العدد 2529 - السبت 08 أغسطس 2009م الموافق 16 شعبان 1430هـ

ما بين الاستحقاق الإيراني وانتخابات دول الجوار

شهدت دولٌ مثل موريتانيا وقرغيزستان وإقليم شمال العراق (كردستان) انتخابات رئاسية، وقد أثار كل الخاسرين غبار الفشل من أجل لفت نظر العالم (الحر) إلى التجاوزات والمخالفات والتزوير الذي شهدته تلك الانتخابات، إلى الحد الذي دعا بالبعض لإلغائها ووصف الرئيس المنتخب بغير الشرعي كما في موريتانيا مثلا.

لكن أحدا لم يسمع صوتا يدل على اهتمام عالمي أو إقليمي بشأنها. والسؤال: هل لأن تلك الدول هامشية، وليست ذات دور تلعبه على مستوى أقليمها والعالم؟

ربما تكون الاجابة بنعم، ولكني أعزو السبب في تقديري إلى أن ذلك العالم الذي يسمي نفسه حرا وديمقراطيا لا يتوانى أن يتشهى في الحرية والديمقراطية فيوزع نياشين الصدقية بناء على هواة المنطلق أساسا من مصالحه واعتباراته، وهذا ما يقودنا إلى تلك الحملات التي صاحبت نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة. والسؤال لماذا تبخس إيران كيلها على رغم مزاياها الديمقراطية على الأقل بموازاتها بدول الشرق الأوسط؟

يبدو أن أكثر ما يسخط الغرب هو استقلال الدول، فمتى ما رأيته غضبانا على دولة فاعلم بأنها بدأت في استقلالها، وبدأت في إدارة مواردها الاقتصادية بمعزل عن نصب وسرقة الدول الطامعة، وبدأت في اتخاذ قرارتها السياسية والاقتصادية باستقلالية ومن عمق وطني... وإيران هكذا، فمنذ قيام الثورة الإسلامية الإيرانية عملت على الاستقلال ودفعت ومازالت تدفع ضريبة هذا التحدي وستدفع المزيد والمزيد، وكأنها أمام خيارين: إما الإذعان لشروط الغرب، وإما معاناتها المستديمة من المأزق المصطنع لترجع إيران ألعوبة بيد الغرب كما كانت أيام أسرة بهلوي.

والحقيقة أن هناك خيارا ثالثا يمكن أن يتحقق في الزمن المنظور، وهو أن تكون إيران بلدا يفرض شخصيته الإقليمية والعالمية إذ يستبدل الغرب طرائق تعامله الحالية معه، ويحل محلها التسليم بقوته والتعامل معه كما يتعامل النظير مع نظيره.

ونقول (يمكن أن يتحقق) لأن هذا الخيار يسير على السكة حاليا ويتجلى ذلك في مفاوضات إيران مع الإتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامج إيران النووي، والتي تظهر فيها إيران بقوة وصلابة في موقفها القانوني والسياسي، وكذلك مهارة تقنية غير مسبوقة، إلى جانب حواره معها بشأن دول جوارها مثل: العراق وأفغانستان، عوضا عن تفكير أميركا في تغيير سياستها تجاه إيران، والتي أفصحت عنها غير مرة.

وربما يكون السلوك الغربي الأخير جاء من باب استغلال فرصة ظنا منهم أنها تمر مر السحاب، ولابد أن تنتهز إذ من الممكن أن لا تعود أن تتأخر، ولكن شاءت الأقدار أن تفوت إيران هذه الفرصة على أعدائها، وبالتأكيد فإنها تدرس ما جرى بدقة، وستضع بعد صفاء ذهنها ضمانات عدم تكرار ذلك في المستقبل.

ياسر عباس خميس

العدد 2529 - السبت 08 أغسطس 2009م الموافق 16 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً