العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ

«ملائكة البعث» و «شياطين الصفوية»

المد الصفوي وصناعة الوهم... الصعود الجديد لقوى البعث والتكفير

«الإنسان كائن يتشبث بشبكة المعاني التي نسجها بنفسه».

ماكس فيبر

«حزب البعث لايزال له حضور في البحرين، و«التجمع القومي» اليوم غالبية عناصره بعثثين، وهناك أشخاص يتعاطفون مع أفكار الحزب من دون أن تكون لهم صلة تنظيمية به. ليست لي علاقة بالتنظيم منذ عشرين سنة بالضبط، لكنني مازلت أحمل الفكر نفسه. وفي البحرين التنظيم نخبوي ولكننا حتما: (القدر المحبب للأمة العربية)».

غازي الموسوي في شهادته على تاريخ البعث في البحرين

المنغلقون على الإنسانية والمدنية والحضارة غالبا ما يذهبون إلى اختلاق زاوية محكمة الإغلاق خارج منظومتهم الاجتماعية. علة ذلك، أنهم يوظفون هذه الزاوية في اتجاهين استراتيجيين. الاتجاه الأول هو تكوين خط الممانعة عن الاندماج مع الآخر والتناغم معه، أما الثاني فهو اختلاق أزمة مشتركة لجميع أفراد المنظومة بحيث تتصل إراداتهم بإرادة المقاومة والتوحد ضد هذه الزاوية المغلقة ممثلة بالأزمة المفتعلة. وتأتي دعوات التحذير من «المد الصفوي» في هذا السياق تحديدا. تظهر دعوات التحذير من الصفوية بوضوح تام في سياقات سياسية وإعلامية تهدف بالدرجة الأولى إلى صناعة متخيل يحمل في تخومه خطرا إيرانيا/ فارسيا/ صفويا يحاول الامتداد إلى الخليج العربي. وتستثمر مثل هذه الخطابات السياسية الكثير من الآليات التي تحاول من خلالها تبرير الانسياق لهذه الفكرة وتصديقها ومن ثم العمل على جعلها واقعا اجتماعيا معاشا. تتمركز هذه الدعوات تارة بأبعاد طائفية - باعتبار إيران دولة شيعية - وبأبعاد قومية مضادة لثنائية «العرب - العجم» تارة أخرى.

تحاول هذه الجماعات المختلفة الأيديولوجيات الضغط على المخيال الاجتماعي في الخليج للقبول بفكرة «العدو الإيراني القادم» مستثمرة التجربة العراقية خصوصا. وتدخل في هذا السياق فلول البعث في تحالف ملحوظ مع القوى الإسلاموية التكفيرية المتشددة من الطائفة السنية لتضغط في هذا الاتجاه تحديدا. ويصف ميشيل سيرتو هذه الآليات التي غالبا ما يلجأ إليها الخارجون من انحسارات سياسية بأنها محاولات تصب في محاولة «التزود بمشروع شامل وتجميع الخصم في حيز معين ومرئي وقابل لأن يصبح هدفا». قوى البعث عبر ترويج ما تسميه بالمد الصفوي/ الفارسي/ الإيراني تحاول بناء مشروع جديد يعتبر بديلا لمشروع الدولة العراقية التي انهارت في الحرب الأخيرة، وتسعى تحديدا إلى حصر الشيعة في حيز محدد (المد الصفوي) وهم بذلك يصبحون هدفا واضحا لجميع الخائفين (المُتوقعين) من «المد الصفوي» الملفق.

ويشير جان فرانسوا بايار إلى أن هذه الجماعات الانغلاقية غالبا ما تسعى إلى ردف عملية صناعة العدو الوهمي بتقنية مهمة وهي «تصنيع الأصالة». أملا في استكمال مشروعها الثقافي أولا والاجتماعي السياسي ثانيا بالنتيجة. فالتحذير من الصفوية/ الفارسية/ المد الإيراني فقط لا يجدي ما لم يقترن بوجود الجماعة النقية والصالحة التي سيكون عليها التصدي للصفوية ولجمها وإنقاذ الأمة من الهجمة الفارسية. وسيكون لجماعات البعث والإسلاميين التكفيريين تحديدا أن يكونوا أولئك الأصليين/ المتصدين/ المنقذين/ والأبطال المنتظرين للجم «الصفوية» والحد من تغولها!وفي الحقيقة، تتداخل اليوم الكثير من الإشارات المهمة في سياق هذا التصادم القائم على التحالف الجديد بين القوى التكفيرية وقوى البعث من جهة وبين «الصفوية» - التي لم نجد حتى الآن من يمثلها - من جهة أخرى. قد يقول قائل إن إيران... والحكومة العراقية بغالبيتها الشيعية اليوم هي دلالة المد الصفوي الذي يُخشى منه. نقول إن ثمة فارقا دقيقا بين أن تقرأ خطاب التحذير من المد الصفوي بوصفه تهديدا خارجيا، وأن تنتج خطاب التحذير من المد الصفوي بوصفه خطرا داخليا.

هذا الفارق الدقيق بات اليوم واضحا، فقوى التحالف البعثي والإسلاموي التكفيري في الخليج عموما تبني خطابها السياسي المحذر من الصفوية باعتبار أن الشيعة العرب في الخليج هم امتداد للصفوية الإيرانية، وهذه النتيجة الظاهرة والواضحة في هذه الخطابات تجعل الفارق الدقيق يتلاشى. ليفهم كل شيعي في المنطقة أنه مستهدف استهدافا مباشرا من هذه الدعاوى.

العرب الشيعة إبان الحرب العراقية - الإيرانية ساهموا في الدفاع عن العراق بغض النظر عن شرعية الحرب أو مسبباتها. وهو ما يجب الوقوف عنده طويلا. اللعبة القومية البعثية المتحالفة مع قوى «القاعدة» وفلولها اليوم لا تقتصر على التحذير من المد الصفوي بوصفه منتجا إيرانيا محضا، بل هي ممتدة بالدرجة الأولى لجميع الشيعة في الخليج، وهذه النتيجة تجعل - كما ذكرت - كل شيعي المنشأ بغض النظر عن أيديولوجيته اليوم مستهدفا بالضرورة.

النموذج البحريني... والأجراس المعلقة

صوّت البحرينيون في بدء عهد استقلال الدولة بعد نهاية فترة الوصاية البريطانية للبقاء تحت الحكم العربي، وهذه إضاءة.

الإضاءة الثانية تاريخية الذاكرة؛ فالإيرانيون وفق معادلات قوميتهم المتعصبة لطالما كانوا متقوقعين داخل قوميتهم، ويذكر لنا التاريخ أن حضارات فارس في أوج قوتها لم تنجح البتة في صناعة حال تشكيل امبراطوري، فقد كانوا يقتصرون على مملكتهم على أرض فارس وأفغانستان واعتماد سياسة التحالفات الإقليمية بالدرجة الأولى.

إيران اليوم وفق معادلات الحصار الدولية بقيادة الولايات المتحدة هي أضعف من أن تلعب دورا إقليميا مهددا لأمن واستقرار دول الخليج العربية. ماخلا أن تتعرض طهران لضربة عسكرية أميركية مباشرة، عندها سيكون أمن دول الخليج كافة مهددا، لا لحال امتداد صفوي بل لأن معادلة سياسية - أميركية الإنتاج - بدأت تطلب من يستطيع حلحلتها.

الفارق الوحيد في المعادلة هو أن الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979 أفضت لحال جديدة من التبشير الديني (مبدأ تصدير الثورة) ولا ينكر أحد أن الشيعة في الخليج والعراق لم يتأثروا فترة من الفترات بهذه الدعوة وامتداداتها. إلا أن هذا التأثير الإيراني لم يقتصر على الشيعة، بل كان ممتدا ليطال المجتمعات العربية السنية كافة في المنطقة، وصولا إلى أقصى المغرب العربي.

دعوات تصدير الثورة الإيرانية هُوجِمت من قبل العراق برعاية أميركية فرنسية بريطانية خليجية، وفعلا نجحت القوى الدولية والإقليمية في تحجيم إيران وإنهاء طموحاتها التوسعية في المنطقة، وكان على إيران أن تعطل «تصدير الثورة» إلى غير رجعة.

الشيعة في الخليج هم كذلك أعطوا الإيرانيين مؤشرات فكاك مباشرة، لم تكن المعارضة الشيعية في البحرين قبل ميثاق العمل الوطني 2001 رهينة للإملاءات الإيرانية، ولم تصدر المعارضة البحرينية يوما ما خطابا سياسيا طائفيا، بل كان مجمل خطابها السياسي مرتكزا على دعاوى وطنية تضمن للبحرين استقلاليتها ودستوريتها ونظامها السياسي كما هو، بما يشمل أن يبقى الحكم محددا في العائلة الكريمة المالكة.

وأتت المصالحة السياسية في البحرين عبر ميثاق العمل الوطني 2001 لتكون المنعطف الأهم في الحركة الوطنية المطلبية لدى شيعة البحرين خصوصا. بدأت بعدها المعارضة من الداخل في استكمال مشروعاتها الإصلاحية من الداخل، وبرعاية ملكية، ومن داخل قبة المجلس النيابي.

كذلك كان التصالح السياسي في السعودية. فبعد مصالحة لندن وتفكيك مكاتب المعارضة الشيعية في دمشق ولندن أصبح الداخل السعودي بشيعته وسنته في حال سياسية مميزة، أتمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بمشروع الحوار الوطني. أضف إلى ذلك، حال الاستقرار السياسي والاجتماعي التي تتمتع بها التجارب السياسية في الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة وعمان.

وعودا على الداخل البحريني، لابد من فضح الممارسات التي عمدت لها بعض القوى السياسية المشكوك في توجهاتها، والتي اتجهت تحت دعاوى المد الصفوي/ الفارسي/ الشيعي إلى صناعة مشروعات تآمرية داخل الوطن، وهو ما أصبح اليوم حديث الشارع السياسي في البحرين. هذه المشروعات التي صعدت فئة محددة من النسيج الاجتماعي البحريني على أكتافها على رغم فضحها مازالت تتحكم في الكثير من المؤسسات السياسية الرسمية، وهو ما يصب في تعقيد الورقة الطائفية في البحرين ويزيد من تأزيمها.

البحرين في هذه الأجواء الإقليمية المعقدة تتعرض لحال اغتيال سياسي من بعض الطامحين في المزيد من السلطة والقوة. وفي الحقيقة، لا يبدو هذا القلق طائفيا صرفا، فالكثير من الفئات والطبقات السنية باتت مدركة خطورة هذه الجماعات الطائفية وإحكامها السيطرة على الكثير من المؤسسات ووزارات الدولة.

وتبقى بارقة الأمل في أن يفضي العمل الوطني الصادق من مؤسساتنا السياسية على اختلاف توجهاتها إلى الحد من هذا التغول السياسي لهذه العناصر تحديدا.

القومية البعثية وقوى التكفير الجديدة

لابد من التركيز على أن القوى القومية البعثية في الخليج تحديدا لا تزيد عن كونها أداة بيد حليفتها المركزية (القوى الإسلاموية التكفيرية). والذي لابد من التركيز عليه أيضا هو ذلك القاسم المشترك بين التبشير بالقومية -البعثية النفس - من جهة والتحذير من الصفوية والمد المجوسي من جهة اخرى. وهو أن العلاقة بين المشروعين السياسيين طردية تماما. إذ إنها - كما ذكرت سابقا - عملية تقتضي الإحلال وتبادل المراكز دوريا، فلكي ننجح في مقاومة المشروع الصفوي لابد لنا أولا من تمكين القوى الإسلامية التكفيرية بمعية القوى القومية البعثية.

الذي سيحتاج منا إلى التركيز أكثر هو أن الحقيقة المغيبة في كل هذا، هي أن هذه القوى التكفيرية لا تسعى من هذا التحالف إلا إلى الرجوع بالوضع الإقليمي إلى حال سيطرة الدول الواحدية الدكتاتورية بما يشمل نموذج الدولة العسكرية القامعة. وهو ما كان بالنسبة إليها «البيئة» الأفضل للنمو والفاعلية. فليس لدى هؤلاء عدو إيراني أو فارسي يواجهونه أصلا. فضلا عن أن البعث القومي - حليف اليوم وعدو المستقبل بالضرورة - أمام هذا المد الإسلاموي ليس أكثر من «هراء» سيتم تجاوزه لاحقا بسهولة. أما طريفة هذه المعادلة فهي أن كثير الرموز التي تتحكم بهذه اللعبة وتلعب دور المروج النظري لها هم مستعربون «إيرانيون». وكأن أحد أهم رموز هذه المعادلة صراع (إيراني/ إيراني)، وعلى العرب الشيعة أن يدفعوا ثمن هذا الصراع المستتر خلف القومية العربية والبعث والتحذير من المد الفارسي القادم.

لماذا العراق تحديدا؟

السؤال المركزي هنا، لماذا يعمد هذا التحالف إلى استثمار النموذج العراقي كإسناد واضح ومباشر لوهم المد الصفوي الذي دخل بغداد فعلا، وينتظر دخول العواصم العربية الأخرى؟!

يستثمر هذا التحالف وصول الغالبية الشيعية المتحالفة مع الأكراد (السنة) للسلطة في العراق في تخوين الولاءات السياسية للشيعة في العراق وفي التدليل قبل ذلك على أن المخطط الصفوي الإيراني حقق نجاحه الأول في بغداد. هذا الإسناد التطبيقي للنظرية، مقنع جدا، لمن يقرأ الأمور من زاوية ضيقة، ولمن لا يريد أن يقرأ الأمور إلا بالطريقة التي يريد أن يقرأها بها، وهذا هو الإنسان بتعبير ماكس فيبر «الإنسان كائن يتشبث بشبكة المعاني التي نسجها بنفسه».

الشيعة في العراق لم يصلوا للسلطة إلا بمباركة أميركية قبل أن تكون لإيران فرصة الحصول على جار عراقي شيعي الطابع. وهو ما يحيل إلى أن نجاح الإيرانيين في العراق - الصفوي عرضا - هو أميركي الصناعة. القوميون البعثيون تحديدا يعطوننا حلا مبدئيا لهذه المعادلة، وهو أن ثمة تحالفا أميركيا إيرانيا يدار سرا. حسنا، عبر هذا التأويل، نرى أن على دعاة التحذير من الصفوية والمد الإيراني أن يقاوموا الولايات المتحدة أيضا.

الصفوية... هروب من الضعف العربي

يذهب نضال نعيسة في قراءته المطولة لدعاة التحذير من المد الصفوي إلى أن الموقف التاريخي الحرج للعرب حاليا أدى إلى ظهور «مقولات من مثل صعود الخطر النووي الإيراني، أو تصدير الثورة الإسلامية، أو التمدد، والهلال الشيعي (...) وإذا نحينا الجانب (التطييفي) الفاقع للموضوع الذي عبرت عنه تلك التصريحات، فهو لم يكن إلا تعبيرا عن وجود أزمة على جوانب، وصعد أخرى. ولم تكن -التصريحات - في الحقيقة سوى جزء يسير للكشف عن جبل الجليد الإيراني الظاهر، إذا علمنا الكم الهائل من الثقل الاستراتيجي الذي باتت إيران تشكله في المنطقة. ولن يعيب أو يضير إيران وصفها، أحيانا، بالفارسية، أو الصفوية، أو التشيع على الإطلاق، فلقد أضحت واقعا جيوبوليتيكيا ضاغطا لا تستطيع أية قوة في المنطقة أن تتجاوزه أو أن تتخطاه». ويؤكد نعيسة أن مجمل الدعايات العربية عن الصفوية لا تزيد في حقيقتها عن ردة فعل لهذه الفاعلية الإقليمية لإيران تجاه التضعضع العربي على أكثر من صعيد، ويأتي سقوط نظام صدام حسين في العراق ليجعل من إيران فعلا القوة الإقليمية الأهم في المنطقة، ولأن الأنظمة العربية تدرك ذلك جيدا، بدأت بلاشك في استثمار «الشعارات الطائفية» كتكتيك مضاد للصعود الإيراني.

ويشير الكاتب إلى دلالات عدة تصب في أن لا سلوك امبراطوريا لإيران يمكن لأحد أن يخاف منه، فإيران فمثلا، وبشكل سريع ومكثف جدا، «اختطت لنفسها نوعا من الديمقراطية المقبولة وسط دكتاتوريات مستبدة ومستفحلة، وكان هناك تبادل سلمي للسلطة. فتناوب على كرسي الحكم في إيران نحو ستة رؤساء للجمهورية. والرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد، هو من عموم الشعب، وليس ملكا أسطوريا من ملوك ألف ليلة وليلة، وليس سليل عائلات عريقة، ولا يتبجح بأنه من بني هاشم، ولا قريش، ولا عبدالمطلب».

آخر الكلام... شهادة الموسوي مرة أخرى

يقول غازي الموسوي في شهادته على تاريخ البعث في البحرين «حزب البعث لايزال له حضور في البحرين، والتجمع القومي اليوم غالبية عناصره بعثية، وهناك أشخاص يتعاطفون مع أفكار الحزب من دون أن تكون لهم صلة تنظيمية به. ليست لي علاقة بالتنظيم منذ عشرين سنة بالضبط، لكنني مازلت أحمل الفكر نفسه. وفي البحرين التنظيم نخبوي ولكننا حتما: (القدر المحبب للأمة العربية)».

وأهم من تلك العبارات أعلاه هو اعتقاده بأنه والبعث «القدر المحبب للأمة العربية»! هذا التجاوز المهم والمباشر هو إسناد واضح على ما بدأناه في هذه القراءة التحليلية، وهي أن التحالف «البعثي» - «التكفيري»... الفارسي الأصل في الكثير من كاريزمياته هو من سيلعب دور المنقذ والمخلص والبديل الواقعي والمنطقي في وجه المد الصفوي، الذي لا وجود له في الحقيقة، وإن كان موجودا فعلا، فهو لا يزيد عن كونه مشروعا بديلا يوجهه التكفيريون والقوميون العرب الجدد في الخليج. وفي ذلك حديث آخر... وللحديث صلة.

العدد 1588 - الأربعاء 10 يناير 2007م الموافق 20 ذي الحجة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً