العدد 1617 - الخميس 08 فبراير 2007م الموافق 20 محرم 1428هـ

طيراننا الوطني والطيران الإيراني!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الرابع من أغسطس/ آب الماضي، كان موعد إقلاع الرحلة الساعة 12:00 ظهرا، ولكن طائرتنا الوطنية تأخّرت عن الوصول إلى مطار طهران، فبقي المسافرون (غالبيتهم خليجيون) مدة 7 ساعات في الانتظار. ولم يكن هذا التأخير بحاجةٍ إلى تقديم تفسيرٍ أو اعتذارٍ إلى المسافرين.

يومها حسدت الإيرانيين، إذ اكتشفت أنهم تلقّوا اتصالات مسبقة من مكاتب شركتنا «الوطنية» هناك تخبرهم عن التأخير، بينما بقي العرب (خبر خير)... وهكذا أسررتها في نفسي أتحيّن الفرصة حتى جاءت الاسبوع الماضي!

ففي مساء الجمعة الماضي، كان عددٌ من الأهل في الإمارات على موعدٍ مع السفر على إحدى شركات الطيران الإيرانية، في الساعة الثامنة والنصف، واختصارا للوقت اخترت المرور بالطريق الأسرع للمطار، والذي يمر عبر السنابس، فإذا بنا نُفاجأ بقواتٍ كثيفةٍ من رجال الأمن وسيارات الشرطة والمرور تطوّق المنطقة وتغلق شارع البديع وبقية مداخل المنطقة.

المنظر كان غريبا على عيون الضيوف الإماراتيين، فأخذوا يسألون عن سبب هذا الاستنفار الأمني الكبير، وكم كان صعبا اختصار مشكلات بلدٍ السياسية في دقيقتين! وأعترف بأنه موضوعٌ لا يحبّ المرء الخوض فيه مع «الأجانب»، وخصوصا مع ضيوفٍ قضوا عشرة محرّم الحرام يتجوّلون بين المآتم، ويشاهدون فعاليات الموسم الديني المتنوعة، فلم يروا إلاّ ما يسرهم ويدخل على قلوبهم الطمأنينة والسكينة والسلام.

كان نصف الضيوف الستة معي، ونصفهم الآخر في سيارةٍ أخرى، وهؤلاء اقترحوا شراء بعض «الچباتي» الأحمر لأطفالهم، وهكذا تأخّروا عن الوصول للمطار. وعندما وصلنا إلى نُضُد إدخال العفش، اكتشفنا أنه لا توجد مقاعد لضيوفنا، وبالتالي يمكن أن يعودوا إلى المنزل مرة أخرى. والمفاجأة الأخرى أن هناك مسافرين آخرين من معارفنا أيضا حلّوا ضيوفا عند عائلة بحرينية أخرى، من بينهم أم وأخوان وأخوات إحدى ضيفاتنا!

مندوب الشركة الإيرانية قال إنهم أوصوا بطيارةٍ تسعُ مئة وعشرةَ ركاب، ولكنهم بعثوا طائرة تسع مئة راكبٍ فقط! فكان لابد من التضحية بعشرة ركاب، كان ستةٌ منهم من عائلتنا! وبعد إصرارٍ على إيجاد حل واحتجاجا على سياسة (من سبق لبق)، تفهّم المندوب الوضع، وعرض الانتقال إلى «طيران الخليج»؛ لأن حجزنا مؤكد، وهكذا تم التحويل إلى طيراننا الوطني الحبيب.

وبينما كان العفش في طريقه إلى الشحن، كنت أقول لهم مسليا ومخفّفا من وقع الإرباك: «لعل الخير فيما وقع، ربما تصلون قبل الطائرة الإيرانية»! وفي آخر لحظات الوداع، أضفت مازحا: «احمدوا ربكم... لقد حصلتم على تذكرةٍ أغلى بأربعين دينارا من دون أن تدفعوا درهما واحدا»!

المفاجأة الكبرى جاءت بعد انطلاق الطائرتين في التوقيت نفسه (الثامنة والنصف)، كأنما كانتا في سباقٍ لـ «فورمولا 1»! وكانت المعجزة أن طائرتنا الوطنية الجميلة وصلت في موعدها المحدّد من دون تأخير، أمّا الطائرة الإيرانية فقد مرّت بمشكلةٍ في الجو، فقرّر قبطانها الغضنفر أن يحوّل وجهتها من مطار دبي إلى مطار «كيش»، وهكذا قضى المسافرون المئة ليلتهم على الأراضي الإيرانية، لاجئين في بر فارس، بدل أن يقضوها على أسرّتهم الدافئة في برّ دبي!

في الصباح، أُرسِلَ «مَسِجٌ» من البحرين للاطمئنان على مسافرينا، مع تعليق «اشتر (چباتي) بنصف دينار واحصل على تحويل رحلتك من الطيران الإيراني إلى (طيران الخليج)»! فجاء الجواب من بر دبي: «عرضٌ خاصٌ للعام المقبل: اشتر (چباتي) بدينار، واحصل على تحويل رحلتك من الطيران الإيراني إلى القطرية أو الكويتية أو طيران الإمارات مجانا»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1617 - الخميس 08 فبراير 2007م الموافق 20 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً