العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ

الأشعل: هدفنا نشر الثقافة السياسية وليس الترويج «للحكومة»

برنامج حافل لمعهده يشمل دبلوما للعلوم السياسية وجوائز للصحافيين

غيابه «الإعلامي» أثار الكثير من الأسئلة، والكثير من «خيبات الأمل» في واقع سياسي محلي لا يتوقف عن الحركة ولا يحتمل الغياب. دوره الذي لم يتجاوز المحاضرات النظرية وهدوءه البادي دفع لرفع الصوت بالأسئلة: أين هو معهد البحرين للتنمية السياسية الآن؟ ما سبب هدوئه والكل يرفع صوته دلالة على العمل والنشاط؟ هل سيستمر ذلك الهدوء طويلا، أم أنه الهدوء الذي يرتبط عادة بالترتيب لعاصفة من الأنشطة والإنجازات؟ ما سر ذلك «التزاوج» بين المعهد وبين المجلس الأعلى للمرأة، والذي جعله يرث مبنى المجلس السابق، ما هو طموحه وبرامجه، وعلاقته بالشارع السياسي الذي لا يتوقف عن الحركة؟ وكيف يحقق المعادلة الصعبة في نشر ثقافة سياسية «متوازنة» تقبل الرأي «الموالي والمعارض»، وهو في الأساس جهة «رسمية حكومية».

حملنا هذه الأسئلة، وغيرها، للمدير التنفيذي للمعهد عبدالله الأشعل، ورئيس هيئة التدريس فيه مهند العزاوي، ليكشفا لـ»الوسط» برنامجا طموحا للمعهد، و»عاصفة» من الأنشطة والفعاليات التي تنتظر التطبيق في الأشهر القليلة المقبلة ويفسرا معا سياسته العامة، ورؤيته وعلاقته بالجهات الرسمية وغير الرسمية.

5 جوائز بقيمة10 آلاف دينار يخصصها المعهد لأفضل مقالات نبذ الطائفية

أنشطة متعددة يشهدها معهد التنمية السياسية في القريب العاجل ضمن أجندة عمله، إذ كشف المدير التنفيذي للمعهد عبدالله الأشعل عن لقاء يعقده المعهد مع كتاب الأعمدة والصحافيين ورؤساء تحرير الصحف المحلية في السادس من مارس/ آذار المقبل في محور محدد هو دور الصحافة في تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية، وسيعتمد اللقاء بحسب الأشعل على نقاش مفتوح بين المتحاورين، فيما سيعلن في ختامه عن خمس جوائز يخصصها المعهد لأفضل خمسة مقالات من شأنها تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية، وخصصت لها موازنة وقدرها 10 آلاف دينار بحريني.

كما كشف الأشعل أيضا عن لقاء يجمع القائمين على المعهد مع أعضاء لجنة صوغ ميثاق العمل الوطني في مارس أيضا من أجل تخليد ذكرى التوقيع على الميثاق وتوضيح دلالاتها وقيمتها ضمن المشروع الإصلاحي في البحرين، والهدف من هذا اللقاء بحسب الأشعل هو الوصول إلى صياغات جديدة يمكن من خلالها تفعيل مبادئ الميثاق الوطني ليتفهمها جيل الشباب.

دبلوم «العلوم السياسية» أهم مخططات المعهد القريبة

وكان للدورات التدريبية والبرامج الثقافية المتخصصة نصيب وافر من أنشطة المعهد التي تم الاتفاق عليها، إذ رتب المعهد برنامج محاضرات أسبوعية تحت مسمى «برنامج الثقافة السياسية» يستمر من مارس وحتى يونيو/ حزيران من هذا العام، وتم صوغ هذا البرنامج بحسب الأشعل بشكل متكامل من شأنه أن يوفر أساسات الثقافة السياسية للمتدربين. فيما كان أكثر البرامج المخطط لها تقدما هو البرنامج الجديد الذي يقوم المعهد بالإعداد له حاليا والذي يمنح شهادة معتمدة (دبلوم في العلوم السياسية)، ومن المخطط له أن يبدأ هذا البرنامج في سبتمبر/ أيلول المقبل. والبرنامج مصاغ بحسب الأشعل بحيث يمنح شهادة أعلى من الدبلوم العادي وأقل من الماجستير، وينتظر المعهد حاليا الحصول على موافقة وزارة التربية والتعليم على اعتماده، إضافة إلى تصديق مجلس أمناء المعهد في أواخر مارس المقبل عليه للبدء في التجهيز له.

الهدف من هذا البرنامج بحسب الأشعل هو تخريج كوادر متعلمة ومثقفة سياسيا يمكنها أن تساهم في العمل السياسي داخل البحرين، وسيتم التركيز على تدريب كوادر الجمعيات السياسية، ويسعى المعهد بحسب الأشعل الى أن يوجد ثقلا وظيفيا لهذا الدبلوم من قبل ديوان الخدمة المدنية، كما يسعى لترتيب عدد من المنح الدراسية للمتخرجين من هذا البرنامج لكل من أميركا وانجلترا وفرنسا لإنهاء الدراسات العليا في التخصص نفسه. أما شروط القبول له فهي حصول الشخص على شهادة جامعية من أي فرع، كما ستكون الرسوم الدراسية مشجعة جدا، علاوة على تقديم الحكومة منحا دراسية لمنتسبيها للانضمام في هذا البرنامج.

برامج المعهد استهدفت الشباب، الإعلاميين، النساء وغيرهم

يقول رئيس هيئة التدريس في معهد التنمية السياسية مهند العزاوي ان المعهد يقوم بالاستعانة بالجامعات وبيوتات الخبرة التي لها علاقة بعمل التدريب في التنمية السياسية من كل من مصر والأردن، إلى جانب التعاون مع الخبراء الأجانب التابعين لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وجامعة البحرين من خلال أساتذة كلية الحقوق.

ويؤكد العزاوي أن أنشطة المعهد بدأت منذ منتصف العام الماضي، واستمرت طوال هذه الشهور من أجل دعم الوعي السياسي ونشر الفكر القانوني ودعم الحملات الانتخابية، ودعم المترشحين بمديري الحملات الانتخابية. كما خصص المعهد بحسب العزاوي بعض برامجه للعاملين في قطاع الإعلام والصحافة، وقطاع الشباب، أو فئة المترشحات النساء قبل الانتخابات الماضية.

أما الأشعل فيؤكد بدوره اهتمام المعهد بعقد دورات تدريبية بالفئات الأربع المرتبطة بالعملية الانتخابية، وهي كل من الناخبين، النواب وأعضاء الشورى، الصحافيين والإعلاميين، والعاملين في المكاتب الحكومية المرتبطة بعمل المجلسين في الوزارات. ولهذا قام المعهد واستمر في الاعداد لعدد من الدورات التدريبية بالتعاون مع مجلسي الشورى والنواب، وبعض هذه الدورات متفق عليها بين الطرفين، وبعضها الآخر يقترحه المعهد على المجلسين حسب الحاجة لتفعيل اتفاق التعاون بين المعهد والمجلسين. فيما يؤكد الأشعل أنه ضمن هذا الاتفاق سيقوم المعهد بترتيب زيارات خاصة لأعضاء المجلسين للبرلمانات الدولية لتعزيز تبادل الخبرات.

سر« التزاوج» بين المعهد والمجلس الأعلى للمرأة

ما هي بالضبط علاقة معهد التنمية السياسية بالمجلس الأعلى للمرأة، هل انتقل برنامج التمكين السياسي للمرأة فعلا للمعهد، وهل باشر بالعمل فيه وتقييم الأخطاء التي وقع فيها البرنامج؟ وما هي رؤية المعهد لمشروع التمكين السياسي للمرأة؟ أسئلة ترددت كثيرا على ضوء الترابط المباشر بين الجهتين في كثير من الأمور، وعلى رأسها «وراثة» المعهد لبرنامج التمكين السياسي للمرأة، والذي حمل معه تركة «مركز دعم المرأة» علاوة على «وراثة» المعهد لمبنى المجلس السابق.

وبشأن هذا الموضوع يؤكد الأشعل أن المعهد لايزال بصدد تجهيز مشروع الاتفاق لنقل برنامج التمكين السياسي للمرأة من المجلس الأعلى للمرأة إلى عهدة معهد التنمية السياسية، ولم يتم الانتقال الفعلي للبرنامج بعد، موضحا أن المعهد لم يستقبل حتى الآن أي نتاجات لبرنامج التمكين السياسي للمرأة، أو أي تقييم قام به البرنامج.

ويتلخص التصور الرئيسي لتمكين المرأة تحت مظلة معهد التنمية السياسية في رأي الأشعل في التحضير لانتخابات العام 2010 منذ الآن، وتجهيز الكوادر النسائية بشكل مبكر، بحيث يتم خلق شخصية سياسية لديها القدرة على إثبات جدارتها عبر الواقع السياسي. وسيقوم المعهد بحسب الأشعل بإعداد دورات تدريبية لكوادر نسائية مختلفة لمدة سنة، سيتم بعدها اختيار 50 سيدة فقط يركز عليهن البرنامج التدريبي من أجل دفعهن للانتخابات.

وتأتي هذه العملية نابعة من قناعة شخصية لدى الأشعل بأن إعداد الكوادر النسائية هي عملية تربية طويلة الأمد، وخصوصا ان الثقافة العربية خالية تقريبا من مفردات الخطابة الخاصة بالمرأة، إلى جانب الحاجة الضرورية لخلق مقومات شخصية نسائية سياسية قيادية.

ويرى الأشعل أيضا أن للمرأة دورا كبيرا في عملية السلام ونبذ الطائفية، مؤكدا ان نبذ الطائفية وإحلال السلام الأهلي في المجتمع يستوجب التركيز على تمكين المرأة في المجتمع تمكينا حقيقيا.

وعن طبيعة علاقة المعهد مع المجلس الأعلى للمرأة يؤكد الأشعل أن تلك العلاقة تتلخص في مرحلة النشأة، مشيرا إلى أن المعهد مستقل ويتخذ قراراته بنفسه وعلى رغم أنه «ورث» مبنى المجلس الأعلى للمرأة السابق في الرفاع، إلا أن المبنى لايزال قيد الإنجاز ويحتاج في هذا الوقت لمساندة كوادر المجلس الأعلى للمرأة، إضافة إلى التنسيق مع جهات حكومية أخرى في هذا الصدد.

الأشعل: ليس هدفنا تحسين الصورة الحكومية

تأسس معهد التنمية السياسية بناء على المرسوم الملكي رقم 39 لسنة 2005، وتم تعيين أعضاء مجلس أمنائه بأمر ملكي. وعلى هذا الأساس يعتبر المعهد جهة رسمية حكومية. هذه الحقيقة دفعت بعض الجهات السياسية «للنفور» من هذا المعهد على اعتبار أنه «جهة رسمية» قد تفرض وجهة النظر «الرسمية» في الأعمال التدريبية التي تقوم بها. غير أن القائمين على المعهد يؤكدون استقلاليته التامة وخصوصا فيما يتعلق ببرامجه التدريبية.

يقول العزاوي «علاقة المعهد بالدولة تقتصر على التمويل، وما عدا ذلك فإن هيئة المعهد تقوم بنفسها بإعداد وصوغ البرامج بموجب سياسته العامة دون أي توجيهات عليا». أما الأشعل فيؤكد بدوره أن الهيئة القائمة على المعهد تقوم بالنظر إلى المرسوم الملكي بإنشاء المعهد وأهدافه وتنطلق منها لصوغ برامجها، مشيرا إلى أن جهات الدولة المختلفة ملزمة بالتعاون مع المعهد بحكم هذا المرسوم الملكي.

واضاف ان «التحدي الأكبر للمعهد هو أن يقوم بكسب الجهات غير الحكومية وهو في الأساس جهة حكومية... إن صورة الحكومات العربية غالبا ما تكون سيئة في أذهان العامة، وليس هدفنا في المعهد تحسين هذه الصورة أو الترويج لها، وإنما هدفنا هو نشر الثقافة التي تساهم في فهم هذه الصورة».

واشار الأشعل الى ان المعهد يحرص على استقلاليته وعدم دخوله في أي تقييم سياسي، ولذلك رفض الاشتراك في مراقبة الانتخابات الماضية لأنه ليس جهة «حركية»، موضحا ان مهمته الرئيسية تتمثل في نشر الثقافة السياسية، بحيث يقوم المجتمع فيما بعد بالتفاعل بين عناصره وبين السلطة لتحديد مقدار الأنشطة التي يمكن أن يقوم بها.

واوضح ان هناك حقيقة أخرى تقول ان المعهد هو الشريك الوطني الوحيد لأي جهة أجنبية تريد العمل في إطار التنمية السياسية أو إقامة الدورات التدريبية في البحرين، مشيرا الى ان هذه الحقيقة ألقت بظلالها على رأي القائمين على المعهد في المعاهد الأميركية التي تمارس أو مارست أعمالا من هذا القبيل في البحرين. ولا يخفي الأشعل شكوكه في كل من معهد واشنطن أنتربرايز(التابع لليمين المتطرف اليهودي في أميركا)، ومعهد NDI الأميركي.

نطمح في دراسة تغير القوى السياسية بعد 2006

دعم وتنمية البحوث العلمية في مجال النظم السياسية والقانون الدستوري كان الهدف الرابع الذي صاغه المرسوم الملكي بإنشاء المعهد ضمن مادته الثانية. لم يصدر المعهد دراسات متخصصة حتى الآن، ولكن يبدو أنه عاكف على إعداد الجزء الأول منها.

يقول العزاوي ان المعهد باشر بإعداد نشرات ومؤلفات متخصصة بالشأن السياسي في البحرين وسيكون أول بوادرها كتيب يتم إعداده حاليا عن الجمعيات السياسية في البحرين وتوجهاتها العامة، فيما سيقوم المعهد بعقد ندوة لهذه الجمعيات السياسية بعد الانتهاء من إصدار الكتيب.

من جانبه يؤكد الأشعل أن المعهد لديه قسم خاص بالبحوث والدراسات بدأ فعلا في إعدادها عن الجانب السياسي والدستوري في المملكة إلى جانب الحياة الدستورية والرقابة المتبادلة، من خلال وحدة الدعم البرلماني التي تم إنشائها فيه. كما سيقوم المعهد بعد نحو العام بإنشاء وحدة لقياس الرأي العام لتنفيذ دراسات مسحية في هذا الصدد. إلى جانب إعداد دراسة عن مدى استخدام البرلمان السابق لصور الرقابة الموجودة ضمن صلاحياته على أعمال الحكومة مقارنة مع البرلمانات الأخرى في العالم. وتتلخص الرؤية العامة للدراسات التي يطمح المعهد إلى القيام بها في قول الأشعل «يطمح المعهد بعد العام 2006 الى التعرف على تغير القوى السياسية في البحرين ودراسة الخطاب السياسي الملائم لانتخابات العام 2010 ودراسة أثر التغيرات الإقليمية على الواقع السياسي في البحرين، للاستفادة من كل ذلك في وضع برامج لتعزيز الوحدة الوطنية ومحاربة الطائفية».

ويعكف المعهد بحسب الأشعل على إنشاء وحدة للدعم البرلماني في المعهد والتي يتضمن عملها عدة مهمات أهمها تنسيق التعاون بين المعهد والبرلمان، وتكوين كوادر متخصصة في العمل البرلماني، إلى جانب نقل جو العمل البرلماني للمعهد. كما يمكن للمعهد من خلال هذه الوحدة طلب أية مساعدات لفهم القضايا المتعلقة بالبرلمان، وإعداد ورقة معلوماتية متخصصة لتلك القضايا.

لا بد من نزولنا للشارع السياسي

على رغم البرامج الطموحة التي يخطط معهد التنمية السياسية لتحقيقها، إلا أن معوقات شتى واجهت ولاتزال تواجه عمله على الصعيد المحلي. أبرز هذه المشكلات بحسب العزاوي كان التعامل مع كثير من المترشحين والمترشحات في فترة الانتخابات، والذين يقللون من شأن الدورات التدريبية ويعزفون عنها على اعتبار أنها «أقل من مستواهم»، يقول الأشعل في هذا الصدد «المشكلة الرئيسية التي وجدتها في البحرين هي أن كل من عرف القليل اعتبر نفسه عالما، ولو لم يكن كذلك، لكنني لاأزال أقول ان مستوى الوعي السياسي في البحرين أعلى بكثير قياسا ببلدان كثيرة مجاورة، وقد اتضح الأمر بشكل واضح عبر الدورات التي قمنا بإعدادها لفئة الشباب التي تميزت بنضج سياسي واضح».

تنتقد برامج المعهد لكونها نظرية، وتنتقد أيضا بسبب بعدها عن الواقع المعاش، غير أن العزاوي يؤكد عكس ذلك فيقول «بعض الموضوعات لا يمكن طرحها إلا على شكل نظري، غير أننا نحرص على عمل ورشات تدريبية وعملية في اكثر دوراتنا، ونحرص أيضا ألا تقوم تلك البرامج بفرض رأي أو وعي سياسي معين، أو تعميم ثقافة أو سياسة بعينها، فنحن نحترم كل الآراء على اختلافها».

أما الأشعل فيقول بدوره «ظروف نجاح مهمة المعهد تتطلب ألا ينفصل عن الواقع المعاش وأن ينظر للظروف الاجتماعية والسياسة الإقليمية التي تحيط بالمملكة، والتي تؤثر في تكوين الفرد وبناء عقليته. وهذه المهمة لا تقع فقط على عاتق المعهد وإنما على عاتق منظومة المجتمع الذي نعيشه بأكمله، لا ننكر حاجتنا للنزول إلى الشارع وقياس الواقع الفعلي ودراسته، لذلك حرصنا على أن تضم الهيئة الاستشارية في المعهد عددا من أعضاء الجمعيات السياسية، منطلقين من أهداف المعهد الرئيسية المتمثلة في نشر ثقافة التسامح وحقوق الإنسان».

العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً