العدد 1639 - الجمعة 02 مارس 2007م الموافق 12 صفر 1428هـ

الروبوت 2/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

وبخلاف ما يعتقده الكثير منا، فإن «الروبوت» ليس من اختراع العلماء أو الصناعيين، بقدر ما هو من نسج خيال الأدباء. وكان الأديب التشيكي كارل كابك هو أول من أطلق كلمة robot وكان ذلك في مطلع القرن العشرين ، ومن ثم ذاع استخدام هذه الكلمة، وبعد انتاج روايته الشهيرة روبوت روسوم العالمي rossum,s universal robots في مدينة براغ العام 1921 إذ صوّر الكاتب «الروبوت» وكأنه إنسان humanoid ولكنه آلة يمكن إنتاجها في المصنع بسرعة وبكلفة قليلة.

واشتقت كلمة «روبوت» من الكلمة التشيكية «روبوتا» robota وتعني أعمال السحرة أو العبودية. وهكذا اعتبر «الروبوت» عبدا للجنس البشري، أو مجرد إنسان آلي أو أوتوماتيكي. بعد عامين من صدور الرواية تمت ترجمتها إلى الإنجليزية وفي اكتوبر/ تشرين الأول العام 1922 تم تحويل الرواية إلى عمل مسرحي، قُدمَ على مسرح جاريك في نيويورك، وفيه يسافر روسوم إلى جزيرة نائية لغرض دراسة أمواج البحر ويحاول أثناء وجوده على الجزيرة تصنيع مادة حية من مزج مواد كيمياوية ويحاول لسنوات خلق هذا الكائن فتفشل محاولاته في خلق كلب وبعد 10 سنوات يتمكن من تصنيع «روبوت» بمساعدة ابنه.

ويمكن أن نرجع جذور «الروبوت» الحديث إلى أجهزة آلية اخترعت في الماضي البعيد وأطلق عليها «الآلات ذاتية الحركة». ففي طيبة في عهد قدماء المصريين حوالي العام 1500 قبل الميلاد كان يوجد تمثال للملك ممنون يصدرأصواتا جميلة في الصباح. وفي اليونان - في القرن الرابع ق.م. - اخترع أركيتاس عالم الرياضيات، حمامة آلية يمكنها الطيران. وفي القرن الثالث قبل الميلاد، اخترع ستيسيبيوس الكثير من الأجهزة الآلية و منها آلة موسيقية تشبه الأرغن تعمل بالمياه وساعة مائية، ولم تكن هذه أول ساعة مائية في التاريخ، فقد عرفها القدماء المصريون، ولكن تميزت ساعة ستيسيبيوس بأنها مزودة بجهاز يجعل مستوى المياه ثابتا، وهي تعمل بطريقة الغرفة العائمة نفسها في كاربريتور السيارة الحديثة.

وكان هيرون الأسكندري الذي عاش نحو 150 ميلادي مخترعا فذا. فقد اخترع آلات تعمل بتدفق المياه، وبالثقل وحتى بالبخار، ومن أهم اختراعاته آلة aeolipile التي تعتبر الشكل الأول للتوربين الذي يدار بقوة البخار، كما صمم أيضا آلة ميكانيكية توزع المياه المقدسة، وطائرا آليا يمكنه الطيران والشرب والغناء، ومسرحا آليا، وتمثال هرقل وهو يصارع التنين والذي يمكنه تحريكه بتدفق المياه داخله. وشرح هيرون الاسكندري معظم هذه الأجهزة الآلية في كتابه automatopoietica وعبر القرون التالية، ظهرت مخترعات رائعة في الشرق الأقصى والأوسط، في الصين، وفي الهند وفي اليابان وفي الجزيرة العربية. وفي كتاب رسالة الجزاري الذي يتضمن سردا للأجهزة الآلية التي اخترعها العرب - وصفا لأحد هذه الأجهزة والتي أطلق عليها «نافورة الطاووس» التي كانت تستخدم لغسل الأيدي، فتقدم المياه والصابون والمنشقة آليا.

ولا يقتصر ظهور «الروبوت» على الخيال الأدبي الحديث، ففي العام 1818 صدرت أول رواية عن الإنسان الآلي وهي فرانكشتاين التي كتبتها ماري شيللي الزوجة الثانية عشر للشاعر المعروف شيللي، وكانت تتميز هذه الرواية بالرعب، وتتلخص بأن عالما يدعى فرانكشتاين قد استطاع أن يجمع إنسانا حيا من أجزاء الجثث الآدمية ولكن هذا الإنسان تحول إلى مسخ خاف منه الناس وطردوه، وبالتالي ثار على خالقه وأصبح أداة للشر، ووضعت ماري شيللي عنوانا مرعبا لقصتها «برميثيوس الحديث» وهي بهذا تقصد اسطورة بروميثيوس اليونانية، والذي خلق الإنسان من الماء والطين ثم نفخ فيه الآلهة أثينا من أنفاس الحياة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1639 - الجمعة 02 مارس 2007م الموافق 12 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً