العدد 1679 - الأربعاء 11 أبريل 2007م الموافق 23 ربيع الاول 1428هـ

تجاهل الطلبة للوحاتي... طبيعي

في معرضه الشخصي الأول... الساري:

فاصل خشبي طويل، قطع سكون بهو كلية الآداب، حمل على جانبيه عددا من اللوحات الغريبة بالنسبة لطلبة الكلية، إذ كانوا يمرون عليها، فتستوقفهم تلك اللوحة التي تبرز السوق، أو تلك التي تبرز زوايا من الطبيعة، أما اللوحات التجريدية فظلت في أعين الطلبة مجرد خربشات غريبة بالألوان لا تستدعي إطالة النظر فيها أكثر من ربع دقيقة!

الفنان سيدحسن الساري الذي يقدم معرضه الشخصي الأول لم يجد في ذلك ما يدعوه للضيق تجاه نظرة الطلبة للوحاته، والتي كانت تفضل اللوحات ذات التفاصيل الواضحة عن اللوحات التجريدية، وعبر عن ذلك بأنه ناتج عن غياب الثقافة البصرية في المجتمع.

الساري يعتقد أن الغرب يقدسون الأعمال الفنية، ويعود ذلك «لأن الغرب يعلمون أطفالهم منذ الصغر على ارتياد المعارض والتأمل في اللوحات برؤية تحليلية، فلا يكبر الطفل، إلا وهو يملك القدرة على التحليل، ولديه الثقافة التي تتيح له فهم الأعمال الفنية».

في الوقت الذي ينظر الساري فيه إلى مسألة عدم اهتمام البحرينيين على أنها أمر طبيعي، إلا أنه يعول هذه المسألة على مجموعة من الأسباب، يرى منها «أن غياب الاهتمام يعود بالدرجة الأولى للبيئات التي يعيش فيها الشخص من المنزل والمدرسة والمجتمع الذين لا يعيرون الفن أي اهتمام، إضافة إلى الحال المادية التي ينشأ فيها، وذلك ما يدفع الشخص حينما يرغب في تزيين منزله بلوحة إلى التوجه للمحلات التجارية بسبب سعرها الزهيد، فإذا نشأ الطفل في غياب الأعمال الفنية الحقيقية عن منزله، فكيف يصبح لديه الدافع للاهتمام بهذه الأمور»؟

مراحل متعددة كونت الأسلوب

(قلق المسافات) هو عنوان معرض سيد حسن الشخصي الأول، بعد أن كانت له مشاركات كثيرة في معارض المؤسسات الأهلية والفنية على المستويات الخليجية والعربية والعالمية، أما سبب التسمية فيقول الساري: «إن تعبير المسافة هو للدلالة على المراحل التي مررت بها لكي أصل للتكوين الذي أريده، أما القلق فهو محاولة للدلالة على الحال التي يعيشه الإنسان من جراء البحث والمطالعة للوصول إلى التصور الكامل للعمل الذي ينوي القيام به».

لوحات المعرض نتاج التجارب التي مر بها الساري خلال السنوات الأخيرة، إذ تعددت الأساليب والخامات المستخدمة في كل لوحة، بدءا من استخدام الكولاج والخط العربي، وانتهاء بالخشب ونوعية القماش المستخدم وتأثيرات الرمال والمعجون قبل الرسم.

«كل فترة من فترات عملي كان لها أسلوب معين» هكذا يصف الساري مراحل مسيرته، مضيفا « مرور الفنان عبر مراحل وتطوره في نوعية أعماله هو الأساس الذي يستطيع من خلاله أن يحدد أسلوبه الخاص».

واعتبر الساري أن التجريد في أي عمل يتطلب دراسة لتجريد الشيء معرفا ذلك بـ «دراسة الشيء من ناحية التكوين للوصول إلى نتيجة، وليس خلط الألوان بشكل عشوائي»، ومن الحياة اليومية يستنتج الساري الموضوعات بعد دراستها وأخذ الصور الفوتوغرافية لتحديد الموضوع والتكوين.

نضوج أسلوب الساري الخاص

يقتبس سيد حسن أسلوبه من احتكاكه بالفنانين والاطلاع على المعارض واللوحات الفنية، إذ يوظف كل فنان أسلوبا وخامات مختلفة في عمله، على رغم أن المتعارف عليه هو الرسم على القماش بالألوان الزيتية، إلا أن كل فنان يوظف خامات إضافية ليعطي لمسات لا يمكن للرسم الكلاسيكي أن يعطيها، «من هنا ينبع حب الاستكشاف» كذا يرى الساري، إذ يرى الساري أن الفن الذي ابتدأ في عصر النهضة كان عبارة عن رسم للأشياء وتصويرها كما هي، وكان أقرب للتصوير، حتى سميت المرحلة التصويرية، مضيفا «وصل الفنانون لمرحلة التشبع في هذا الأسلوب، وعندما رغبوا في التوسع أضافوا اللمسات الانطباعية وأخذوا يتكيفون أكثر في الرسم ويستخدمون الملمس الخشن بدل الناعم، مرورا بالمدارس التكعيبية ووصولا للتجريدية».

أما أسلوبه الخاص فمازال ينضج حتى الآن، فلا يوجد أسلوب معين يتخصص فيه الساري، إذ يرى أن «الأسلوب الخاص يأتي في مراحل متقدمة».

اللوحات برؤية تجريدية

ركز الساري في بداياته على الهندسة المعمارية، وانتقالها من البناء القديم إلى الحديث، أما الآن فيجد اهتمامه في رسم الحالات النفسية التي يعيشها الإنسان، «لا يعرف الشخص بماذا يفكر الإنسان الآخر، فتصرفاته قد تكون مدفوعة بإرادته أو دونها، وقد يسرح الإنسان للحظات، وهذا الشيء لا إرادي، وهو ما أسعى لتصويره من خلال الحالات اللا إرادية التي يقوم بها الإنسان».

«الشخص في العمل أو البيت يقوم بأعمال معينة من أجل نتيجة، بينما نجد في بعض الأحيان أشخاصا يتوقفون ليفكروا حول سبب ما يعملون به، وهو ما يعطي الشخص نوعا من الغموض، ويصبح في حال لا يستطيع فهمها»، تلك إحدى المراحل المهمة التي يبحث عنها الساري في قراءاته، وهي مرحلة - كما يرى الساري - مهمة جدا، بسبب صعوبة فهم الأشياء الباطنية وإبرازها في العمل، إلا أن «تطبيقها يأتي من خلال حركات وتعابير الجسد والوجه».

العدد 1679 - الأربعاء 11 أبريل 2007م الموافق 23 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً