العدد 252 - الخميس 15 مايو 2003م الموافق 13 ربيع الاول 1424هـ

المرأة البحرينية شيء من الصراحة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

المرأة البحرينية مازالت تعيش مظلومية كبرى ومازال ينظر إليها جزء من المجتمع على انها امرأة من الدرجة الرابعة... قد لا يكون ذلك مكتوبا وربما لا أحد يقول به إلا انه يمارس على الأرض... فهذه المرأة المسكينة ذهبت ضحية قضايا كثيرة... فيوما كانت ضحية للقراءات الخاطئة المبثوثة في كثير من الأفكار ولدى الجميع... كانت في يوم من الأيام تمنع من الذهاب إلى المدرسة حتى تطور الأمر وأصبحت تحرم من الجامعة وكثير من النساء حرمن من الجامعات نتيجة قراءات كهفية وكانت النتيجة وجدن القطار قد مر ورحن ضحايا هذا التفكير، فتجد البعض منهن الآن منثورا بين المصانع القاهرة لحقوق العامل، فكم من امرأة تشقى الآن تحت سياط رب العمل كانت في يوم من الأيام تمتلك القدرة والموهبة ولكن قسى الزمن إذ القهر والفقر وقد يتحالف معهما الجهل والشيطح الفكري من حرمة دخول المرأة الجامعة فضاع بعد ذلك المستقبل.

وهذه المرأة ذهبت أيضا ضحية المتاجرة فالكل يهتف باسمها في المحافل وفي المؤتمرات من كل القوى ولكن تجدها معزولة هي وقضاياها فلا مترافع عن همومها إلا قلة قليلة تكاد تحسب على أصابع اليد ولو نظرنا لمأساة المعلمات العاطلات اللاتي ذهبن ضحية فساد وقطاع التوظيف وفساد القائمين على الامتحانات في وزارة التربية من بعض الرموز المتبقية من المرحلة السابقة لما قبل مجيء الوزير الجديد والذي يحدونا الأمل فيه لأن يحل مأساة هؤلاء العاطلات وخصوصا في ظل وجود بوادر إيجابية في حمله لحقيبة هذه الوزارة التي كانت تسمى بالوزارة الدينية وذلك لغلبة لون خاص جدا مؤدلج.

المهم ذهبت المعلمة كمرأة ضحية المتاجرة بالعناوين والتسويقات الانتخابية فكل من أراد أن يصبح رئيسا أو يفكر في مستقبل انتخابي أو تكويش شعبي ابتدأ بهؤلاء النسوة والمتاجرة بأسمائهن اللهم إلا قلة، ولا يعدم المخلصون في كل مشروع أو مبادرة.

وللأسف مازالت تعاني على جميع المستويات حتى سياسيا فهي محصورة في مؤسسات نسوية نسائية ذات لون نسوي واحد يتكررن في كل محفل ومؤتمر وتنصيب فحتى المؤسسات ذات الوزن الثقيل رسميا محسوبة مسبقا بطيف واحد وحتى الجمعيات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان محسومة مسبقا... وتكاد تغيب المرأة عن الواقع السياسي فلا تراها في جمعيات أو صناديق خيرية أو انتخابات نيابية حتى لو كانت منضبطة اسلاميا لأن شعور الكثير حتى من الفاعلين في العمل السياسي يرون ولو في منطقة اللاشعور - يرون ان المرأة مكانها المناسب هو المنزل. فهناك نظرة دونية غير معلنة عن المرأة ومواقع أحلها الإسلام لها وحرمنها عليها العرف أو بعض النظرات السطحية.

وينجر الأمر في القضايا المهمة الاجتماعية فكم من امرأة ذهبت ضحية استغلال بعض القضاة الذين لا يحسنون فك الخيط نتيجة مواقف وقوانين واستغلال جائر... وحتى لا نكيل بمكيالين يجب أيضا دراسة وإعادة قراءة في طبيعة القضاة الذين يحكمون في المحاكم فالكثير من هؤلاء لا يمتلكون لا مؤهلا فقهيا ولا أكاديميا وانما عينوا نتيجة توازنات سياسية خاصة واعتبارات ولائية لم يراع فيها متانة هذا القاضي فقهيا وعلميا ما انعكس سلبيا على وضع المرأة البحرينية في قضايا الطلاق والنفقة والإرث وما إلى ذلك فسلك القضاة يجب أن يعرض للهز وبقوة من قبل الصحافة والمنابر الحرة في المساجد والمؤسسات فهو لا يقل خطرا لما يعانيه من ترهل ومحسوبيات وضعف علمي فبعض القضاة لم يصلوا حتى إلى مرحلة السطوح من الدراسات الفقهية بل لم يدرسوا حتى بدائيات الفقه وبعد ذلك تراهم فوق كرسي خطير قال فيه رسول الله وهو يصور حساسيته «من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين» طبعا المرأة أول ضحية في كل ذلك ولو أقمنا لجنة تقصٍ واحدة عن شكاوى وصرخات النساء في مدن البحرين وقرأناها لرأينا العجب العجاب من شكاوى المجتمع للضعف بل للمهازل في مثل هذه المحاكم.

فالمرأة في الأسرة مازالت تعاني مشكلات كبرى منها: عدم التقدير فان كانت أما سرعان ما ينساها أبناؤها في زحمة الحياة المادية فتجد الأم في خربة والأبناء يبعثرون الأموال في الكماليات وان كانت زوجة فهي تعاني في بعض الأوساط من ضياع الحقوق فمازالت عقلية المجتمع البحريني تتشكل برؤية ناقصة تجاه المرأة على أنها زوجة أو أم في قبال انسان (الرجل) في حين ينبغي أن يتشكل الوعي بانسان في قبال انسانة وفرق واسع بين النظرتين. فلا تعجب عندما يصدم ضميرك نتيجة مشاهدة تراجيدية مروعة مازالت تعيشها بعض نسائنا البحرينيات فمازال البعض يتعاطى مع المرأة بعقلية بدوية ويراها أنها جزء من الماشية... ففي باب (العنف تجاه المرأة) وهو باب واسع تقول احدى البحرينيات في رسالة الكترونية... «ذهبت إلى الكوافير... مكثت هناك بينما كانت صاحبة المحل منشغلة في تجميل احدى النساء وقع بصري على اثر أسود في رقبة هذه المرأة... لفت انتباهي... وبعد انتهاء هذه المرأة من التجميل... سألتها في فضول: ما هذا الأثر الأسود في رقبتك؟ تنوهت فقالت: اختلفت مع زوجي في نقاش فقام بإطفاء «السيجارة» في رقبتي!!... هذه قصة من قصص لنساء مازلن يعانين من العنف.

بعض الرجال يتعاطون مع المرأة بوصفها جزءا من ديكور المنزل... كما أن المكيف يحتاج إلى صيانة والثلاجة إلى اعتناء مادي كذلك هي المرأة أو الزوجة فهي جزء من هذا الديكور المكمل اعتاد عليه، ألف مكانه... غيابه قد يسبب له وحشة بلاستيكية كتلك الوحشة التي يتركها عطب السيارة في قلب صاحبها... هذا التخشب لو فتشنا عليه سنراه بين ثنايا حياتنا... ساكن في أعماقنا... وقليل منا من رفع المرأة ووضعها في موقعها المناسب إذ الانسانية والاحترام وإذ مواقع النور من فكر وتطلع... تراه يهتم كثيرا بفكره وبدراسته وتطوير مستواه العلمي لكنه بخيل في اشراك هذه الفقيرة التي ولدت بين عتمة الطبخ ورائحة البصل وإذا تطورت راحت تجلد نفسها يوميا بالمشتريات الاستهلاكية فالحياة عندها عطر أخاد وحذاء جميل وفساتين تتغير... كل هذ الصرح من الأبهة الشكلية ينهار أمام سؤال ثقافي أو فكري واحد فتكتشف أن الذي بين يديك مجرد قطعة يسكنها جمال ومظهر وثوب لم يستطيعوا تغييب بساطة التفكير وسذاجة الرؤية للحياة وهذا التطور الساذج تجده يلازم كثيرا من الفتيات المتطورات.

الإسلام يصنع المستحيل... فهناك نساء مسلمات قهرن كل الأفكار الغربية وكل أشكال الخرافة وثقافة الأحلام وأكاذيب النوم والمنام عندما تسلحن بالدين والعلم والرزانة فلا يؤمن بحلم كاذب ولا بسذاجة رؤية مؤدلجة. ما نحتاج إليه في مجتمعنا البحريني هو رجوع المرأة إلى الذات حسب تعاليم الإسلام ولكن يجب الا تحصر الإسلام في المسجد بل تخرجه إلى حيث أراده الله له وهي الإرادة الكونية... فالمرأة البحرينية مالم تحمل وعي حقوق المرأة فترفع من ثقافتها وآفاقها فلن تجد احتراما من مجتمع تحكمه المصالح، قائم على الفوضى في تغريب المرأة أو «طلبنتها». وبين هذا وذاك هناك نساء بحرينيات مؤمنات تسلحن بالشهادة الأكاديمية وبسلاح الإيمان ولكن كل ذلك لا يعني عدم وجود عتمة في بعض مواقع حياة هذه المرأة. هذه بعض محطات وقفنا بجانبها لنقرأ الواقع بواقعية بلا مجاملة وإلا ففي البحر خفايا وأسرار لا يعرفها إلا الله ولكي تنجح المرأة واقعها فيجب ألا تكون المرأة عدوة نفسها

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 252 - الخميس 15 مايو 2003م الموافق 13 ربيع الاول 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً