خضت منذ بضعة أسابيع في حوار مع أحد الأصدقاء، كنا نتحدث عن الجامعة وما آلت إليه، استوقفني وصف أطلقه صديقي على الجامعة، إذ قال بأن الجامعة «عدوة للطلبة»، استنكرت مقولته هذه بشدة، ولكنه جعلني أتساءل ما الذي دفعه ليقول مثل هذا الكلام الذي قد لا يكون موضوعيا في ظاهره؟ ولكنه بالتأكيد انعكاس لواقع مر به صديقي والكثير من طلبة جامعة البحرين، بمن فيهم محدثكم.
بالتأكيد صفة «عدوة» لا يمكن أن تُطلق على جامعة مهما حدث، ولكن ما الذي يحدث في جامعتنا حتى يتم نعتها بهذا الوصف؟ بعد تفكير ومن وجهة نظر شخصية، بدا لي واضحا بأن الخلل يكمن في ترتيب الأولويات بالنسبة إلى إدارة الجامعة، فواقعا بأن الطلبة هم أساس هذا الصرح التعليمي ومصلحتهم هي العليا، فلولاهم لما وجدت جامعة ولما وجد موظفون وأكاديميون!. ولكن هل هذا فعلا ما هو قائم؟!
في أحد اللقاءات التي تمت حديثا، تم ذكر قضية الاعتمادية الكلية لجامعة البحرين، وأن الجامعة يجب أن تتطور وهذا التطور يجب أن يصاحبه عدد من التغييرات. هذه التغييرات للأسف اقتصرت على المظهر العام للجامعة بسنها قوانين تتماشى وتحاكي قوانين جامعات العالم بغض النظر عن المستوى الإداري الحقيقي لجامعتنا، هل نحن فعلا نستحق نيل هذه الاعتمادية لمجرد أننا أصبحنا نسخة مطابقة في الشكل فقط لبقية الجامعات؟ لا أعتقد ذلك. أعود هنا إلى المشكلة الأساسية، وهي أن الجامعة في سعيها لنيل هذه الاعتمادية نست أو تناست أساس وجود هذه الجامعة وهم «الطلبة»، فأصبح الطالب مهمشا وأصبحت هذه القوانين – للأسف – تساهم في إرهاق الطالب وتعقيد مسيرته الأكاديمية على رغم أنها - بحسب زعم المسئولين - لمصلحة الطالب وليست ضده!
نعم، لكل مؤسسة قوانينها التي يجب على مرتاديها أن يتبعوها ويطبقوها، ولكن ألا يجب على هذه القوانين أن تكون منصفة للطرفين؟! لماذا إذن تم إنشاء مجلس الطلبة وتمت تسمية مبنى تيمنا بهم وتم تخصيص فترة سنوية يتم فيه الانتخاب الحر، أليس من أن أجل أن يساهم مع إدارة الجامعة في وضع التصور العام لمسيرة الجامعة؟ لهذا يجب أن يوجد مجلس طلبة، للمساهمة في صنع القرار المنصف، ليس من أجل أن يرى الناس والعالم أجمع بأن جامعة البحرين لديها مجلس طلبة هو في حقيقته – للأسف أيضا – مجلس صوري بسبب صلاحياته المحدودة جدا، إذ لا يمكنه التحرك و لا التدخل في الشأن الجامعي على رغم اجتهاداته الكثيرة. دائما يصطدم بالقوانين وأعذار الموازنة، أليست القوانين مكتوبة من قبل الإنسان؟ إذن، فهي قابلة للتغيير وفق معطيات جديدة. لنغير القوانين إذا ما كان تغييرها يصب في مصلحة الطالب الذي هو بالتالي يصب في مصلحة الجامعة وليس العكس بصحيح. كم أسعدني حديثا الاستعانة بمجلس الطلبة في عملية صوغ ورقة تقييم الأساتذة الجدد، التي ستساهم في تطوير مستوى الطاقم الأكاديمي الذي نعاني منه، هذا ما يجب أن يكون عليه مجلس الطلبة، شريكا وليس متفرجا.
باعتباري طالبا في كلية إدارة الأعمال، نحن نتعلم التمويل والإدارة والتسويق والمحاسبة... نحن الطلبة القاصرون، الذين نسعى لمعرفة المزيد كل يوم، نتعلم هذه المفاهيم في هذه الجامعة ونطبقها. في حين - وياللعجب - أن الجامعة لا تستطيع أن تمول الفصل الصيفي للعام الماضي، كيف حدث ذلك؟!، أين الخطط التمويلية المبنية على الإحصاءات والحقائق؟ وإن تعلل المسئولون بأن ما حدث نتيجة لقرارات مستحدثة، فأين خطط الطوارئ التي يتم تدريسنا إياها في مقررات الإدارة؟!، هل خطة الطوارئ الناجحة تقضي بإلغاء الفصل الصيفي؟!
أم المشكلات هي مشكلتنا مع تسجيل المقررات كل فصل... هذا النظام ومع مرور السنوات ورؤية الجامعة للأخطاء والسلبيات فيه، من الطبيعي أن يتطور للأفضل، يتطور لكي يخدم الطلبة بشكل أفضل ويسهل مهام موظفي التسجيل أيضا... و لكن ما أراه أنا باعتباري طالبا في سنتي الخامسة، وما يراه بقية الطلبة، أن هذا النظام يسوء تدريجيا، ومشكلاته تكثر في كل فصل، حتى أصبحت فترة الحذف والإضافة كابوسا طويلا يمر فيه الطلبة كل فصل من دون حلول جذرية من إدارة الجامعة.
كثر الحديث عن كلية التعليم التطبيقي وكثر اللغط بشأن هذه الكلية التي أصبحت واقعا ملموسا من دون مقدمات ومن دون وضوح. نحن نثني عليها إذا كان غرضها الارتقاء بالتعليم وإدخال الجانب العملي التطبيقي للدراسة النظرية، ولكن ما أحدث كل هذه الضجة هو الغموض الذي اكتنف إنشاء هذه الكلية ونظام قبولها ومستقبل طلبتها، لماذا لم تكن هناك رؤية واضحة لهذه الكلية وبرامجها وتم إنشاؤها بهذه السرعة، الأمر الذي صدم الكثير من طلبة الثانوية وحطم أحلامهم في دخول التخصص الذي يحلمون به في جامعة البحرين!
الأمر ذاته ينطبق على مشكلة الإعفاء حديثا، فنحن نتفق أيضا مع الجامعة في قيامها بتحديث القوانين، ولكن لابد – مرة أخرى – من الالتفات لمصلحة الطلبة وخصوصا الطلبة المستفيدين من الإعفاء مسبقا، ما ذنب هؤلاء الطلبة حين يتحطم حلمهم بمواصلة الدراسة وحصولهم على أهم سلاح في الحياة وهو شهادتهم الجامعية؟! أضعف الإيمان هو أن تقوم الجامعة بالاستمرار في مساعدة هؤلاء الطلبة وتطبيق القوانين الجديدة على الطلبة الجدد.
ذكرت مشكلات قد مضت وقد لا نستطيع استدراكها كليا الآن، ومشكلات وسلبيات مازالت باقية، لنعمل على تجنبها وتفاديها للارتقاء في جامعتنا الوطنية... لست أكتب مقالي هذا إلا حبا في جامعتي، رغبة مني في أن أراها الأفضل فعلا في كل شيء، فتقبلي مني يا جامعتي الحبيبة هذا النقد... نحن الطلبة نرجو أن نرى جامعتنا تعترف بالخطأ وتسعى بخطوات حقيقية صادقة لأن تصلح هذا الخطأ وتتجنب كل هذه السلبيات وغيرها لتخرج في النهاية بمخرجات ايجابية تعود بالنفع علينا جميعا.
عزيز جاسم الغانمي
العدد 1661 - السبت 24 مارس 2007م الموافق 05 ربيع الاول 1428هـ