العدد 2250 - الأحد 02 نوفمبر 2008م الموافق 03 ذي القعدة 1429هـ

جمعية ترمي الشوك لجيرانها!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

عُرفت هذه الجمعية بتاريخها الطويل في مملكتنا، وأرسَت قواعدها في مدينة المحرّق، وامتدت جذورها من المشرق إلى المغرب ومن الشمال إلى الجنوب، ليس في البحرين فقط وإنما في بلدان العالم أجمع.

وانشغلت الجمعية يوما بعد يوم بتأسيس سمعتها لدى الآخرين، واشتهرت بتنظيم أفرعها في الداخل والخارج، والتهت بتوزيع المشروعات الريادية وحازت على الشهادات التقديرية في العمل التطوّعي، وبنت المساجد والآبار والبيوت الآيلة للسقوط في الهند وإفريقيا، وعملت على تكثيف الجهود في جمع التبرعات لمساعدة المجاهدين في كل مكان، وأرسلت البعثات تلو البعثات إلى الشيشان وكوسوفو والسودان وأفغانستان.

واهتمّت بالقضايا السياسية الموجودة في الوطن، وعملت على خلق وتأسيس جمعية سياسية دخلت أروقة الشئون البرلمانية، وعزّزت مكانتها الأموال الطائلة التي صرفتها على المعونات الخيرية والمساعدات الإنسانية في الداخل والخارج لتنجح بمقاعد فيه.

وفتحت باب التعليم وبنت مدرسة بداخل مبناها الضخم، حتى باتت في مصاف الجمعيات الحرفية والمهنية بمجالها التطوعي والديني والسياسي. ولكن في خِضم هذا كلّه نست هذه الجمعية حقوق الجيرة وراحة الجار، والذي وصّانا عليه رسولنا الكريم (ص) عندما قال: أوصيكم بسابع جار.

هذه الجمعية أوجدت مشكلة عقيمة لدى جيرانها، عندما جعلت باب المدرسة أمام بيوت الناس، وشجّعت معلميها ومعلماتها لمضايقة الجيران في كل مكان، عن طريق وضع سياراتهم أمام مداخل جيرانهم طوال الفترة الصباحية، أما في العصر فلقد حوّلت مباني المدرسة إلى مبنى تحفيظ للقرآن، بالإضافة إلى دروس التقوية، وحوّلت الشارع العام إلى موقف لركن السيارات أمام بيوت خلق الله! وإذا اشتكى أحد الجيران من وجود سيارة أمام منزله أو مبناه، فإن الأعصاب تتلف قبل أن يخرج صاحب السيارة متلويا ومنزعجا لإزاحة سيارته عن موقف سيارة الجيران.

ثم يأتي الليل فلا يرتاح المبنى، إذ جُعل لطلبة الماجستير والدكتوراه يتدارسون فيه ويبحثون ويقيّمون، والناس الذين من حولهم لا يرتاحون أبدا ولا يسكنون، في ظل الضوضاء الموجودة حولهم.

ولم تكتف الجمعية بذلك، فما أن تدق الساعة ويسدل الليل ستاره، حتى تجد ملعب كرة القدم يبدأ في العمل، وتجد اللاعبين يضعون أغراضهم أمام بيوت الجيران، ولا يكتفون بذلك بل قام بعضهم بخلع ثوب الحياء، بتبديل ملابسه أمام أبواب بيوت الناس ليلبس ثياب الرياضة المقررّة عليه في الملعب اللاصق في مبنى الجمعية.

وبعد كرة القدم والطيخ طاخ على رؤوس الجيران المساكين، والتي ينتهي شوطها في تمام الساعة الحادية عشرة مساء، يبدأ الزحام بسبب صالة الفعاليات والمناسبات التي لا تتوقف في الأفراح أو الأحزان، ويكون إزعاجها للناس ما بعده إزعاج من ازدحام السيارات ورنين أبواقها الحامي، أو تراكم القمامة اليومي وزيادة الفئران والحشرات والأوساخ، حتى موظف القمامة يأتي «يتحلطم» ويجمع القمامة ويذهب وهو مازال «يتحلطم».

وعندما تكتمل القمامة لتكون ذلك الجبل الأسود، يأتي إخواننا من محبّي جمع العلب، حيث يشتغلون بأنصاف الليالي ويبحثون في القمامة ويبعثرونها هنا وهناك، ويجلبون الأوساخ إلى بيوت الناس لقرب القمامة منهم، إضافة إلى الإزعاج الليلي والمشكلات التي لا أوّل لها ولا آخر.

وأما في العطلة الصيفية فحدّث ولا حرج من فعاليات هذه الجمعية والمدرسة، إذ تجد الأندية الخيرية ومركز تحفيظ القرآن وكثير من الفعاليات، التي تزيد من الطين بلّة، وتجعل الناس في شقاء وتلف أعصاب واحتراق من الداخل، بدل أن تكون مصدر قرب وروحانية مع الله عزّ وجل.

وقد حدّثنا أحد الرجالات القاطنين في أحد الأبنية القريبة من هذه الجمعية، عن تقديمه هو والناس من حوله الشكوى تلو الشكوى، ولكن كما قال الشاعر:

لقد أسمعت لو ناديت حيّا

ولكن لا حياة لمن تنادي!

نتمنى من هذه الجمعية قبل أن تبادر تخطيطها للفعاليات المقبلة للعام 2009/ 2010، أن تخطّط جيدا لبناء مواقف سيارات لمنتسبيها، ودراسة أهمية وصية الرسول للجار والاهتمام به

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2250 - الأحد 02 نوفمبر 2008م الموافق 03 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً