العدد 1615 - الثلثاء 06 فبراير 2007م الموافق 18 محرم 1428هـ

تقييم الخسائر البيئية في البحرين

خولة المهندي comments [at] alwasatnews.com

رئيسة جمعية اصدقاء البيئة

كلما مر تاريخ الثاني من فبراير/ شباط تذكرت احتفالنا الأول بيوم الأراضي الرطبة عبر ندوة تلفزيونية مميزة قدمت للجمهور البحريني والعربي متعة وألم التعرف على خليج توبلي بيئيا وبيولوجيا وتراثيا وإنسانيا والتعرف على حرص البحرينيين على ذلك الخليج الثري بكل معاني الثراء، من خلال الصور والأرقام والخرائط والأبحاث العلمية والتاريخ المسجل لمساعي النشطاء البيئيين ومن خلال كلمات بسيطة وعميقة لشاب توبلاني ولد ونشاء وكبر وتزوج وأنجب الأبناء على ضفاف ذلك الخليج الذي ينتمي إليه آباؤه وأجداده. ونحمد الله أن كلل جهود الأهالي والنشطاء البيئيين والمجلس الوطني بغرفتيه ولاسيما الشورى والمجالس البلدية بإعلان عاهل البلاد خليج توبلي محمية طبيعية.

إلا أن خليج توبلي، ذلك الخليج الثري بتنوعه الحيوي وتركيبته النادرة كونه التمثيل الطبيعي الأخير لأشجار القرم في مملكة البحرين، هو الآن في يد الجهات التنفيذية التي بيد كل منها حمايته أو تدميره. خليج توبلي عانى ومازال يعاني من ضغوط بيئية كبيرة جدا تهدد بقاءه فهو في وضع بيئي حرج جدا وبحاجة إلى إنقاذ وإنعاش سريعين ومن ثم خطة بيئية مدروسة لإعادة تأهيله بيئيا ومساعدة موائله على التعافي وتنوعه الحيوي على الانتعاش في خطة مكونة من مراحل بعضها قصير الأمد وعاجل وبعضها طويل الأمد. وأن نكون مستعدين لإعطاء الخليج من العلم والخبرة والجهد والصبر المخلص والإمكانات المالية والتقنية والفنية والبحثية أفضل ما عندنا لنحافظ على ما هو موجود فيه حاليا ونعينه على استعادة أكبر جزء ممكن من ثرواته.

وهذا ما يجعلنا نستغرب التفكير في استثماره تجاريا، ولاسيما عندما يكون هذا التفكير صادرا من المؤتمنين عليه ممن يفترض منهم السعي إلى حمايته ومراعاة مصلحته هو قبل أية مصالح أخرى.

ففي يوم البيئة الوطني من المهم أن نتذكر أن نبعد الاستثمار التجاري عن أي تخطيط أو حديث عن الخليج الذي سعدنا لتونا بإعلانه محمية. أما خطط تطويره أو إقامة أي منشئ عليه فيجب ألا يتم التطرق له قبل الانتهاء من إعداد منظومة محكمة من الضوابط والمعايير غير العادية التي تملك أن تحفظ للخليج هدوءه وسكينته ودعم موائله وتنوعه الحيوي متذكرين أيضا أن محمية رأس سند به هي أرض من أراضي رامسار (الرطبة) المحمية عالميا لتنوعها الحيوي وأهميتها بالنسبة إلى الطيور المقيمة والمهاجرة التي يزخر بها خليج توبلي.

ويجب أن نتذكر أن البحرين لم تسعَ على مدى السنوات الماضية لحماية الخليج بكل طاقتها عبر أبنائها ومؤسسات مجتمعها المدني وقيادتها ومجالسها التشريعية والبلدية، لكي تخسر الخليج اليوم لصالح استثمارات ومشروعات تجارية غير مدروسة.

من المهم أن يتذكر الجميع أن أهمية الخليج تكمن في طبيعته لذلك أعلن محمية، وأنه ليس كل شيء يجب استثماره تجاريا هناك قيم طبيعية وجمالية إن تم تناسيها لصالح الاستثمار التجاري فستضيع ونكون عندها نحن من ضيعنا خليج توبلي.

ومن توبلي نتذكر فشت العظم وجهود التكتل البيئي للدفاع عنه وتصريحات التكتل الأخيرة حول بوادر لتعد على الفشت. ما هو حجم الخسائر التي تكبدها فشت العظم وغيره من فشوت البحرين وهيرات اللؤلؤ والموائل البحرية المهمة كالحشائش البحرية في الساحل الجنوبي الشرقي للبحرين ومصائد الأسماك الشهيرة في السواحل الشمالية للبحرين وأسماك «الصافي» الساحلية المميزة في الدراز و «الميد» الذي فقد اليوم ما تبقى منه طعمه ورائحته الزكية و «الحظور» التي دفنت مع ما دفن من مرابي الأسماك في سماهيج والحد والمحرق والدراز وسترة وغيرها؟

ولن أبدأ الحديث عن الحزام الأخضر ومزارع البحرين فذلك بات معروفا للجميع الآن، السؤال المطروح هو كم خسرنا من مزارعك يا وطني؟ وكم خسرنا من أنظمة حيوية وكائنات حية كآخر تمثيل لبيئات المياه العذبة بعد انقراض «الحنينية» و«الساية» و «الخضرة» وشقيقاتها للأبد.

من يحسب تلك الخسائر؟ ومن يحاسب المتسبب فيها؟ أو على الأقل من يبحث في أسبابها ويضع الخطط الصارمة لمنع تكرارها واستمرارها على هذا النحو العنيف والمرعب؟

هل احتفالنا بيوم بيئتنا الوطني هو تعداد لإنجازات الجهة الحكومية المسئولة عن حماية البيئة؟ أليست هي مسئولة تكليفا لا تطوعا عن حماية البيئة؟ ألم تأتمنها الدولة على مصالح المواطنين فيما يتعلق بصون مواردهم الطبيعية والحفاظ على الحياة الفطرية وتوفير بيئة سليمة صالحة مستدامة لهم ولأجيالهم القادمة؟

اليس كل تصريح يعطى لمشروع يخرب الموائل الطبيعية ويدمر الثروات الفطرية في البر والبحر هو مخالفة لتلك الأمانة وإخلال بالقيام بالواجب؟

في يوم بيئتنا الوطني نريد كما طالبت بذلك جمعية أصدقاء البيئة مؤيدة من أحلافها من المدافعين عن البيئة والبحر، نطالب الهيئة العامة لحماية الثروة البحرية والبيئة والحياة الفطرية بتقديم تقرير لنا جميعا وللمهتمين خصوصا بشأن خسائرنا البيئية حجمها وصورها ومداها، وأن تتعامل مع الجميع والجمعيات البيئية خصوصا بانفتاح وشفافية لتناقش معهم ما تنوي عمله لإيقاف معاناة البيئة وخسائرها التي لا تعوض. فالإنجازات البيئية حين لا تتضمن التصدي لهذه الخسائر الفادحة فلا يمكن أن تحسب كإنجازات تستفيد منها البيئة.

عندما يحدث ذلك يحق للهيئة أن تحتفل بيوم البيئة الوطني لا من خلال تعداد ما تسميه إنجازات ولكن عبر صفحة جديدة تعترف فيها بخسائر البيئة وتعلن عزما صادقا على وضع حل لها، عندها وعندها فقط نقف جميعا ويقف جميع الناس وبلا شك، لنساند الهيئة في مساع حقيقية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من بيئتنا ويكون لاحتفالنا بيوم بيئتنا الوطني معنى تفهمه بيئة الوطن وناسه.

إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"

العدد 1615 - الثلثاء 06 فبراير 2007م الموافق 18 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً