العدد 1654 - السبت 17 مارس 2007م الموافق 27 صفر 1428هـ

حوارات أركون

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

في المقدمة، لا أعتبر نفسي من المتأثرين بالمفكر محمد أركون، وأعتقد أن من حقه أن يطرح أفكاره الداعية الى «أنسنة» التراث الإسلامي، وإعادة قراءته عبر الادوات العلمية الحديثة «ابستومولوجيا»، إلى آخره من الطرح الذي نسمعه ونقرأه كثيرا. وأعتبر ان مداخلات اركون تحرك الأجواء بين النقد والتعاطي، وهو متحدث في المؤتمرات الدولية، ويحصل على دعوات متكررة للحديث في بلدان الخليج، وبحسب ماقاله عندما استمعت له في إحدى محاضراته في الدوحة العام الماضي، فإنه يجد البحرين من أكثر البلدان حيوية لأن هناك من يعلق على أفكاره.

إن الانتقاد الذي يبقى في ذهني لما يطرحه أركون، هو انه لم يكن ضالعا في الفقه، ولم يكن ضالعا في اللغة العربية (لغته الأم «بربرية») ومن ثم انتقل الى الفرنسية، وكتب كتاباته هناك وبعد ذلك ترجمت كتبه الى العربية. وعليه، فإن خطابه يصلح كثيرا للبيئة الفرنسية «العلمانية جدا»، وحتى لو انه يقول شيئا مفيدا لإعادة التفكير في المنهجية الاسلامية، فإن جذوره المعرفية تحيط بطرح يبدو سلبيا فيما يتعلق بجوانب من تاريخنا الإسلامي.

حوارات أركون تحاول إيجاد أجوبة بشأن الحداثة (وحاليا أيضا هناك البحث عن أجوبة إسلامية لعصر ما بعد الحداثة) وكيفية تعامل الفكر الاسلامي مع متطلبات العصر الذي نعيشه. وفي الواقع فإن هناك طرحين يتجاذبان المفكرين في بلادنا الاسلامية، أحدهما يستمد جذوره من التجربة التاريخية الدينية للرسول (ص)، والأئمة (ع)، والخلفاء والصحابة (رض) ويعتبر تلك التجربة مقدسة وإن علينا أن «نعود اليها» لكي نستعيد مجدنا... والنهج الثاني ينهل من النظريات السياسية - الاجتماعية الحديثة الأدوات العلمية لتحليل تجربتنا الدينية - التاريخية ومن ثم الإجابة عن أسئلة تطرح نفسها على أرض الواقع الذي نعيشه.

هناك ايضا التوفيقيون، وهم الذين يقومون بحصر جزء من التراث الاسلامي واعتباره مقدسا ولايخضعونه لأي من الأدوات التحليلية العلمية، ولكنهم يفتحون ما تبقى من التجربة الاسلامية عبر التاريخ الى أدوات التحليل العلمي. كما ان هناك التأصيليين، مثل الفقيه السيد محمد باقر الصدر، الذي حاول استخراج «السنن» التي تتحكم في التاريخ من القرآن مباشرة، ومن ثم طرح استخدامها في تحليل التجربة الاسلامية والانسانية.

أركون لايستخدم الأدوات التقليدية التي تعتمد على فهم مانقل إلينا من صدر الاسلام، وإنما يستخدم أدوات التحليل العلمي الحديث لفهم التجربة الدينية - التاريخية، وهو أيضا لايحدد إذا كان هناك جانب مقدس لايخضعه لتحليل الأدوات العلمية، كما انه في الوقت ذاته لايتهجم على النص الوارد في القرآن، وإنما يدعو الى إعادة فهمه. في كل الأحوال، فإنه ليس الوحيد الذي يدعو الى اعادة فهم التجربة الدينية - التاريخية، ولكن الاختلاف في الأدوات التي يتم استخدامها. فهناك المفكر محمد شحرور الذي يطرح استخدام منهجية «هيغل» الديالكتيكية لفهم التجربة الدينية - التاريخية، وهذه كلها حوارات قابلة للأخذ والرد.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1654 - السبت 17 مارس 2007م الموافق 27 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً