العدد 1645 - الخميس 08 مارس 2007م الموافق 18 صفر 1428هـ

فرصة نادرة للولايات المتحدة في فلسطين

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

بعد أشهر من الجمود السياسي وتصاعد العنف، وافقت حركتا «فتح» و «حماس» على وقف القتال وإقامة حكومة وحدة وطنية تماشيا مع اتفاق مكة المكرمة حديثا برعاية المملكة العربية السعودية. وعلى رغم أن الحكومة الجديدة سيقودها رئيس الوزراء الحالي إسماعيل هنية، لكن سيكون لدى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح كامل السيطرة على ست وزارات.

ويتيح هذا الاتفاق للولايات المتحدة فرصة للبدء في إعادة تأهيل صورتها المشوهة في الشرق الأوسط باستعادة تدفق المساعدات الدولية السلطة الفلسطينية.

الانتصار الذي حققته حركة حماس في الانتخابات دفع «إسرائيل» والمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة لتنفيذ استراتيجية اقتصادية قسرية من أجل إسقاط الحكومة المتطرفة. وإن حجب المساعدات الاقتصادية لم تقلل من شعبية «حماس» إلى حد كبير، ولم تجبر «حماس» لقبول مطالب اللجنة الرباعية الثلاثة وهي: الاعتراف بحق «إسرائيل» في الوجود، ونبذ العنف وقبول الاتفاقات السابقة.

عملت هذه السياسة في الواقع على كسح السلطة الفلسطينية، مرغمة حركة حماس على قبول اتفاق تقاسم السلطة مع حركة فتح. وعلى رغم أن اتفاق مكة لا يتفق مع شروط اللجنة الرباعية، فإنه يتحرك بشكل ملحوظ في هذا الاتجاه. فقد قدمت حركة حماس وعودا «باحترام القرارات الدولية والاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية»، وقبلت بوثيقة السجناء والتي بموجبها تقبل الحل القائم على دولتين.

الموافقة على أحكام اللجنة الرباعية أمر ملح من أجل تغيير سياسة إدارة بوش الحالية. أصبح من الصعب على الولايات المتحدة التحكم بالدعم الدولي اللازم لكي تكون العقوبات فعالة.

حتى اللحظة، قدمت السعودية وعودا للسلطة الفلسطينية بمنحها مليار دولار، الأمر الذي يزيد من احتمالية أن تحذو حذوها دول عربية أخرى. وبينما تلتزم المملكة المتحدة بمبدأ فرض العقوبات، من المحتمل أن تقدم دول أخرى في أوروبا مثل روسيا وفرنسا المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية.

أما الخيار الثاني لدى الولايات المتحدة فهو إعادة تدفق المساعدات المالية الخارجية إلى السلطة الفلسطينية حتى وإن لم تقبل «حماس» بشروط اللجنة الرباعية. فمثل تلك السياسة يمكنها أن تحقق أهداف ثلاثة مهمة.

أولا: تعزيز المعتدلين الذين لم يكن لهم أي تأثير طوال العام الماضي في الحكومة الفلسطينية.

ثانيا: خفض النفوذ المتنامي لإيران والذي أصبح بمثابة الراعي لـ «حماس».

ثالثا: تحسين ظروف الحياة داخل الأراضي المحتلة، وبالتالي يقلل من التطرف والتعصب الشعبي.

أظهرت استطلاعات للرأي أن غالبية الفلسطينيين وعلى رغم تأييدهم لموقف «حماس» المتصلب متشككون في قدرتها على الحكم بفعالية، ومازالوا يدعمون إجراء مفاوضات على الوضع النهائي مع «إسرائيل». وتشير هذه الاستطلاعات إلى أن الجمهور الفلسطيني يمكن أن يصبح أكثر اعتدالا أو أكثر راديكالية. فالاحتمال الأخير هو الأرجح أن يحدث إذا ما استمر المجتمع الدولي في حجب الأموال التي يمكن لها أن تساهم في انهيار اتفاق تقاسم السلطة واستئناف العنف.

بينما تساهم الولايات المتحدة في تحويلها للمساعدات المالية في تحقيق حكومة أكثر استقرارا يؤيدها المجتمع الدولي، لكنها لن تكون السبب وراء فض جميع النزاعات والمشكلات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

إن انخفاض مستوى الثقة بين الأحزاب والضعف الذي يتحلى به كل من محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت يجعل من غير المحتمل الشروع في مفاوضات بشأن الوضع النهائي، ناهيك عن نجاح هذه المفاوضات، في المستقبل القريب.

مع ذلك، فإن حكومة فلسطينية تقوم على أساس مبادئ اتفاق مكة ستكون أكثر استعدادا وقدرة على استئناف مفاوضات جدية مع «إسرائيل». الأمر الذي يمكن له أن يؤدي إلى اتفاقات مؤقتة مثل وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، من شأنها أن تضع الأساس لمزيد من الدبلوماسية وأن تبدأ عملية إعادة بناء الثقة بين الطرفين.

أخيرا، فإن استئناف المساعدات يساعد على إصلاح صورة أميركا في الشرق الأوسط. وحتى اللحظة، فإن الحصار ضد السلطة يمكن أن يكون مبررا لهدف حركة حماس الرامي إلى تدمير «إسرائيل».

تأييد هذه السياسة المناهضة لحكومة لا تدعو لهذا الهدف يبدو غير ضروري وعقابي وخطير. وتشمل المضاعفات المحتملة كارثة إنسانية وحرب أهلية فلسطينية وزيادة الدعم الشعبي لـ «حماس» وغيرها من الجماعات المتطرفة.

وسيضع الكثيرون اللوم على الولايات المتحدة لهذه التطورات. وعلى رغم أن هناك احتمالية فشل اتفاق مكة حتى بحصولها على المعونة الأميركية، فإن اتخاذ خطوات ملموسة لدعم حكومة وحدة يمكنه أن يلقي اللوم لفشلها على حركة حماس. وهذا يمكنه أن يساعد على تحقيق ما لم تستطع العقوبات الاقتصادية أن تحققه، وهو التقليل من شعبية الحركة. بالنظر إلى موقف الولايات المتحدة الحالي، ليس من المستغرب أن يكون الاجتماع الأخير بين وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس واولمرت وعباس قد خرج بأي تطورات. فإذا كانت إدارة بوش جادة في متابعة المفاوضات، فلابد أن يستأنف تمويل الحكومة الفلسطينية. وإذا لم تكن جادة، سيظل عباس ضعيفا جدا، باله مشغول في فض المشكلات الداخلية الفلسطينية، بدلا من صب اهتمامه في التفاوض بفعالية مع «إسرائيل». على رغم المعارضة في مجلس النواب على إحداث أي تغيير في السياسة، يجب على إدارة بوش أن تنتهز هذه الفرصة لتحسين ما هو في الوقت الحاضر وضع مأسوي.

**باحثة في مؤسسة بروكينغز بواشنطن، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1645 - الخميس 08 مارس 2007م الموافق 18 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً