العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ

اجتهادات

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

إحدى المدارس في المحافظة الوسطى ذهب الاجتهاد الشخصي بإدارتها وتحديدا بمديرتها حدا تجاوزت فيه من خلاله ما هو متعارف عليه في وزارة التربية، وتطاولت على بعض المعلمات في تخصص معين سأشير إليه فيما بعد، لأغراض وأهداف قد تكون إنسانية وليست إدارية أو تربوية، بل إنها استطاعت أن تنجو بنفسها بالنسبة إلى الجانب الإنساني للبعض وحطت من إنسانية البعض الآخر لكنها انتصرت في النهاية لجماعة مقابل الأفراد.

أحاول من خلال الفقرات الآتية أن أفك الطلاسم التي أشرت إليها في الفقرة السابقة، وأترك البقية مبهمة وأعول كثيرا على المثل الشعبي القائل: «اللبيب بالإشارة يفهم» ولا أشك لحظة واحدة في كون المديرة التي أشير إليها في مقالي هذا أنها تخلو من وجود النباهة فيها، لكنها لم تكن حكيمة في اتخاذ قرارات إدارية، قد تحاسب عليها أيما حساب فيما لو عرفت الوزارة التي تنتسب إليها.

بعض المعطيات أشير إليها تخدم كثيرا في تحليل ما أرمي إليه، من المعروف أن الحصة الدراسية الواحدة في كل المدارس بما فيها المدارس الخاصة عبارة عن 40 - 45 دقيقة فقط لا غير بغض النظر عن طبيعة المادة ومدى أهميتها، في حين أن المديرة التي اجتهدت في مدرستها اجتهادا جعلها تخالف ما هو متعارف عليه ومسلم به وقفزت من خلال اجتهادها إلى مقاومة ما هو موجود، فقد أصرت بإدارتها الغريبة على أن تكون حصة التصميم والتقانة عبارة عن حصة واحدة في الأسبوع مدتها 60 دقيقة لا 40 - 45 دقيقة، بحيث تأخذ مقدار 10 - 15 دقيقة من الحصة التي تليها، والغرض بحسب ما نفهم وبحسب ما نقل كان إرضاء معلمات نظام الفصل الذين يشكون من ثقل النصاب الذي يصل إلى 22 حصة، أكبر نصاب للمعلمين والمعلمات، فضلا عن صعوبة المرحلة وخصوصياتها، المديرة كانت تسعى من خلال اجتهادها وتصرفها الإداري إلى التخفيف عن معلمات الفصل والتصرف بحد ذاته أمر إنساني وإيجابي جدّا يحسب لها والشريحة التي حاولت مساعدتهم فعلا بحاجة ماسة إلى تعاون وإلى الإحساس بهم من قبل وزارة التربية أولا ويتمثل في قرارات إيجابية تتجه لصالحهم ومن خلال إدارات المدارس في التعاون في تنفيذ القرارات، ولكن لا نريد أن نحل وضعا قائما ونساهم بشكل أو بآخر بتعقيد وتصعيب وضع آخر، الأمر الآخر الذي تجب الإشارة إليه بحسب الشاكية والمتبرمة والتي تشكو من الوضع المزري في مدرستها، أن جدولها جاء بحيث تكون الحصص متوالية الثانية والثالثة، يعني أن هناك ساعتين تعمل فيهما بصورة متصلة المعلمة في مادة ليست أساسية عبارة عن تصميم وتقانة ومع تلاميذ قد لا يكونون محبين لها لأنها تعكس اهتمامات معينة ليست بالضرورة متوافرة لديهم، وهذا ليس الهدف منه التقليل من شأن المادة وأهميتها بالنسبة إلى التلاميذ وبالنسبة إلى المرحلة العمرية، لكنها من دون أدنى شك لا تزيد أهمية على الأقل عن المواد الأخرى بل تقل عنهم كثيرا فهي ليست مادة أساسية فليست هي لغة عربية ولا رياضيات ولا علوما ولا تربية إسلامية ولا هي مواد اجتماعية أو مواطنة.

فضلا عن أنه كان ينبغي أن تكون الحصص الأولى بحسب أولويات الوزارة وبحسب الفكرة التربوية الصائبة؛ أن تكون فرصة طيبة لإفرادها للمواد الأساسية والتي تحتاج إلى تركيز أكبر في بداية اليوم المدرسي وبعد تناول وجبة الإفطار وقبل بدء الفسحة وقبل أن يصرف الأطفال جزءا من طاقتهم، ويبدأون في الإحساس بالتعب، ومن الحصافة أن تفرد الحصص الثلاث الأولى إلى مواد مثل اللغة العربية أو الرياضيات.

بحسب ما نسمع فإن هناك إرباكات كثيرة حدثت في المدارس وتركت للاجتهادات من دون تنظيم ومن المعروف أن الاجتهاد قد يأخذنا إما إلى الخطأ أو الصواب وعذر المجتهد أنه اجتهد ولكنه لم يوفق ومن حقنا انتقاد الأوضاع السلبية القائمة بهدف تصحيحها، فما نسمعه اليوم الكثير من الإرباكات في الميدان التربوي لأسباب كثيرة لعل واحدا منها حصل عند تنفيذ قرار إجازة الأمومة وساعة الرضاعة، وخصوصا مع المشكلة القائمة في المدارس وهي نقص المدرسات الاحتياط ما يقع الظلم على البعض، أو يحدث إشكالات أخرى أثناء التطبيق، وليس من العدل أن تحرم المعلمة من دون غيرها من الموظفات من حقها في إجازة الأمومة أو ساعة الرضاعة، في الوقت الذي يوجد الكثير من الجامعيات العاطلات عن العمل ويرغبن في العمل حتى معلمات احتياط لسد النقص الحاصل في المدارس ويؤثر بدوره سلبا على العملية التعليمية، ويبقى موضوع النقص مشكلة تتحمل تبعاتها كاملة الوزارة وتشترك في ذلك الإدارة التي ربما تتأخر في الإيعاز للوزارة أو أنها تقصر في المتابعات لاستكمال النقص.

قد يكون اجتهاد المديرة جاء لأسباب من بينها تغطية النقص الموجود لديها في المعلمات، من خلال مادة التصميم والتقانة ولعل مدارس أخرى لجأت إلى اجتهادات أخرى لا تقل إرباكا عما هو موجود في هذه المدرسة المشار إليها، والموضوع طالما ترك للاجتهاد فهناك إبداعات إدارية تحتاج إلى لملمتها، فالمعلمات يلتقين مع بعضهن بعضا ويعرفن أن هناك فروقا كبيرة في الممارسات، وبالتالي مزيد من السخط والاستياء، ولم تعد مهنة التدريس تحديدا تستوعب أكثر مما تستوعب اليوم من تذمر واستياء.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2241 - الجمعة 24 أكتوبر 2008م الموافق 23 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً