العدد 2533 - الأربعاء 12 أغسطس 2009م الموافق 20 شعبان 1430هـ

يتوجب على الإسرائيليين اليهود والفلسطينيين أن يتحاوروا

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

من الواضح أن الإسرائيليين اليهود والفلسطينيين عالقون في نزاع سياسي عرقي مفعم بالعواطف الشديدة. ولكن لا يملك الطرفان أي خيار في نهاية المطاف سوى التحدث مع بعضهما بعضا. يتوجب عليهما التواصل لحل الخلافات السياسية، ورغم أن ذلك قد يشكل مفاجأة للبعض، فإن النقاش سوف يشكل أداة الحل الأولية.

تقترح البحوث حول الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين أنهم يتحاورون بشكل متكرر وبشدة، ولكن دون فاعليّة كبيرة. وينزع كل طرف لاتخاذ مواقف متطرفة والإصرار عليها. لسوء الحظ أنهم يقضون وقتا قليلا ليختبروا بدقة ادعاءات الطرف الآخر وافتراضاته المسبقة. بالمقابل يشكّل الحوار المثمر البنّاء خلافا مبنيا على المبادئ، يُنتج في الظروف الملائمة من التواصل بين المجموعات، ادعاءات قائمة تساعد على تحقيق إجماع جديد من خلال الفهم والعمل باتجاه تفسيرات مشتركة.

ورغم أن النزاع بين اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين مفعم بالعواطف والمشاعر، إلا أنه لا يعني أن الجدل العقلاني عديم الجدوى. تحتفظ المجموعات وليس الأفراد فقط بمعتقدات ومواقف سياسية يجب التعامل معها وعدم اعتبارها أكواما عاطفية مبعثرة لا يمكن حلها. واقع الأمر أنه من المهم ألا يحدث ذلك. يستطيع الإسرائيليون والفلسطينيون أن يستفيدوا من التعرّض المتواصل لبعضهم بعضا خلال عمليّة حل النزاع. ويعتبر هذا التعرّض لوجهات نظر غير متجانسة مفيدا لأنه يستطيع أن يسمح لإسرائيلي، على سبيل المثال، أن يزيد من وعيه بالعقلنة والافتراضات التي تبطّن وجهة نظره والحصول على فهم أوسع للعقلنة والافتراضات التي تعزز وجهة النظر الفلسطينية، وهي عملية من الأرجح أن تزيد من التسامح على الجانبين.

هناك خمس فوائد يمكن التمتع بها من خلال الاهتمام المتزايد بنوعية الجدل في النزاع بين اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين، أولها التعرّض الذي ما فتئ يزداد اتساعا للمعلومات. يزيد الجدل، ببساطة، من احتمالات اتخاذ خيارات أفضل، لأن الأفراد يستطيعون التوجه إلى ما وراء حدود معرفتهم وقدراتهم والتفاعل مع بعضهم. وهم يستطيعون المشاركة في ذكاء الآخرين، وأن يتم استنساخ ذكائهم بأساليب جديدة. وقد وجدت تامارا ويتس، التي تدرس المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين أن الحوار والتبادل الجدلي وسّعا من مجال المعلومات المتوافرة للأخذ بالاعتبار.

ثانيا، يزيد الجدل النشط ذو النوعية الجيدة من مجال الحلول البديلة، ويساعد على إدارة مشكلة التعقيد. يستطيع المرء على سبيل المثال أن يجمع، في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني كل أنواع المعلومات من السياسيين والقادة العسكريين وبيوت الفكر والمتخصصين في النزاع والمواطنين العاديين، ويبقى من الصعب رغم ذلك معرفة كيفية حل المشكلة. ويعود ذلك إلى أن المجموعات المختلفة تملك أنواعا مختلفة من المعلومات والخيارات الفضلى للنتائج والمخرجات. يمكن تعرية الأخطاء والسيطرة عليها من خلال الانخراط الجدلي النشط.

ثالثا، يمكن للجدل بين اليهود الإسرائيليين والفلسطينيين أن يكون مفيدا من خلال فضح مجالات التضارب بين الواقع الاجتماعي ومبادئ العدل والمساواة. ويساعد الجدل بشكل خاص في عملية عرض الأسلوب الذي تحافظ فيه الوقائع الاجتماعية على الاستثناء أو التمييز، فهذه الاستثناءات تأتي نتيجة لأحكام خاطئة تؤدي إلى المشاكل، ويجب فضح أحكام كهذه.

رابعا، يوفر الجدل الذي ينخرط فيه طرف ما صيغة جماعية من التبرير. يضطر المرء للاستغناء عن المصلحة الذاتية واعتبار الجماعية بشكل أكثر شمولية. افترض أن وسيطا طلب من المشاركين من طرفي النزاع كتابة ما يتوقّعونه من المفاوضات بشكل سري. لا يتوجب على أي من الطرفين تبرير ما يكتبه للطرف الآخر، ويستطيع ببساطة التعبير عن المصلحة الذاتية. إلا أن التفاعل نادرا ما يقف هناك. سوف يطلب الطرف الآخر أسبابا وتبريرات من الأرجح أن ينتج عنها اعتدال في وجهات النظر.

أخيرا، يقوم الجدل بإضفاء الشرعية على القرارات. تعتبر القرارات الشخصية أكثر بساطة حيث أن القرار لا يتطلب موافقة الآخرين. إلا أن القرار الجماعي يعتمد على دعم المشاركين ومن الأرجح أن يتم الحصول على هذا الدعم عندما تتجادل المجموعة في القضايا. إضافة إلى ذلك، إذا زاد الجدل بين المجموعات من فرص الإجماع وعمل على تحسين نوعية القرارات، من المنطقي الاستنتاج أن أفراد المجموعة سيكونون على الأرجح أكثر دعما للقرار. يعتبر هذا الدعم المشترك حاسما في عملية تفاوضية إسرائيلية فلسطينية.

يعتبر الجدل الأداة الأخلاقية والفكرية الأكثر فاعلية لحل المشاكل. يعمل الجدل المبني على المبادئ على توسيع مجال المصادر المعلوماتية، مركزا الاهتمام على القضايا الحقيقية، ومضفيا الشرعية على الحلول. صحيح أن العمليات الجدلية المخصصة لحل النزاعات تتسم بالفوضى والتعقيد وتشكل تحديا. ولكن إذا أخذنا بالاعتبار احتمالات العنف والدمار في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن ذلك التحدي هو تحدٍ لا نستطيع تحمل تجاهله.

*أستاذ في كلية الاتصالات بجامعة هارتفورد بولاية كونكتيكت بالولايات المتحدة الأميركية، قام بتأليف عدة كتب وكتابة عدة مقالات حول الجدل وعمليات الاتصالات المتعلّقة بالنزاع الإسرائيلي اليهودي والفلسطيني، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2533 - الأربعاء 12 أغسطس 2009م الموافق 20 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً