العدد 1634 - الأحد 25 فبراير 2007م الموافق 07 صفر 1428هـ

القراقيش... وبيان ليلة الجمعة!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في مصر، شعبٌ ظريفٌ مازالت تجري النكتة على لسانه منذ عهود الفراعنة. وفي عهد جمال عبدالناصر، قام بزيارةٍ إلى إحدى مزارع الدواجن، فكتب أحد الصحافيين المنافقين: «ان الدجاج طار فرحا بتلك الزيارة الميمونة»! ويقال إن الرئيس استدعاه ووبّخه بقوله: «عامل نفسك قراقوش زمانك... لما ما تعرفش تكتب حاجة كويّسه، متتكبت بقى يابن الايه»!

ومن أمثال هؤلاء «القراقيش» عندنا ما شاء الله! ما صدّقوا نفسهم ليلة الجمعة! كانوا ينتظرون أن يقف معهم بيان الداخلية ويشيد بمانشيتاتهم الحربية ويمتدح وطنيتهم العالية، ولكن أسقط في أيديهم مرة واحدة وأكلوها خازوق! ومن (الفشيلة) لم يتحمّلوا نشر البيان حتى في إحدى الصفحات الداخلية!

ففي نحو الساعة التاسعة والنصف من مساء الخميس، وُزّع البيان الجديد على الصحف المحلية عن طريق الفاكس، فقامت صحيفتان تشعران بالمسئولية الوطنية بنشره على الصفحة الأولى، بينما قامت صحيفتان أخريان بنشره بالداخل، بحيث بدا للقرّاء أنهما تريدان التعتيم عليه، ولولا الخوف من المحاسبة و(الزفّة) لما نشرتاه بالمرة! أما الصحيفة القرقوشية الذكية جدا فتجاهلت نشره بالمرة، وكأن إدارة الإعلام الأمني لم تُعَنِّ نفسها في كتابته لنشر الحقيقة، وكأن وزارة الداخلية لم تتعب نفسها بإرساله بالفاكس، مع أنهاتنشر كل ما يأتي من الداخلية على الصفحة الأولى في إطارٍ ملوّن، وأحيانا تضيف بعض «الشلخ» عليه، وأحيانا يقوم محرّرها «الدبلوماسي» أو محلّلها «السياسي» بإضافة بعض البهارات! أما البيان الأخير فاتضح أن محرّرها «الدبلوماسي» (ما عبّره) ورمى به في سلة القمامة... فما عدا مما بدا؟ هل هذه هي المهنية التي تتكلمين عنها؟

بعض المصادر الخبرية تقول إن هناك عتابا شديداَ وُجّه (من تحت الطاولة) إلى تلك «الأقلام التي خرجت عن قواعد العمل الصحافي وحرّفت ما جاء في البيان الرسمي من حقائق». وإنه بفضل تلك (الزفة) تراجعوا عن الاستمرار في لعبة التهويل، التي كان مقرّرا أن تستمر وتتصاعد لمدة ثلاثة أسابيع. فبعد المرحلة الأولى، يتم الانتقال من شلخة «معسكر بني جمرة»، إلى ربط الكارتون النووي بما يجري في اليمن، لأن الجدّ الأكبر لبني جمرة جاء من اليمن منذ أيام سيف بن ذي يزن! وكانت هناك نظرية يخططون لترويجها: مادام أبناء جمرة من اليمن، فلابد أن يكون هناك خيطٌ يربطهم بالحوثيين الآن!

في الأسبوع الثاني يتم ربط المؤامرة بموكب العزاء الذي خرج في جزر القمر في محرم الماضي، أمّا في الأسبوع الثالث، فيتم ربطها بما يجري في لبنان وماليزيا وجزر المالديف، مع ضرورة الاستشهاد بخطابات هوغو تشافيز الأخيرة!

هكذا كانت الخطة، ولكن الله قدّر وقضى بإفشالها، وكان صدور بيان الداخلية الأخير هو الضربة الأخيرة التي أسقطت «معسكر التدريب الإعلامي»، فلم تنطلِ على أحدٍ هذه الحركة (البايخة)، ما عدا شخصٌ واحدٌ فقط صدّقها وذهب معها إلى الأخير، فأخذ يطالب بقطع الأيدي والأرجل من خلاف، والظاهر أنه مغرمٌ جدا بسياسة قطع الرقاب، وتخيّلوا لو يُعطَى له سيفٌ ويُترك ليصول ويجول في المنامة، لملأ شارع باب البحرين بالرؤوس المقطوعة مثل فيلم «أبوكاليبتو»!

للإنصاف، شيء واحدٌ أصاب فيه، وهي الدعوة لتقديم «أصحاب أقلام حاقدة ورسامين مريضين إلى العدالة»، ولو قُدّم هؤلاء فعلا للعدالة لاستراح الناس من صحافة الفتنة والتأزيم الطائفي. وتجنبا لسياسة حرق المراحل، وقبل تطبيق حدّ الحرابة على «الإرهابيين» في معسكرات بني جمرة، فلنبدأ بتطبيق الحد الشرعي على سرّاق كوارتين البيض والدجاج الفرنسي المثلّج!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1634 - الأحد 25 فبراير 2007م الموافق 07 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً