العدد 1667 - الجمعة 30 مارس 2007م الموافق 11 ربيع الاول 1428هـ

اضبط... إنهم يبيعون أسماكا سامة!

المختصون دعوا المستهلكين إلى الحذر...

بندر الدار، مدينة عيسى - سعيد محمد، زينب التاجر 

30 مارس 2007

أمام المفتش الصحي وقفنا وجها لوجه وسألنا: هل يعقل أن يبيع بعض الآسيويين أسماكا نافقة على الناس من دون أن يخافوا منكم؟ بل والأهم من ذلك، هل يمكن أن يكون الناس على هذه الدرجة من الغفلة بحيث أنهم يشترون أسماكا نافقة وسامة تمثل خطرا على الصحة، وأهل البحرين أصلا من أكثر الناس معرفة بالسمك وحالاته، طازجا أم فاسدا؟! فلم يكن إلا أن ابتسم وقال: «لو حدث ذلك، فتلك حال نادرة تم اكتشافها، لكن أؤكد لك أنها ليست ظاهرة، ولا يمكن إطلاقا أن تكون كذلك... أن يترك بعض الباعة الآسيويين ومن حملة التأشيرة الحرة يبيعون سمكا نافقا جمعوه من بعض الحضرات أمام السواحل أو جمعوه من على السواحل ذاتها... لا يمكن أن يحدث ذلك!

ووسط هذا التأكيد، كان حريا التمتع بجولة على بعض السواحل، ومنها سواحل سترة، وتحديدا في مرفأ بندر الدار الذي يعد واحدا من أهم وأشهر المرافئ للصيادين...

في بندر الدار!

الجو كان باردا... بل شديد البرودة في تلك العصرية الوادعة... مياه البحر في غاية الهدوء والوداعة تحسبها صفحة من زجاج لامع... الطراريد واليخوت والبوانيش التي ربطت إلى الساحل وجدت نفسها في حاجة إلى أن ترقص قليلا... فتمايلت وتمايلت على صفحة الماء مع القليل من الأصوات التي كانت تأتي من بعيد. عمال آسيويون وجدوا فرصة للراحة قليلا وراح أحدهم يدندن بأغنية تذكرك بفترة الانتظار في الحلاق، وآخر يشد حبلا، وثالث كان يدخن تلك اللفافة التي يسمونها الـ»بيري» ذات الرائحة الخانقة، أما بقية الصيادين من البحرينيين، فهم قلة، واحد يجلس في «بيك أب» والآخر يدعك محرك طراده بقطعة قماش مغطسة في البنزين.

«شلون ما يصير... يصير ونص»... هكذا أجابنا «أبو هاشم» الصياد البحريني الذي يتردد على بندر الدار، حيث قاربه، عندما سألناه عما إذا كان صحيحا قيام بعض الآسيويين بجمع بقايا السمك أو جمع السمك النافق وبيعه، إذ قال: أنا بصراحة لا أقول إن جميعهم يفعل ذلك، ولكن ذات مرة شاهدت في تلك المنطقة (يشير إلى منطقة حظور) آسيويين يجمعون كمية كبيرة من أسماك الـ«بياح» النافقة، وعندما اقتربت منهم وسألتهم، قالوا إنهم يبيعونها على شخص يستخدمها علفا للمواشي، لكن ذات مرة سمعت أحدهم يقول إنه قرأ في الصحف عن ضبط آسيويين يبيعون أسماكا نافقة، فربطت بين الحادثين، وهذا ليس ببعيد، وأقول للمسئولين: البلد التي يتجاوز الأجنبي والمواطن القانون فيها، فهي ليست بلد قانون، فطبقوا القانون على الجميع.

ضبط عشر حالات

بضع حالات ضبطت لكنها تدعو إلى مساءلة قطاعات متعددة، منها المجلس البلدي ذاته، وقسم مراقبة الأغذية بإدارة الصحة العامة ومفتشوه، وكذلك مفتشو البلديات... فإن كانت الحالات قليلة وهي لا تشكل ظاهرة، فإن ذلك لا يعني أن تترك الأمور هكذا إلى أن يحدث مكروه وتنتشر الأمراض بين الناس.

وفي الوقت الذي تشهد فيه بعض السواحل نفوق أسماك تطفو على سطح الماء أو ترتمي على السواحل، يجد بعض الآسيويين، من حملة التأشيرة الحرة تحديدا، الفرصة لكسب الربح، تجاوزا للقانون طبعا... هناك، في بعض المناطق في مدينة عيسى قمنا بجولة، في صباح يوم الخميس 15 فبراير شباط إذ وجدنا بعد مشقة، ثلاثة من الباعة الجائلين في شاحنات صغيرة، لكنهم لم يكونوا من الآسيويين فحسب، ففي السيارات الثلاث، كان هناك بحريني يعمل لوحده، فيما يعمل شاب بحريني مع اثنين من الآسيويين في الشاحنتين الأخرويتين، وكانت في كل شاحنة من الشاحنات الثلاثة حوالي أربع ثلاجات صغيرة تنوعت محتوياتها يبن أسماك «الهامور» و»الكنعد» و»الشِّعري» وسمك «صافي صنيفي»، لكنها كانت أسماك طازجة.

الدور على المسئولين

سألنا الجماعة عمن يبيع أسماكا نافقة فأكدوا وجود بعض الآسيويين لكنهم قليلون وتم ضبط بعضهم، وهناك أيضا من يخلط الأسماك النافقة بالطازجة لزيادة الكمية، وإذا افترضنا أن هذا الأمر فيه منافسة غير شريفة، فلله الحمد نحن نخاف الله ولكن على المعنيين أن يقوموا بدورهم لمنع مثل هذه التجاوزات.

وعلى رغم مساعي ممثل الدائرة الثالثة بمجلس بلدي الوسطى عدنان المالكي الذي ضبط عشر حالات بيع أسماك فاسدة في المنطقة الوسطى، وتسجيل حال تسمم واحدة جراء بيع باعة جائلين من جنسيات آسيوية لأسماك نافقة، عمدوا إلى التقاط البعض منها من السواحل، وجمع الباقي من السوق المركزي ظهرا، فإن الوضع مازال يدق ناقوس الخطر، ما دفع بالمجلس إلى تشديد الرقابة في الفترة الماضية لاسيما بعد إقرار قانون الباعة الجائلين الذي أظهر أن الكثير من أولئك الباعة يمتهنون أيضا مهنا أخرى كالصباغة والنجارة، ما يشير إلى ضرورة التفات وزارة العمل إلى هذه النقطة ومحاولة التنسيق مع المجالس البلدية لاحتواء المشكلة.

ولم يقف عمل الباعة الجائلين عند بيع أسماك نافقة، وإنما تخطاه ليشمل بيع فواكه وخضراوات فاسدة أيضا، بالإضافة إلى طرق أبواب البيوت في المنطقة للترويج لأعمالهم وبأسعار زهيدة... أمر تسبب في تسجيل حال تسمم واحدة، وهو أمر يفتح بابا آخر يتمثل في تفعيل الجانب التوعوي والرقابي من قبل وزارة الصحة، بحسب قول المالكي.

وطبقا للمالكي أيضا، فإن كان المجلس ووزارة الصحة معنيين بالموضوع، فإن دور جمعية حماية المستهلك لا يقل أهمية، لذلك يجب تكثيف الجهود والتعاون بين الجهات المعنية، فضلا عن تشديد الرقابة من قبل الجهاز الأمني، وتفعيل قانون الباعة الجائلين، إلى جانب إعطاء صلاحيات أكبر للمجالس للتعامل مع مثل هذه الحالات.

تنظيم عمل الباعة الجائلين

وانطلاقا من إدراكها أهمية المشكلة، لوحت بلدية المنطقة الوسطى بتعميم إعلان يحوي إشعارا للباعة الجائلين في المنطقة بضرورة استخراج رخصة لمزاولة المهنة بعد تسجيل جميع البيانات المطلوبة في البلدية خلال الأيام القليلة المقبلة، إذ من المتوقع أن يعطى الباعة مهلة إلى نهاية شهر أبريل/ نيسان المقبل بعد صدور الإعلان لتصحيح أوضاعهم.

هناك، ومن باب التنسيق بين المجلس والبلدية، عقد اجتماع نوقشت فيه مرئيات المجلس والبلدية بشأن المعلومات التي من المؤمل أن يتضمنها الإعلان، فضلا عن المعلومات والبيانات التي ستتضمنها بطاقة مزاولة المهنة، كالاسم والرقم الشخصي، فضلا عن نوعية البضاعة المباعة وكيفية حفظها وبعيها، إلى جانب أماكن بيعها، شريطة ألا يكون البائع الجائل أجنبيا.

ومن ضمن الخطوات التي بدأ المجلس بالتنسيق لها - وفق ما أشار إليه نائب رئيس المجلس عباس محفوظ - تحديد الأماكن التي يسمح للباعة الجائلين بمزاولة مهنتهم فيها، إذ من المزمع أن يرفع المجلس توصية بها خلال الأيام القليلة المقبلة بالتنسيق مع البلدية، كما وسيترك حق اقتراح تلك الأماكن إلى ممثل الدائرة. ومن المزمع أن يلجأ المجلس لاحقا إلى توضيح آليات التعامل مع الرخص وتحديد الرسم البلدي عليها، إلى جانب التنسيق لاجتماع مشترك يضم ممثلين من إدارة الصحة العامة ووزارتي الداخلية والعمل خلال الأسبوع المقبل.

نفوق الأسماك طبيعي!

لكن، هل هناك كميات كبيرة من الأسماك النافقة في سواحلنا ومياهنا الإقليمية؟ وهل تنفق الأسماك بصورة بيولوجية بكثرة لدينا؟ هنا، ومن وجهة نظر اختصاصية، يؤكد المدير العام لحماية الثروة البحرية جاسم القصير أن مسألة نفوق الأسماك أمر طبيعي في المملكة لاسيما في الشتاء القارص، أي في شهر فبراير، وفي الأشهر التي ترتفع فيها الحرارة، لاسيما شهر أغسطس/ آب، فضلا عن نفوق الأسماك نتيجة ضحالة المياه وضعف التيار البحري.

وفيما يتعلق بالفئة التي تلتقط الأسماك، يعتقد القصير أنها من جنسيات أجنبية لاسيما الصيادين الذين لا يعملون في مجال صيد الروبيان في غير مواسمه، لكنه بالنسبة إليه أيضا ليست ظاهرة، إلا أن الأمر يتطلب حذرا ومتابعة لضبط المخالفين.

أما في المحطة الأخيرة، فلابد من تأكيد أن قسم مراقبة الأغذية بوزارة الصحة ليس غافلا عن مراقبة الباعة الجائلين من خلال فرق عمل، ومع نقص العدد، فإنه لا يمكن أن تكون مخاطر بيع الأغذية الفاسدة من أسماك وفواكه، تهدد الصحة العامة من دون حدود... فحتى لو كان المفتش غافلا، لن يغفل المواطنون أنفسهم الذين يبلغون عن مثل هذه التجاوزات، بل ويضبطون آسيويين بأنفسهم ويقدمونهم إلى الجهات المعنية، وهذا المطلوب من المواطنين والمقيمين في حال ضبط مثل هؤلاء الباعة.

كما أن تفعيل القوانين وتطبيقها بالشكل الذي يحفظ للجميع حقوقهم، هو المطلوب تجاه المخالفات والمخالفين، بعيدا عن أصحاب النفوذ وعشاق العبث بالقوانين.

العدد 1667 - الجمعة 30 مارس 2007م الموافق 11 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً