العدد 1629 - الثلثاء 20 فبراير 2007م الموافق 02 صفر 1428هـ

متابعون: مبالغة ملحوظة في تطويق الشوارع!

إجراءات تشيع مظاهر «أزمة» والسلبيات خطيرة...

الوسط – محرر الشئون المحلية 

20 فبراير 2007

تصطدم الحجج الجاهزة التي يطلقها بعض الكتاب والنواب والمسئولين وبعض أصحاب المنابر الوعظية، والعاكسة لنتائج المسيرات والاعتصامات باعتبارها «فعلا سلبيا» يؤثر بقوة على الحركة الاقتصادية والاستثمارية... تصطدم بممارسات بعض المسئولين الأمنيين الذين يبالغون في الإجراءات الأمنية بالشكل الذي يوحي – بل ويثير في حقيقته – حالا من اللااستقرار في المجتمع ويربك الحياة في البلاد، وخصوصا اذا ما جرى ذلك على أحد الشوارع الحيوية في البلاد كشارع البديع.

فمثل هذه التصرفات التي تتعامل مع إطار محترق ألقاه بعض الصبية وكأنه عبوة نووية يجب إغلاق كل الطرق والمنافذ وانزال أكبر عدد من القوات المسلحة، العسكرية والمدنية، أمر تجب إعادة النظر فيه حتى بعد إعلان كشف مخطط لزعزعة الاستقرار في البلاد.

ووقوفا على البيان الأخير الصادر عن وزارة الداخلية الصادر أمس الأول (الإثنين) بشأن تجنيد وتدريب بعض الشباب على القيام بتلك الأنشطة التي تستهدف ضرب حال الاستقرار والأمن لتحقيق أهداف بعيدة المدى، والذي أعلنه مدير عام مديرية المنطقة الشمالية العقيد عادل خليفة الفاضل، فإن مسارين رئيسيين ظهرا على مستوى التعاطي الرسمي والشعبي مع الحدث، فهناك إجماع على تقديم كل من يتجاوز القوانين ويعرض أمن المجتمع للخطر والتلاعب والعبث حال ثبوت التهمة عليه بالأدلة الدامغة، لكن المسار الآخر هو حال الإرباك التي يظهر فيها الجهاز الأمني والتي تحمل بين طياتها الكثير من الأسئلة وعلامات الاستغراب إذ لا تتناسب الإجراءات المتخذة مع الحدث!!

بين دواري الشاخورة والقدم

ففي مساء يوم الإثنين 18 فبراير/ شباط الجاري، وفي حدود الساعة الثامنة والربع، أغلق جزء من شارع البديع بدءا من دوار الشاخورة حتى دوار القدم، في حين لم يكن هناك على المسارين، القادم من المنامة والذاهب اليها، ما يتطلب ذلك واضعين في الاعتبار أن هناك بعض المشاغبين من الصبية الذين أحرقوا بعض الإطارات وحاويات القمامة، إلا أن إغلاق هذا الشارع الحيوي والمهم أمام حوادث تستطيع فرق أمنية صغيرة احتواءها، أربك البلاد طيلة الليل وأعاد الكثير من صور حوادث التسعينات، فيما نظر الكثير من المواطنين والمتابعين الى هذه الإجراءات غير التقليدية والمبالغ فيها نظرة استغراب، فعلى رغم أن الأهالي متضايقون من أفعال أولئك الملثمين المجهولين، ومتضررون بسبب إغلاق الطرقات وإطلاق الغاز المسيل للدموع، إلا أن تحويل مثل هذه الحوادث الصغيرة التي تتكرر كثيرا إلى حال طوارئ، أمر مبالغ فيه وكأنما في مضمونه رسالة (لحاجة في نفس يعقوب) على أن الوضع في غاية السوء في البلد، والكل يعلم أنه ليس كذلك، حتى مع تورط بعض الشباب في أعمال مزعزعة للأمن، فالوضع تحت السيطرة الأمنية كشعار يرفع دائما.

ولم يفضل أحد المسئولين الأمنيين الإجابة على هذا السؤال :» لماذا كل هذه المبالغة... أعداد كبيرة من قوات مكافحة الشغب... شاحنات... اغلاق طرق... مع أنكم تعلمون جيدا أن مجموعة من العابثين تقفز هنا وهناك وتخرج من بين المزارع لتحرق اسطوانة غاز أو بعض الإطارات وتفر هاربة، وفي امكانكم وبقليل من الإتقان والاستعداد القبض عليهم في كمائن متفرقة»، وفي الوقت الذي لم يرغب فيه بالإجابة على السؤال، يشير الى أن هناك أمورا (لا تعلمونها) لأن الوضع يوجب الحيطة والحذر ومن ورائه(مؤامرة كبيرة لزعزعة الأمن)، لكن مصدرا آخر يشير الى أن هناك رأيا مطروحا بأن يتم التعامل مع الأوضاع بصورة أكثر موضوعية واتزان، فإشغال البلد بتناقل معلومات عن اضطراب أمني هو في حد ذاته سلوك غير متعقل لأنه سينعكس على الجانب الاقتصادي والاستثماري الذي يحافظ عليه البلد والذي يجب ألا يهرب بسبب المسيرات والاعتصامات السلبية، وكأنه سيكون في مأمن حينما تتحول المواجهات المتفرقة، والتي تستطيع قوات مكافحة الشغب السيطرة عليها، الى إغلاق مستمر للشوارع والتسبب في تعطيل مصالح الناس.

مساوئ المبالغة الأمنية

وقال: «طالبنا مرارا بأن يكون هناك نوع من التحليل والتخطيط للعمل... فأن تمتلئ الطرقات والشوارع بالصور الأمنية وكأن هناك أحكاما عرفية أو منع تجوال هو من الأمور التي تؤثر على الجميع... بدءا بنفسيات الناس وانتهاء عند حركة المال، لكن يبدو أن هناك أخطاء تتكرر... وأقول إن التجربة علمتنا أن الفرق الأمنية البحرينية، أي التي يرأسها ضباط بحرينيون أكفاء، تمكنت على مدى السنوات الماضية من ضبط الكثير من حوادث الانفلات الأمني التي لم يعلم بها أحد، وكانت أكبر من مجرد مجموعة تحرق الإسطوانات والإطارات وتولي هاربة متخفية وراء النخيل من الصبية الفاشلين دراسيا أوالعاطلين أورواد الحظائر ولربما بينهم متعاطو المخدرات، ثم تنطلق الصحف لتكتب عن عصابات وجماعات إرهابية، وكأن الفاشلين من الشباب لا يشكلون خطرا على المجتمع. أما الأهالي في الكثير من قرى شارع البديع، فهم متفقون، وهم الذين يشاهدون الأمور بأم أعينهم، على أن الحوادث التي وقعت على فترات، كانت تطوق بذكاء المسئول الأمني، أما أن يتم حشد العشرات من القوات المسلحين من أجل مطاردة 5 أو 10 صبية يلقون قنابل «المولوتوف» ويحرقون الإطارات، ثم لا يستطيعون القبض عليهم ويكتفون بإغلاق الشوارع، فهذا أمر غير معقول.

ويرى بعض المستثمرين والناشطين السياسيين والرموز، أن ترك الأوضاع تتلاعب بها أهواء من يريدون إشعال الفتنة وتأليب المواقف بين السلطة وطائفة من شعبها أمر لا يمكن وصف خطورته حين يربط بمجموعة من المشاغبين وكأنهم يمثلون الطائفة، أوكأنهم معلومون حتى يتم كبح جماحهم، إلا أنهم يشيرون أيضا الى ضرورة التعاطي المنطقي مع مثل هذه الحوادث، فلا يمكن احضار أكثر من 100 عنصر مكافحة شغب من أجل مطاردة 5 أو 10 من الملثمين، وتفشل المهمة!! ويجمعون أيضا على أن للمواطنين دورا في مساعدة الأجهزة الأمنية على القيام بدورها لضبط العابثين، لكن يبدو أن هناك عدم ثقة بين الطرفين وهي مسألة أكثر خطورة مما يحدث من وقائع.

العدد 1629 - الثلثاء 20 فبراير 2007م الموافق 02 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً