العدد 1665 - الأربعاء 28 مارس 2007م الموافق 09 ربيع الاول 1428هـ

وقفة أخرى على حقوق أسر المحكومين

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

عندما وقفت في أحد المقالات السابقة على مطالب فئة من المجتمع همشت وتم نسيانها وهي أسر وعوائل المحكومين وتحديدا في موضوع «معايير بدل السكن» التي لم تراعَ فيها بعض الفئات ونزلت كالسيف المسلط على رقاب العباد، انهالت المكالمات من كل حدب وصوب وتلقيت الكثير من الرسائل لتلفت نظري في النهاية إلى جملة من المطالب التي تحتاج الى الوقوف عليها لأنها تمثل حقّا من حقوق أسر وعوائل المحكومين بغرض ضمان وصول الرسالة إلى المسئولين وأصحاب القرار وبالتالي حلحلتها.

من بين الأمور التي تم التأكيد عليها من قبل أكثر من أسرة من أسر المحكومين، قضية مهمة سأحاول ان أوجزها لكم بالشكل الآتي:

بالنسبة الى الزيارات بحسب ما تم تبيانه بأنها تسمح لهم مرة واحدة فقط في الشهر ولمدة ساعتين تكون عادة في أوقات الدوام الرسمي أي في الفترات الصباحية، ما يضطر البعض إما تجاهل الزيارة على رغم أهميتها وعدم الالتقاء بالمحكوم وتأجيلها للشهر اللاحق مع وجود الأعمال المتكدسة والمهمة، أو الاضطرار لترك العمل ثلاث ساعات شهريا ليتمكن بدوره من أداء الزيارة وخصوصا إذا ما علمنا بأن الزيارة تتم لمدة ساعتين ومشوار الذهاب والإياب في حدود الساعة، وبالتالي قد يعرض أهالي المحكومين إما إلى الفصل من وظائفهم أو حصولهم على الإنذارات أو مضايقتهم في العمل، علما بأنهم من أكثر الناس خوفا على وظائفهم بسبب ظروفهم الخاصة، كما أن غالبيتهم يعملون في قطاعات خاصة وعملية تعرضهم للتسريح أكبر من غيرهم، كما أن بعض الأبناء يضطرون الى الخروج من مدارسهم أو عدم ذهابهم إلى المدرسة أصلا في يوم الزيارة فيخسر الطالب فرصته في الحضور إلى المدرسة والاستفادة من شرح المعلم ويتكرر الأمر بشكل شهري، ويقترح الأهالي أن يحدد يوم معين في الشهر بحيث يكون خارج أوقات الدوام الرسمي كالفترات المسائية وخصوصا أن السجناء موجودين في السجن على مدار 24 ساعة وممكن إبلاغ المسجون في أي وقت بأن لديه زيارة. كما أن المدة نفسها والتي تقدر بالساعتين غير كافية، فهي تكون لجميع الأهل من زوجة وأبناء وإخوة ووالدي المحكوم إلى أولاد العم والخالة وغيرهم من أقارب، ومدة المقابلة ساعتان فقط في الشهر. وهي فترة بالنسبة الى أطفال صغار على الأقل لا تعد مشبعة لرؤية والدهم فهم يكبرون بعيدا عنه وعن حنانه ويرغبون بهذا الصدد إلى زيادة مدة الزيارة.

إحدى الزوجات أبلغتني بأن بنتها الوحيدة التي لم تبلغ الثالثة من عمرها عندما تأخذها معها لزيارة والدها تعتقد ولاتزال كذلك بأنه في العمل وأن عمله يستغرق منه وقتا طويلا وأنه لا يعود إلى البيت إلا في الليل بحيث تكون نائمة وبالتالي تأخذها إليه مرة واحدة في الشهر لتراه وتجلس في حضنه طوال الساعتين وتعد غير كافية لطفلة في سن النمو. كما أن الملاحظ بالنسبة إلى أوقات الزيارات هو التعامل معها بشكل لا يقبل المرونة ويخدش عواطف عوائل المحكومين، وخصوصا في المناسبات والأعياد السنوية، بحيث تمنع الزيارة ولا يسمح لهم بزيارة السجين في أيام الأعياد ما يجعل العيد ليس كبقية الأيام الأخرى، فيكون طويلا وثقيلا جدا، ويمر على أهالي المسجون وهم في غاية الضجر والاستياء وأطفالهم لا يستطيعون لبس ملابسهم الجديدة ووالدهم بعيد عنهم، كما وينتهي اليوم بالبكاء والعويل، ويتمنى الأهالي على المسئولين النظر في الأمر نظرة إنسانية رحيمة، ولاسيما أنه لا ضير في ذلك وبالإمكان التفاعل بإيجابية حيال ذلك.

في النهاية ألا يعلم هؤلاء واضعو الجداول الزمنية لزيارات المحكومين بأنه «من فرح صبيا فرح نبيا»، وألا يعرفون كم هي مهمة أن تساهم في إدخال فرحة وبهجة إلى قلب طفل وفي يوم العيد بالذات؟

أعتقد أن بعض الأمور لا تحتاج من الفرد أن يطالب بها أو يتكلم عنها لكي يلتفت إليها المسئولون، فمسئوليتهم تقتضي منهم النظر إلى كل الأبعاد بما فيها البعد الإنساني التي تدلل على إنسانية الإنسان، ولا عيب في أن يكون المسئول حازما وإنسانيا في آن واحد... «واللبيب بالاشارة يفهم»، والمعروف أن أفضل شيء يفعله الإنسان يوم العيد لقاء الأحبة، والمحكوم من حقه الالتقاء بأحبائه ولا أظن انه يتعارض مع عقوبته المحكوم بها، فالمرضى المقيمون في المستشفيات العامة منها أو الخاصة يسمحون لهم بمغادرة السرير والذهاب إلى بيوتهم في بعض المناسبات ولاسيما الأعياد لإدخال البهجة في قلوبهم ويعد ذلك جزءا من العلاج.

بالتأكيد هنا لا ندعو الى أن يسمح للمحكومين بزيارة عوائلهم كما هي حال المرضى لاختلاف الظروف والأحوال، لكن أظن أن السماح للعوائل بزيارة أبنائها المحكومين في الأعياد سيكون مناسبا جدا، ويساعد في طي سنوات الألم ولوعة الفراق.

لا أدري لماذا تغفل الجمعيات الحقوقية التي تتكاثر باستمرار عن تلك المطالب والوقوف عندها وهي التي استطاعت تحقيق أهداف أكبر في حجمها، فقد نجحت في اختراق سجون المعتقلين والمحكومين وكتابة تقارير حقوقية عنها، ونراها عاجزة عن الوقوف على الأهداف الصغيرة.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1665 - الأربعاء 28 مارس 2007م الموافق 09 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً