العدد 1689 - السبت 21 أبريل 2007م الموافق 03 ربيع الثاني 1428هـ

الروحانية موجودة وراء التسامح بين الديانات

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أصبح من عادة الجاليات المختلفة ومسئولي الدولة في إندونيسيا حضور احتفالات الديانات الأخرى ومناسباتها. وتبرز هذه الأعمال كأمثلة على التسامح الديني. إلا أن حضور الاحتفالات الدينية للطوائف الأخرى يعتبر خطيئة من قبل البعض، ويُنَظر إليه في أفضل الحالات على أنه إظهار للطف والكياسة وليس نتيجة للتسامح الصادق.

المشاركة في جوهر الديانة الأخرى وممارساتها الدينية يعتبر ممنوعا بالنسبة للكثير من المسلمين، بعكس التعامل خارج الأمور الدينية، كالأمور الدنيوية، فهم يرون مبدأ التسامح الديني على أنه يتكون عمليا من إعطاء الآخرين حرية ممارسة شعائرهم الدينية من دون ضغط أو إقناع أو جدل بشأن الأمور الدينية. إلا أن المشاركة في الاحتفالات الدينية للآخرين يعتبر بدعة وهرطقة.

وتُعتبر جميع التقاليد الدينية، بحسب خبير الأديان المقارنة في كندا ويلفريد كانتويل سميث، إرثا إنسانيا. فنحن من خلال استكشاف تجارب التقاليد الدينية الأخرى إنما نستكشف في الواقع تقاليد ديننا وبالتالي نعمل على تحسين فهمنا لها، إضافة إلى ذلك فإن كلا منا يشارك في تجلّي صورة الله من خلال المشاركة.

بالنسبة إلى الروحاني من سويسرا فريشتهوف شوان فإن قلب الأديان أو جوهرها هو نفسه، وتكمن الاختلافات في الشكل أو الأسلوب الذي يتجلّى فيه هذا الجوهر نتيجة للخلافات في طبيعة التفكير وفي العادات والثقافات. إلا أنه بالإمكان السمو عن هذه الفروقات والوصول إلى توحيد لهذه الديانات.

فنحن نتجنب، من خلال خوض تجربة أديان بعضنا بعضا، الوقوع في شرك الشكليات الدينية بحيث لا يتم الحكم على عمل ما بحد ذاته وإنما على حوافزه وتداعياته، ما يساعدنا على الخوض بصورة أفضل في الطبيعة الأساسية للدين. ويعتقد العالم الديني المسيحي البريطاني جون هيك أنه بالإمكان تحقيق هذه النتيجة، «إذ إن التقاليد الدينية المختلفة تأتي أساسا من التواصل مع واقع نهائي مماثل».

بحسب هذا المنظور وأثناء الاحتفال بيوم العزلة الهندوسي (نييبي) على سبيل المثال، يمكن للمسلمين تعلّم فحص الذات (الاستبطان) عن طريق تجنب حركة الحياة اليومية وضوضائها حتى يتسنى تحقيق مستوى أعلى من الوعي. نتيجة هذا العمل هي ذات أكثر اتزانا وحكمة وتنورا. عندما يشارك المسلمون في احتفالات عيد الفصح يمكنهم بشكل مماثل الشعور بالإلهام من وجود السيد المسيح كرمز للمعاناة والتفاؤل على رغم صعوبة التجارب اليومية أو معارضة الطغاة عديمي الرحمة وتحرير الأقل حظا.

ورد في قرار أصدرته هيئة الفتوى في مجلس العلماء الإندونيسيين أن حضور احتفالات عيد الميلاد هو عمل غير محدد قانونيا من منظور إسلامي، اعتبر فيما بعد حراما أو ممنوعا كإجراء احترازي لحماية الإسلام من الاختلاط بالأديان الأخرى. فتوى رجال الدين تشكل إلى حد ما تمثيلا لمنظور الكثيرين في الجالية الإسلامية الذين يعارضون الاحتفالات الدينية المختلطة. عندما نفكر بمنطق الفتوى نجد أنه ليست هناك تعاليم واضحة تمنع المسلمين من حضور الاحتفالات الدينية الأخرى. لذلك لا يوجد هناك أي سبب يمنع النظر إلى هذا العمل، أو دخول البيت الروحي لأية ديانة أخرى، كخطوة أولى تساعد المسلمين على النمو في حياتهم الروحانية من خلال التجارب الدينية للأديان الأخرى. ويمكن من خلال هذه التجارب اكتشاف مفاجآت في تقاليد دينية أخرى تغني تقاليدهم. يمكن للتجارب الدينية في الواقع أن تعبر الحدود. يجب فهم المشاركة المسلمة في احتفالات الأديان الأخرى على المستوى الروحاني كعمل مفيد بشكل متبادل وليس في إطار خلط الأديان والتقاليد. لا يمكن إلا من خلال التقوية والرعاية المتبادلة للعلاقات عبر الديانات تحقيق التسامح الحقيقي، والإحلال مكان «التسامح البعيد» الذي يؤمن في كفاية التجربة الدينية الفردية وفي الوقت نفسه اعتبار الآخرين أقل قيمة.

*مراقب للقضايا الاجتماعية الدينية يقيم في جاكرتا والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1689 - السبت 21 أبريل 2007م الموافق 03 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً