العدد 2536 - السبت 15 أغسطس 2009م الموافق 23 شعبان 1430هـ

نصر الله في إطلالته الجديدة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ملايين من عشّاق الحرية والاستقلال والكرامة العرب كانوا ينتظرون منذ أيامٍ، إطلالته مساء الجمعة، إلى جانب عشرات الآلاف في الساحة التي طالما جمعتهم في ساعات الشدائد وفترات الانفراج.

عند الساعة الثامنة وخمسين دقيقة، ارتفعت الأصوات بالترحيب، ظنّ الكثيرون أنه سيخاطبهم دون ستار، لكن سرعان ما تبيّن أنه سيخاطبهم من على الشاشة، فالبلد الذي أنجب أشاوس المقاومين، خرج من بين طينه وفرثه عملاء للعدو وجواسيس.

بدا منشرحا أكثر مما كان في إطلالاته الأخيرة، فالوضع الدولي الضاغط قد انزاح مع رحيل جورج بوش. شبكات التجسس المحلية التي زرعها الإسرائيليون على مدار عشرين عاما، أخذت تتساقط في قبضة الأمن في الشهور الأخيرة. طابور المخبرين الذي لعب دورا تجسسيا مؤذيا للمقاومة، وتخريبيا لصالح العدو، أصبح اليوم بين معتقلٍ وملاحَقٍ وفار.

أول كلمةٍ قابل بها الجمهور: «ممنون»، ورجاهم بالجلوس. بدأ بتحية الشهداء، من جميع فصائل المقاومة، ومن الجيش اللبناني والمدنيين. انتقل إلى تحية الجرحى؛ ولمن هُدّمت منازلهم وضُربت مصادر أرزاقهم، ولمن صمدوا في أرضهم أو اضطروا للرحيل تحت القصف؛ ولمن احتضنوا المهجّرين في المساجد والكنائس والمدارس والبيوت.

طرح سؤالا لا يطرحه أحدٌ هذه الأيام لأن المقاومة جعلته من الماضي السحيق: ماذا لو هُزمت المقاومة في لبنان؟ لم يقدّم جوابا، وإنما ترك الإجابة لمخيلة الجمهور، الذي يعرف تماما أيّ عهد من العبودية والاسترقاق كانت ستدخله الأمة لو تمت ولادة «الشرق الأوسط الجديد». كان المشروع أولوية كبرى لدى المحافظين الجدد، ولما طالت الحرب أسبوعين، أرسلوا وزيرة خارجيتهم (الكونداليزا) لإتمام الولادة القيصرية، فأولدت القابلة الفاشلة سِقطا بعد مخاضٍ عسير طال 33 يوما.

في إطلالته الأخيرة حلّق عاليا، فلم يتعثر بالمماحكات السياسية التي ورّطته فيها زواريب بيروت منذ عامين، من لعبةٍ انتخابيةٍ ومحاصصةٍ طائفية وخلافٍ على توزيع كراسٍ نيابية. كلها تمثّل حرب استنزافٍ لأمثاله، ونقاط ضعفٍ لا يجيد فيها النزال، فهي ليست ساحته المثلى للقتال، وعلى البوصلة أن تتركّز باتجاه واحد ووحيد: «إسرائيل».

لم يستشهد بالتحليلات الغربية والاعترافات الإسرائيلية بالفشل والهزيمة والخذلان، وإنما استعان بقراءة نصٍ قديمٍ لغريمه الجديد (نتنياهو)، الذي يقرأ التحولات الكبرى ويتحسّس أخطارها. فرئيس الوزراء الاسرائيلي المتطرّف، كان يقارن بين منجزات حرب الأيام الستة، التي قادت للاعتراف بالدولة الصهيونية، وتوقيع «اتفاقيات السلام»، ورسوخ قناعةٍ لدى الدول العربية بأن جارتهم «وحشٌ أسطوريٌ لا يُغلب»... وبين ما فرضته المقاومة من حقائق على الأرض.

نتنياهو شخصٌ لا يعرف العواطف، أربكت صراحته الدول العربية، لكنه معقّدٌ جدا من عمليات الانسحاب الأحادي الجانب دون توقيع «اتفاقات سلام»! الانسحاب الأول كان في العام 2000، حين ترك الجيش الصهيوني الجنوب على عجلٍ بقيادة باراك، الذي عاد اليوم للإكثار من الجعجعة وإطلاق التهديدات. ومع الانسحاب الأخير من غزة، والعجز عن احتلال قرية صغيرة اسمها «مارون الراس»، أخذ يبكي لأنه «بات واضحا أن (إسرائيل) لم تعد دولة لا يمكن التغلب عليها، وعادت علامات الاستفهام حول وجود الكيان».

لقد أمسك نصر الله بالعقدة التاريخية، واستحضر روح غريمه السابق أولمرت، فتخيّل ما يمكن أن يفاخر به من إنجازات لو عاد اليوم إلى الأضواء: «أعتى جيشٍ في المنطقة، خاض حربا لمدة 33 يوما، أهم إنجازاته أنه استطاع أن يمنع شخصا مثلي من الظهور والخطابة أمام الجمهور»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2536 - السبت 15 أغسطس 2009م الموافق 23 شعبان 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 23 | 5:14 م

      نحبك جداً ...

      آية من آيات الله أنت يا نصر الله .. في زمن القحط .. والهزائم .. والظلام .. تبدو لنا نجم .. أعز الله به ديننا .. وكرامتنا .. وجعل لإنتظار أمل المستضعفين طعم آخر لم نذقه قبلا .. كيف لا ونحن للمرة الأولى نشهد معنى الرجولة الحقة في شخصك ... فليحفظك الله بمحمد وآل محمد عليهم السلام ...

    • زائر 21 | 3:27 م

      أريد أسباب واضحة

      «أعتى جيشٍ في المنطقة، خاض حربا لمدة 33 يوما، أهم إنجازاته أنه استطاع أن يمنع شخصا مثلي من الظهور والخطابة أمام الجمهور»
      لو سمحت اوضح لنا ما كتبت "شخصا مثلي"
      نريد أن نعرف. ماذا تعرف عنه حتى تقول هكذا ؟
      أريد أسباب واضحة.

    • زائر 20 | 1:22 م

      أبا هادي و جواد

      الصبر عشناه منذ الصغر و قد تعلماه من كربلا و علي الأكبر -- و صلاتك على الشهيد هادي تكبيرة من صلاة جدك شبر--. وتجمدت الدموع وصمد القلب ل 33 يوما إيمانا منا و وثقتا بأبنائك المجاهدين في الخطوط الأمامية من جبهات العز و الكرامة. أما ألان فا الدموع تنهمر لا إراديا كلما نرى صور أبنائك الشهداء الذين عاشوا العز و خلدوا فيه. أنت القائد الرمز تنهل كل يوم من علم وعز و خلق وسجية و عباده من إبائك و أجدادك الطاهرين. عشت ذخرا و سندا للمستعفين.

    • زائر 19 | 1:07 م

      حفيد الحسين

      وعدنا الصادق انت يا نصرالله

    • زائر 18 | 11:41 ص

      لبيك يا نصر الله

      سير يا نصر الله و نحن خلفك
      أرواحنا لك الفداء

    • زائر 16 | 9:26 ص

      ألا ان حزب الله هم المفلحون 2

      وهناك رواية عن صاحب الزمان (عج) عن المقاومة الاسلامية في جنوب لبنان تقول" حزب على أبواب المقدس يقاتلون في سبيل الله أنا منهم وهم مني" أشكر الكاتب قاسم حسين لتطرقه للمواضيع التي تواكب الحدث لقد كتبت تعليق من يومين تحت عنوان (التأييد السماوي) واليوم شدني موضوعك وأعجبني- ام محمود

    • زائر 14 | 8:07 ص

      الله ينصرك

      لا املك الا ان اقول احبك سيدي نصر الله

    • زائر 13 | 6:01 ص

      يا سيد هذا نصر الله والفتح قريب

      قال تعالى ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) صدق الله العلي العظيم لوائح النصر الإلهي تبدو في الإفق وظهور منقذ البشرية قريب الذي يعتقد به حتى الهندوس والبوذيين والديانات الأخرى بما فيها اليهودية إنها بوادر الإنتصار الإلهي ياسيد قاسم .

    • زائر 11 | 5:59 ص

      هذا هو اليماني2

      يا سيداً بز اليهود مجدداً - حرب تموز - وأعاد خيبر سيفه البتار 0
      في كل عصر للنبي خليفةٌ
      واليوم َ أنت الحيدر الكرار

    • زائر 10 | 5:51 ص

      هذا هو اليماني

      هذا أبو هادي شعاع هداية
      يعلو محياه الوسيم وقار
      كلماته للثائرين نداوة
      وعلى الظغاة صواعق وجمار
      لن يخرق الديجور نافذة الضحى
      والسيد الحسن الأمين منار

    • زائر 9 | 4:24 ص

      فصل الخطاب

      الحمد الله الذي جعلني أعاصر وجود هذا السيد المبارك، الذي حقق الانتصارات تلو الانتصارات ولازال يعد بالانتصارات مجداداً ،هنيئاً للبنان و هنيئاً للأمة العربية والاسلامية وجود هذا النور وسط عالم الانبطاح والظلام العربي ، بوجودك يا اباهادي يحق لي أن أرفع رأسي عالياً و أفتخر أني عربي

    • زائر 8 | 4:05 ص

      حفظك الله يا سيد الأحرار

      رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ... ليت الأمة العربية ولدت اثنان مثلك يا نصر الله .... ويبقى الأمل.... متى ترانا ونراك

    • زائر 7 | 2:38 ص

      رجال الله يوم الفتح في لبنان

      كذا صار الدم العربي... سكيناً وذبّاحاً‏ ... وصار الشعر بعد الصمت‏ ... في الساحات صدّاحاً‏ ... كذا صرنا ولن نبقى...‏ إذا كنا تناسينا‏ ... جهاد الحق والإيمان‏... وأن الشعب رغم الذل رغم القهر‏ ... يرفع راية العصيان‏... يصمم أخذها غصباً ويأخذها‏ ... كذا فعلت رجال الله‏ ... يوم الفتح في لبنان‏

    • زائر 6 | 2:34 ص

      دروس الإباء

      كم أبهرني السيد نصر الله الله يحفظه وهو يقدم دروس في الكرامة والإباء والتماسك والوحدة بين المسلين بل بين العرب جميعا ليكونوا صفا واحدا أمام العدو الضعيف وذلك بقوة الإيمان بالله .. في حين تقوم فئة أخرى تدعي الإسلام بتمزيق صفوف المسلمين بالقتل والتفجيرات وزعزعة الأمن ...
      التوعية السياسية وتعزيز الإرادة والعزيمة للعرب فرضت علي هذه المقارنة طوال كلمة السيد سلمت يا رجل الإسلام والمسلمين والعرب

    • زائر 5 | 2:03 ص

      عاشقة المهدي

      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صلي على محمد وآل محمد
      صباح الخير لجميع العاملين على هذه الصحيفة الرائعة
      الموضوع رائع جدا خصوصا ان كان عن اشرف القادة السيد نصر الله
      (اتمنى للصحفي قاسم حسين التوفيق والاستمرار في الكتابة بمثل هذا الاسلوب الرائع))

    • زائر 3 | 1:37 ص

      ونعم الرجال

      شكرا اخي الفاضل على مقالك الجميل في حق سيد المقاومة بالفعا كتن السيد حفظة الله مشرقا ومتفائلا اكثر من اي عهد مضى فيحفظكم الله انت واياه

    • زائر 2 | 10:15 م

      تتمة

      ممنون سيدي!.. بل نحن الممنون لك ولك المنة علينا ولك الفضل علينا فقد اعززت ذلتنا .. وكما كنت تعدنا بالنصر سابقا نحن موقنين بنصر الله وبشر الصابرين..

    • زائر 1 | 10:11 م

      كبير انت يا نصر الله

      " اخ كريم وابن اخ كريم" كلمات لا زال صداها يتردد مدى الزمن .. التعالي على الجراح والتسامح والسماحة طينة عجن بها دمك فكنت انت ابن ذلك الجد العظيم ذي الخلق العظيم صلى الله عليه واله وسلم. في اطلالتك الخير للامة وفي كلماتك شفاء لسقمها وفي شدتك شدٌ لجروحها .. حقا اقول لو لم تكن انت لذهب لبنان وما بعد لبنان الى حيث اراد العدو ورضي المتخاذل الذي لا زال يطرح فكرة التعايش مع مجرمين وقتلة من وحوش بني البشر.

اقرأ ايضاً