العدد 1624 - الخميس 15 فبراير 2007م الموافق 27 محرم 1428هـ

«صح النوم»... أيتها الطنابير!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بينما كنت أتسوّق ذات ليلة، بدأت تنهال عليّ «المسجات»! بعضها من أشخاص أعرفهم وبعضهم لا أعرفهم، ولكنّهم جميعا كانوا يحرّضونني على أمرٍ واحد: شاهد قناة lbc!

وهكذا بدا الأمر خطيرا... فحاولت الإسراع بالعودة إلى المنزل. وفي الطريق اتصلت بأحدهم للاستفسار، فقال إن «القناة تبث حلقة عن البحرين، وإذا لم تكن الآن أمام التلفزيون فأنصحك بأن تتصل بأحدٍ ليسجلها لك على الفيديو... لا تفوتك»!

دخلت المنزل على عجل، أسرعت إلى «الروموت» وأنا أتوقّع رؤية مفكّرٍ أو شاعرٍ أو إعلامي أو وزير بحريني، ممن يشرّف فكره ومنطقه اسم بلدنا العزيز. كانت القناة في تلك اللحظة تبث فاصلا إعلانيا، فتنفست الصعداء وقلت في نفسي: حسنا... الظاهر لم يفتني شيء!

بعد الفاصل، ظهر على الشاشة وجهٌ نسائيٌ محتقنٌ من الغضب والحقد، يكاد يأكل المذيعة اللبنانية الرقيقة ويريد أن ينقض على بقية الضيوف! وجهٌ يذكّرك بوجه ساجدة الريشاوي التي أرادت تفجير أكبر عددٍ من الأبرياء في العاصمة الأردنية عمّان! ألهذا الوجه المحتقن كالمقلاة تستعجلوني بالعودة أيها الظالمون؟ سامحكم الله!

الضيوف كانوا هادئين: رجلان من الكويت، ورجلان من السعودية والبحرين، وامرأةٌ كالجنية... كأنها هابطةٌ من المريخ! مسجات، واتصالات، وتعجيل بالعودة، و«إذا لم تكن في البيت فاطلب أحدا ليسجّل لك الحلقة»... كل ذلك من أجل هذه الشنشنة؟ سامحكم الله!

يا جماعة، امصدقين روحكم! شفتون تاير السيارة أول ما يبنجر شلون السيارة تفتر في الهواء؟ سيارة موديل 65 و «سلنسرها» عدمان، راح تسمعون موسيقى منها الله هداكم؟ ويش راح تقول؟ «صدام شهيد القرن»! «التشيّع الصفوي»! «المد الفارسي»! وآخر الشلخ: «مآتم البحرين فيها أسلحة ودبابات وصواريخ كيماوية ذات رؤوس نووية»! هرار زايد لا يصّدقه إلاّ الأغبياء والمغفّلون!

ثلاث سنوات والكل ساكت على شتائمها وبذاءاتها، لكن عندما أرادت أن تحرق البلد بفتنتها العمياء قبل محرم، تصدّى لها البعض، فأصبحت حتى نسوان المنامة يعفّطون عليها! تراجعت وانسحبت انسحابا تكتيكيا كما انسحب صدام من الكويت، ومن العراق ومن القصر الجمهوري إلى جحر الفئران! تراجعت لتقول: لقد حرّفوا كلامي! فهي لا تقصد تخرين الأسلحة الكيماوية والنووية في مآتم البحرين ولكن في مآتم الخليج! طاح حظ هالأشكال «البائخة»!

بس تعال ناقشها... واطلب منها دليلا واحدا على تبعية شعب البحرين لإيران! ستحنحن وتزنزن، وتتنحنح ثلاث أربع مرات، وتدوس بنزين، ثم تقول: «الدليل أن حسن نصر الله هو وكيل خامنئي في لبنان»! هذه أكبر حجةٍ بيدها لإثبات عدم ولاء شعب البحرين لأرضه ووطنه! هل تتذكرون نهاد قلعي في مسلسل «صح النوم»؟ «إذا أردت أن تعرف ما يجري في ألمانيا فعليك أن تعرف ما يجري في البرازيل». أما ما دخل ألمانيا بالبرازيل، فهو ما سيتكفل الطنابير بإثباته!

الحجّة الأكثر إفحاما، هو أن شيعة الكويت إرهابيون (ونحن لا نرغب في الحديث عنهم ولا التدخل في شئون بلدهم بالمناسبة)، ليس لأنهم فجّروا حافلة أو سوقا شعبيا، أو مطعما بعبوةٍ ناسفة، وإنّما لأنهم أرادوا أن يعرضوا مسرحية دينية عن «الطف»... وهذا قمة الإرهاب!

مثل هذه النماذج الإقصائية المتطرفة، تتجنّبهم حتى عوائلهم، ويتبرأ منهم حتى أصدقاؤهم في الحزب والتنظيم، كالبراميل المشحونة بالبارود، يتحينون أية فرصة للانفجار بوجه المارة، ولا يهمهم ما يحصل للمجتمع أو للوطن. حتى زملاؤهم في وظائفهم الجديدة يتحاشَون تبادل التحية معهم، لما اكتشفوه من جلافةٍ وفظاظةٍ وسوء خلق وترفّع على الناس. ولعلمكم... هناك أنباءٌ بدأت تتسرّب عن غضب بعض الجهات على تصرّفاتهم الصبيانية التي زادت عن الحد، وخرجت عن الخط، فبدأت توبّخهم بالقول: «عاد اعقلوا اشوي... فشّلتونا ويا الناس»! وأن هناك عتابا وُجّه لمن زكّوهم للمناصب التي لا يصلحون لها لأنهم خدعوا هذه الجهات بسوء المشورة. بل ويذهب بعض المحللين إلى أنه لو عدنا شهرين للوراء، لما حصلوا على الثقة السامية، والمؤكد أنهم سيكونون «أول الخالسين» في أي تعيين بالمستقبل. وإذا أردت أن تعرف ما يجري في بانكوك، فعليك أن تعرف ما يجري في موزمبيق! وصح النوم أيها الطنابير!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1624 - الخميس 15 فبراير 2007م الموافق 27 محرم 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً