العدد 1608 - الثلثاء 30 يناير 2007م الموافق 11 محرم 1428هـ

كيف قتلت أمة النبي ابن النبي؟

حدثت واقعة كربلاء بعد خمسين عاما من وفاة النبي (ص)، وعلى أيدي جماعة قالت إنها من أتباعه من المسلمين. ولكن، تحت راية الذين ظلوا يقاتلون النبي (ص) حتى خمس سنوات قبل وفاته حين أسلم الكثيرون في تلك الديار؛ ما اضطرهم إلى أن يسلِّموا بالأمر الواقع ويصبحوا مسلمين في الظاهر، وكما قال عنهم عمار بن ياسر (رض): «استسلموا ولم يُسلموا».

ويذكر المفكر الشهيد مرتضى المطهري في كتابه «الملحمة الحسينية» أن أبا سفيان قاتل النبي (ص) مدة تناهز 25 عاما، وكان في السنوات الخمس الأخيرة قبل استسلامه على رأس الجماعات المحاربة للإسلام، وكان حزبه الأموي من أعدى أعداء الله ورسوله وألدَ أخصامه، ولم تمضِ 10 سنوات على وفاة النبي (ص) حتى صار ابنه معاوية - الذي ظل يقاتل النبي (ص) مع أبيه - واليا للمسلمين على بلاد الشام وسورية وخليفة للنبي (ص) وأميرا للمؤمنين بعد مضي 30 عاما على رحيل الرسول (ص).

ويتابع المطهري «وبعد مضي 50 عاما على تلك الرحلة صار يزيد بن معاوية هو الخليفة والوصي على شئون المسلمين، وقام بقتل ابن النبي بذلك الشكل الفجيع وعلى أيدي جماعة من المسلمين كانت تنطق بالشهادتين وتصلي وتؤدي مناسك الحج... وهذه الجماعة لم تكن تنكرت للإسلام ولا كانت تنكر حرمة مقام الإمام الحسين (ع)، وكانت تعتقد بأفضليته على يزيد»، ويتساءل المؤلف: «إذا ماذا حدث حتى صار المسلمون هم قتلة الحسين؟».

ويجيب عن السؤال بقوله: «تمكن معاوية من تعبئة القبائل العربية كافة التي كانت قد اتخذت من الشام سكنا لها بعد فتحها وجعلها تنادي بصوت واحد وترفع لواء الانتقام من قَتَلة عثمان ورد الحيف الذي لحق بالخليفة المظلوم، ومن خلال قميص عثمان استطاع معاوية أن يعبئ قوى الإسلام ضد الإسلام، وصعد الموقف باتجاه حسم الصراع لصالح توليه قمة الهرم السلطوي، إذ وجه معاوية اتهاماته ضد الإمام علي (ع) واعتبره المحرض على قتل الخليفة، وعلى الناس أن يقوموا ضد الخليفة الجديد الذي لم يكتفِ بقتل الخليفة فقط بل وآوى الثوار وحماهم كما يزعم معاوية، وما أكثر دموع التماسيح التي ذرفها معاوية في هذا المجال»!

وفي موضع آخر يقول المطهري «إن عليّا (ع) كان قد تعامل مع عثمان مثلما تعامل مع الخلفاء الذين سبقوه، فهو لم يبخل عليه بنصيحة ولا بإحسان عام، وعندما حوصر أشار عليه بطريق الصلاح والإصلاح كما أوصل إليه المؤن والمساعدة، وأرسل الإمام الحسن والحسين ليردا عن باب عثمان الثائرين عليه، بينما ظل معاوية يتفرج من بعيد بالرغم من امتلاكه لتلك القوة العظيمة في الشام، ولكنه فضل استغلال نتائج الفتنة بعد أن استغل مقدماتها، ورفض كل نداءات المساعدة التي طلبها عثمان منه بالرغم من قدرته على القضاء على الثوار؛ لأنه كان يعرف أن عثمان ميتا أفضل له من عثمان حيا، فجلس ينتظر مقتل عثمان وما إن وصل إليه نبأ القتل حتى اعتلى منبر السلطة وصار ينادي: واعثماناه»!

ويتابع المطهري «إن ما حصل في قضية معاوية يقوم على قاعدة الثأر والانتقام، وهي الروح العصبية والجاهلية إلا أنها ظهرت هذه المرة بلون إسلامي وشعارات إسلامية! وارتكب معاوية في عهده حماقة كبرى أدت إلى زوال ملك بني أمية وهي تعيينه يزيدَ وليا للعهد، وهي فعلة لا تغتفر لأن يزيدَ كان أسوأ خيار ممكن لمنصب الخلافة. وما يلفت النظر في واقعة كربلاء ووقعة الحرّة في المدينة هو أن أعوان يزيد أظهروا دناءة وخسة نادرتين في كلتا الواقعتين، فهم كانوا يمارسون تلك الجرائم في الوقت الذي لم يكونوا ينطلقون من موقع الكفر لكنهم أعلنوا الحرب ضد دينهم وعقيدتهم من أجل إشباع بطونهم وأنفسهم بالشهوات والجاه والسلطان؛ ولهذا فهم من هذه الناحية أسوأ من كفار بدر وأحد وأحقر؛ ذلك لأن حرب أولئك كانت على الأقل حربا من أجل العقيدة».

العدد 1608 - الثلثاء 30 يناير 2007م الموافق 11 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً