة له في تناول مثل هذه الملفات المعقدة هو أن هامش المناورة والمحاورة لديه ضيق وذو منحى حدي لا يقبل دون الأبيض والأسود، ولا يقبل القسمة على اثنين، كما أنه سبق وأن ظهر بتصريحات صحافية وبيانات ورَّطته على أكثر من مرمى وميدان وكادت أن تجر عليه وبالا عظيما، فأثبتت إمكانية وقابلية استدراجه بشكل خبيث إلى مهالك الإثارة الطائفية ومصارع الوطنية التي تظهره مذنبا ولو لم يُرِدْ ويقصد ذلك، وهو ما يدل في النهاية على تعجله (هداه الله) وسرعة غضبه وانفعاله الخطير في موقع حساس استراتيجيا كموقعه!

فهل تريد «الوفاق» مصلحة هذه القضية أم مفسدتها والإيقاع بها؟!

وهل تكترث لنداء ناصحيها أم لا؟!

ختاما أرجو أن تسعى «الوفاق» لأن لا تضيع وقتها مجازفة، فتستثمر مجهوداتها المباركة ومنجزها النوعي الذي سبق وأن حققته في كتيب قيم نشر سابقا عن «ازدواجية التجنيس في البحرين»، فتكلف لهذا الملف من هو أكفأ من النائب سلطان على أن تفتح مجالا آخر أنسب وأميز لسلطان ليتميز من خلاله ويتفانى في خدمة الوطن وشعبه كما يريد.

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً