العدد 1637 - الأربعاء 28 فبراير 2007م الموافق 10 صفر 1428هـ

البحريني الأخير

شاب بلباس عربي يترصد متجرا في مدينة الذهب بالمنامة، ينتظر في الناصية على الطريق، والظلام ساتر له، العاملون في المتجر المقابل يغلقون المتجر، ويرحلون إلى بيوتهم آمنين، يقترب من قفل المتجر، يحاول فتحه، لكن سيارة أمن تمر من جنبه فتفزعه، ويتراجع عن فكرة السطو على المتجر.

يبدو ظاهرا عليه الارتباك، وتصرفاته تحيل إلى نقص كبير في خبرة السرقة، والوضع المربك الذي يمر به، بين الصراع الداخلي بشأن السرقة، والخوف من وقوعه في يد الشرطة، يجعل من هذه الشخصية على رغم نيتها المبيتة في السرقة، شخصية يمكن التعاطف معها، يقف على ناصية الطريق، فيوقف سائق أجرة آسيوي سيارته أمامه، فيسأله إن كان يود الركوب، يلتقط صاحبنا التماع الساعة الذهبية في يد السائق، فيركب وهو يشعرك برغبته في سرقتها، يدور حوار مع سائق الأجرة عن قيمة الساعة، والتي يصر فيها السائق على حصوله الساعة في «اليانصيب»، وهي إشارة إلى الحظ الذي يلاحق الأجانب، في حين يخطئ كثيرا هذا الحظ طريقه للبحريني.

في غمرة الحوار يسأل السائق الشاب عن المنطقة التي يريد، وهل هو من «الرفاع»، ليقول الشاب بكل بساطة هل تعتقد أني من «الشيوخ»، لا تغرك هذه الثياب، أنا من منطقة «الدراز»، وفي إشارة إلى تعاطف السائق الآسيوي يظهر له جواز سفر بحرينيا، على أساس أنه بحريني كذلك، في لحظة من الصراع، يوقف البحريني السيارة بسحب فرامل اليد، ويرفع في وجه السائق سكين، مطالبا إياه بفسخ ساعته، وإعطائه المبلغ الذي يخبئه، ليترك الشاب البحريني، سيارة الأجرة تحت استغاثة وخوف السائق، الذي ضل ينادي «سارق... سارق».

وهو يجر خطاه هاربا، تصل إليه نعوت سائق الأجرة، ترجع الصورة على السائق، ليظهر الشاب مرة ثانية، ولكن هذه المرة أمام نافذة سائق الأجرة، يلقي عليه ساعته وأمواله المسروقة، وهو يطرح تساؤله لسائق الأجرة، «أنا سارق، أنا سارق»، هنا ينتزع النص القراءة الداخلية له، فموقف الشاب الرافض حاملا لصفة سارق، في حين يشير المشهد إلى أن الغريب الذي دخل بلاده يتنعم بخيرات هذه البلاد، وابنها يصبح متطفل وسارق لهذا الغريب.

يقوم النص على تهكمية عالية، ويتناول قضية اجتماعية سياسية، تحتمل الكثير من التأويل، إلا أن عنوان الفيلم القصير يترك مساحة من الفهم، هذا الفهم الذي تعمد أن يلصقه «الأخير» بعد البحريني، وكأنه يعيش أزمة الهنود الحمر، وبفصول الرواية نفسها عن تحولهم إلى غرباء في أراضيهم، تميز الفيلم ببساطة لغته، وسلاسة حوادثه الداخلية، إلا أنه تميز بزوايا رائعة للمشاهد، كان فيها المصور جزءا من النص غير المكتوب، حتى إن نهاية الفيلم، التي تنتمي إلى النهايات المفتوحة، أعطت الفيلم سمة خاصة، تشعرك بأن الاستمرار للحدث مازال قائما، ولكن الحياة تمضي، وحركة الناس في الشارع مازالت هي، في حين يغيب الشاب وراء منفاه الجديد، الذي قد يكون «وطنا».

العدد 1637 - الأربعاء 28 فبراير 2007م الموافق 10 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً