العدد 2242 - السبت 25 أكتوبر 2008م الموافق 24 شوال 1429هـ

نعوم تشومسكي في البحرين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أتاحت جامعة البحرين فرصة ثمينة للمثقفين والمهتمين وطلبة قسم الدراسات الأميركية، للقاء متلفز مباشر مع المفكر الأميركي نعوم تشومسكي.

تشومسكي من أبرز المفكرين الغربيين من ناحية العمق ووفرة الإنتاج، فقد أصدر أكثر من سبعين كتابا في اللسانيات والسياسة والاقتصاد. وعرف بنقده الشديد لسياسات بلاده، من حيث ازدواجية المعايير، وانتهاك القوانين الدولية التي تطبّق فقط على الفقراء.

في البدء، كانت الكاميرا مركّزة على كرسي في غرفة صغيرة، وعندما دخل الرجل أخذ يسأل: هل تسمعونني؟ وعندما تلقى الإجابة بدأ يقلّب الأوراق بين يديه، ويجيب على الأسئلة المدوّنة مسبقا. وكان من الطبيعي أن يتمحور أكثرها عن منطقتنا في لحظتها الراهنة، لكن الرجل الموسوعي أخذ يتنقل عبر مسافة زمنية تمتد ثمانين عاما، ليثبت أن إطلاقه اسم «الدولة القائدة للإرهاب» على بلاده لم يكن تجنيا عليها.

الرجل الذي سيحتفل بعيد ميلاده الثمانين بعد شهر واحد، يدهشك ما تحتفظ به ذاكرته الجبارة من تواريخ وأرقام وحوادث وضحايا حروب... بل ويستشهد أحيانا بكلمات وأقوال الرؤساء، التي تدعّم رأيه فيهم كمجرمي حرب، فهو يقول إنه لا يوجد رئيس أميركي واحد يمكن أن يفلت من الإدانة فيما لو طبقت مبادئ محكمة نورمبرغ لمجرمي الحرب عليهم. ويرجع بذاكرة الحضور إلى إعلان كينيدي الحرب على كوبا، مرورا بحرب كوريا وفيتنام، ونيكاراغوا وبنما... والعراق وأفغانستان.

كان الرجل أشبه بمن يقدّم شهادة موثقة على العصر الأميركي المتضمخ بالدم والآلام، فما سُمّي بـ «الحرب على الإرهاب» له جذوره الضاربة في السياسة الخارجية الأميركية، منذ كينيدي وجونسون ونيكسون وريغان وبوش (الكبير والصغير)! حتى في عهد الديمقراطي بيل كلينتون، تم الاعتداء على بلد آخر بتدمير مصنع الشفاء للأدوية في السودان، ولو حدث ذلك في بلد غربي لأعلنت الحرب على الإرهاب، ولكنه وقع ضد بلد ضعيف فلم يهتم له أحد.

تشومسكي له رأيٌ سلبيٌ في نظام الانتخابات الأميركي، من حيث عدم وجود فرص تغيير حقيقي تترجم آمال الشعب، فالناس يمكنهم فقط الاختيار بين أحد شيطانين ليصبح رئيسا، ولذلك عندما سئل عن موقفه من الانتخابات المقبلة، كان لديه ثمة أملٌ بالتغيير، وخصوصا عندما يقارن بين أوباما، وبين ماكين المتعجرف، الذي لا يعرف غير لغة القصف والتدمير والإبادة وسفك الدماء. وهو يعتبر أميركا أخطأت في فيتنام، لأنها لم تستخدم ما يكفي من الحرق والقصف... مع أن الدمار الذي ألحقته بفيتنام، ما زال ضخما، أرضا وشعبا وإمكانات.

تشومسكي ذكّر بموقف بلاده السيئ من احتلال «إسرائيل» للبنان عام 1982، بالوقوف ضد صدور الفيتو في مجلس الأمن، مع أنه جريمة ضد السلام والإنسانية. وقبل ذلك موقفها في حرب 1967، حين دعمت سياسة موشيه ديان، الذي كان يتكلّم عن الفلسطينيين بقوله: «هم يعيشون الآن كالكلاب، ومن يريد منهم أن يهاجر فليهاجر».

الفلسطينيون ظلوا يقاومون ببسالة، وبعد سبعين عاما من الغزوات وتدبير الفتن والانقلابات، أصبحت أميركا عاجزة عن الإطاحة برئيس مشاغب في حديقتها الخلفية (تشافيز)، وهي عاجزةٌ عن فرض رأيها على العراقيين، أو المجيء بنظام دكتاتوري آخر لتحكم عبره العراق -كما قال تشومسكي- فالرجل القوي (السيستاني) بإمكانه بفتوى واحدة أن يغيّر كل المعادلات

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2242 - السبت 25 أكتوبر 2008م الموافق 24 شوال 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً