العدد 1651 - الأربعاء 14 مارس 2007م الموافق 24 صفر 1428هـ

الثقافة وأفق الغياب

ثمة متسعٌ لأفق إضافي، أفقٍ يجد فيه الإنسان العربي سلامته الغابرة وعافيته التليدة.

في الراهن العربي، ثمة أكثر من صفة وشاهد على الغياب... الغياب الذي يكاد لا يكتفي بالاحتفاظ بأفقه، بل يذهب بعيدا نحو تسويره بشتى الموانع، والحيلولة دون أن يطأ أحد مركزه الحصين.

من هنا فقط يمكننا فهم لماذا لم تستطع الثقافة والفكر العربيان تحصين الوجود الراهن؟ وبالتالي لم يستطيعا اختراق أو فتح كُوّة في أفق الغياب المسوّر بالموانع.

فقط لأنها ثقافة تتحرك في أفق من الموانع والتابوهات، ومثل ذلك التحرّك لا يعدو كونه تحركَ سجين في حبس انفرادي بالكاد يتسع لخطوته الأولى، ليصبح - مع مرور الوقت - مثل ذلك المجال «الحيوي» - بالنسبه اليه - بمثابة الأفق الراهن والوحيد!

ثقافة تحيلك إلى ما ابتدأ منه الآخر، باعتباره ذروتها ونهايتها، لا يمكن إلا أن تظل في حال تنفس لهواء مستعمل ومستهلك!

وكأننا أمام حال من تأبيد «بقاء الحال على ما هي عليه»، بل ويتجاوز الأمر تلك الحال الممعنة في «خزيها» إلى حال من القدرة على «التفنن» في التراجعات، وبصورة لافتة!

وفي الحديث عن الأفق الإضافي، تتبدّى الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى العمل على ترسيخ وتأكيد ضرورة فكر المراجعة، وإتاحة الحق الطبيعي - من دون اشتراطات أو ابتزاز - لـ «النخبة المُغيّبة» ، لا «النخبة التي تُنعم عليها السلطة بشيء من هامش سلطتها»، لممارسة حقها الطبيعي في رفد مؤسسات المجتمع المدني بطاقة تحركها، وريادة مبادراتها، وعمق تناولها لإشكالات الأمة.

كأنه «ورد أقل» مما يجب، ذلك الأفق الذي لهج به الشاعر الفلسطيني محمود درويش في مجموعته الشهيرة؛ بسبب أن الهشيم يكاد يُشكّل المشهدَ الراهنَ، يُشكّل مُرُوجَه الناريّةَ، وأفقَه المدبّبَ، وسبلَه المتواريةَ خلف الكمائن والشُرُك.

العدد 1651 - الأربعاء 14 مارس 2007م الموافق 24 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً