العدد 1622 - الثلثاء 13 فبراير 2007م الموافق 25 محرم 1428هـ

الثقافة العلمية العربية (1/3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في مطلع هذا العام صدر عن مجلة العربي في وزارة الإعلام الكويتية كتاب «الثقافة العالمية واستشراف المستقبل العربي» وهو الإصدار الأول لهذا العام في السلسلة الفصلية التي تقدم مجموعة من المقالات والموضوعات لكاتب واحد أو موضوعا واحدا تتناوله عدة أقلام. وهذا الكتاب يقع في الفئة الثانية إذ ضم الكتاب بين دفتيه مجموعة غنية من المقالات تغطي محاور متعددة من جوانب الثقافة العلمية مثل: تكنولوجيا المعلومات ومستقبل الثقافة العربية، وتحدي الباحث العربي في المراكز العلمية، انتهاء بتجارب محددة في هذا المجال مثل: نشر الثقافة العلمية... تجربة الدار العربية للعلوم، ومجلة العلوم في عامها العشرين ودور مكتبة الإسكندرية في نشر الثقافة العلمية، قام بكتابتها مجموعة مختارة من الكتاب العرب من أمثال نبيل علي، وعدنان حموي، وفريدة العوضي.

ولا يمكن الحديث عن الثقافة العلمية من دون أن ترد على أذهاننا مسرحية الكاتب التشيكي كارل تشابيك الشهيرة «الإنسان الآلي» التي تصور العالم بعد العام 2100، في صورة عالم قاتم أحادي يقوم على حسابات علمية معقدة تتحكم في حياة البشر اليومية، إذ ينفض الإنسان يده من كل المعارف الإنسانية باستثناء الكمبيوتر والإنترنت، ومن ثم يخترع مجموعة من «الروبوت» أو الإنسان الآلي للاهتمام به وخدمته في كل صغيرة وكبيرة، ولكن «الروبوت» سرعان ما يصبح بمرور الزمن كائنا مفكرا، ونظرا إلى تزايد أعداد «الآليين» في الكرة الأرضية كان لابد أن تقع الواقعة وتندلع ثورة «الروبوت ضد البشر ليتولى الآليون حكم العالم في نهاية المطاف.

يستخدم البعض هذه المسرحية كجرس إنذار من طغيان المادية والآلية على حياة البشر، ومن سطوة الثقافة العلمية أو ما يسمى «الثقافة الثالثة» على الثقافتين الإنسانية والأدبية في الألفية الثالثة. وهو أمر تدحضه إشعاعات الثقافة العلمية على المجتمعات البشرية. لكن ذلك لا ينبغي أن ينفي أهمية السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذه الثقافة الثالثة ستكون وبالا على الإنسان بحيث يفقد إنسانيته ويصبح مجرد رقم في معادلة يحكمها الكمبيوتر، أم أن المستقبل لتلك الثقافة سواء شئنا أم أبينا؟

عبدالله القفاري يرى أن «تكثيف الوعي العلمي في أي مجتمع، لن يكون مجديا في ظل سلطات تفكير غير علمية، ولذلك فإنه من الأهمية بمكان الانتقال من حال تبسيط العلوم باعتبارها وسيلة لإشاعة ثقافة علمية إلى مستوى التأكيد على الدور المباشر للثورات العلمية الكبرى، التي ترسخت عنها وغيرها المنهجية العلمية بوصفها مرجعية تفكير، فقد عملت هذه الثورات العظيمة على قلب المعرفة من منطق برهاني أو حدسي أو تأملي كما كان سائدا في الحضارة اليونانية إلى منطق استكشافي يرتكز على التجربة والاستدلال والاستقراء والملاحظة وصولا إلى القانون الرياضي».

وينطلق من ذلك كي يؤكد أن «الفكرة الرئيسة هنا أن العقل العلمي لا تصنعه بضعة معارف علمية منفصلة عن أداة العلم وشروطه ومن ثمَّ فهو عقل متعذر على الاستلاب، فاحص لمكونات المعرفة، متوقف عن الانسياق الأعمى من دون دليل أو برهان علمي لا يحتمل اللبس».

ثم يستطرد مؤكدا «أن أكبر المكاسب من نشر ثقافة التفكير العلمي، هو بناء جسر بين العلم والوعي الاجتماعي، وإعادة صوغ العقل وفق منظور علمي غير قابل للاستلاب أو الاستحواذ... بل ربما نذهب بعيدا للقول إنه حتى مواجهة بعض الظواهر التي يعاني منها عالم اليوم كالإرهاب أو التطرف أو النزعة الجماهيرية الغوغائية، لن يكون بنشر مفاهيم الديمقراطية وحدها، إنه أيضا في استعادة عقل إنسان من براثن الأسر الفكري، ليكون عقلا علميا لديه المقدرة على الفحص والاستشكال والقبول والرفض وحينها سيكون من الصعب تطويع هذا العقل لصالح مشروع غير قابل للحياة وغير متماسك ووخيم النتائج».

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1622 - الثلثاء 13 فبراير 2007م الموافق 25 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً