العدد 1666 - الخميس 29 مارس 2007م الموافق 10 ربيع الاول 1428هـ

عودة «التنابلة»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لفت نظري قبل فترة اسم الفيلم المصري: «عودة النذلة»، فأخذت أبحث عن قصته لمجرد «الطماشة» وليس الاستمتاع، فالسينما العربية عموما أعلنت إفلاسها، فلم تعد تنتج فنا ولا تنمّي ذوقا... بعدما بلغت سنّ العقم والتخريف!

الفيلم تقوم ببطولته ممثلة «خفيفة ظل جدا»، اسمها عبلة كامل، تمارس هي وزوجها «جعبل» السرقة، ويتم القبض عليها أثناء تنفيذها عملية سرقة لإحدى الفلل، وفي الأثناء ينجح الزوج النذل في الهرب بجلده ويتركها لمصيرها الأسود.

تُقدّم «عبّول» إلى المحكمة، فتقضي عليها بالسجن المؤبد. وبعد قضاء فترة العقوبة، تخرج للبحث عن زوجها وابنها، فتكتشف أنه تزوّج من امرأةٍ أخرى قامت بإيهام الابن بأنها أمه، وتحاول «عبّول» استعادته بينما يحاول «جعبل» طردها من حياته الجديدة!

قصة «بايخة»، وحوادث مهلهلة، وممثلون (مش ولابد)، ولو فتحت فمك بكلمة لقالوا إنك ضدّ الإبداع السينمائي والفن العربي العظيم! ويبدو أن هناك صنفا معينا من البشر تستهويه حياة «الجعبلة»، بدءا من سرقة الكتب الأدبية المترجمة، وانتهاء بالنقل الحرفي لكل ما يسمعه من سوالف في القهاوي الشعبية ليعيد سردها فيما يكتبه من «مقالات» و «تحليلات»!

هذا الصنف «الجعبولي»، يتلذّذ إذا حصل على رفسةٍ من الخلف، فإذا تأخرت عليه الرفسة أسبوعا واحدا بدأت يده تأكله، فيتلفت يمينا وشمالا (يتنقرش بالرايح والجاي)، ويدعو في قرارة نفسه: اللهم أنزل علينا رفسة من السماء! وهو في سبيل الفوز بهذه الرفسة مستعدٌ لتزوير الحقائق ونقwل الهرّاء عن الهرّارين و«الباحثات» الهرّارات، بل والتفنّن في الكذب لمجرد لفت الأنظار، فالقاعدة عنده «اكذب ثم اكذب حتى يصدّقك الناس»... اقتداء بسيرة الحبيب المشترك صاحب «أم المعارك» و «الحواسم» و «القواصم».

هذا الصنف المتطفّل على مهنة الصحافة، لا يخجل أن يتهم الآخر بأشياء لم يعملها، ويتقوّل عليه بأقوالٍ لم يقلها، ويدّعي عليه مواقف لا يعرفها! وزيادة في «التنبلة» يقحم الآخر في سلك المتباكين على معهدٍ أجنبي ثار حوله جدلٌ كثير، مع أن هذا الشخص المفترى عليه لم يكتب كلمة واحدة عن هذا المعهد، ولم يدعُ إلى طرده ولا إلى بقائه! ولكن «كلٌ يرى الناس بعين طبعه»... فمن اعتاد على تلقي الأوامر من غيره، فيكتب بـ «الروموت كونترول»، يتصوّر الناس كلهم تنابلة مثله، ولا يصدّق إطلاقا أن هناك ( 80 بالمئة من الصحافيين والكتّاب الوطنيين الذين اتهمهم بعض المتطرفين بأنهم يهدّدون الأمن الوطني ) يربأون بأنفسهم أن يكونوا أحذية و «قواطي»!

الطريف أن هذا المنظّر الماركسو/ إسلامي العظيم، الذي يستمتع بإنتاجه الغزير الجسد الثقافي في البلد والخليج كله، يبدأ بمهاجمة معهدٍ لا يعرف اسمه الصحيح! وتبدأ الفضيحة من العنوان: «المتباكون على الـ D.N.I»، ونحمد الله أنه لم يكتبه D.N.A، وإلاّ خرج بالقراء من نقد المعهد الأميركي المشبوه وغاص بهم في علم البيولوجيا الحيوية من دون أن يدري!

ثم لكي يثبت أنه علاّمة زمانه، ولكي ينفي قطعيا أن هناك خطأ مطبعيا غير مقصود، وأنه متأكدٌ من الاسم مئة بالمئة، فإنه يكرّر الاسم (D.N.I) أربع مرات في تضاعيف «المقال»! وزيادة في الدقة والتوثيق، وإثباتا للموضوعية والأمانة العلمية، وتجنبا لأي تحريف، فإنه يكتبه بالحروف الإنجليزية الفصحى (D.N.I)!

في أزمنةٍ غابرة، ابتُلي أقوامٌ بالجراد والقُمَّّل والضفادع، وهي أصنافٌ من المخلوقات الطفيلية، أما في هذا الزمان الأغبر، فقد ابتليت الصحافة بأصنافٍ من التنابلة الطفيليين، والجعابلة الانتهازيين، بلغوا سن التخريف، فغدت أكبر أمنياتهم في الحياة أن يتلقّوا رفسة من الخلف صباح كل جمعة... وما كنّا ظالمين!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1666 - الخميس 29 مارس 2007م الموافق 10 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً