العدد 1693 - الأربعاء 25 أبريل 2007م الموافق 07 ربيع الثاني 1428هـ

دق ناقوس الخطر بشأن أكبر تهديد يواجه الأمن العالمي

مارغريت بيكيت comments [at] alwasatnews.com

تحدث مندوب الكونغو في أواسط النقاش الدائر في مجلس الأمن، إذ قال: «هذه ليست المرة الأولى التي يدور فيها صراع بين الناس على الأراضي وموارد المياه، لكن الصراع هذه المرة سيكون على درجة تجعل الصراعات التي دارت في السابق تبدو بسيطة بالمقارنة». وأطلق المندوب الفرنسي عليه مصطلح «التهديد الأول الذي تواجهه الإنسانية». وقال المندوب النرويجي إنه ردا على ذلك التهديد، يتعين أن يكون ما نقوم به لا يقل عن إعادة التفكير من القمة وحتى القاعدة بشأن نظرتنا لأمننا: ليس بمقدورنا الوقوع في المصيدة التي كلفت العالم كل ما هو نفيس عبر التاريخ وأن نفترض بأن المستقبل سيبدو تماما كالماضي. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: إن السيناريوهات التي توجهنا مثيرة للقلق.

ما الذي كان بؤرة هذه المخاوف؟ إنه تغير المناخ. فمناخنا الذي يزداد تقلبا مع مرور الأيام لم يعد يُنظر إليه أساسا على أنه قضية بيئية أو اقتصادية. ومع نمو التهديد الذي نواجهه من حيث درجته، وازدياد حدته ووضوحه خلال العامين الماضيين - مثلما أكد البرهان حديثا، بل وفي بعض الأحيان فاق، أسوأ مخاوفنا بشأن التأثير الملموس الذي يواجهنا - أصبح من الجلي بشكل متزايد أن عواقب تغير المناخ تصل إلى صميم الأجندة الأمنية. الفيضانات والأمراض والمجاعات، وانطلاقا منها تأتي الهجرة على درجة غير مسبوقة، وفي مناطق تواجه أصلا توترا كبيرا. الجفاف والفشل في المحاصيل، وانطلاقا منهما يأتي التنافس على الغذاء والمياه والطاقة في مناطق تشهد استنفادا لمواردها. وعرقلة اقتصادية على الدرجة التي تنبأ بها تقرير ستيرن في العام الماضي، والتي لم يشهدها العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. الأمر لا يتعلق بالأمن الوطني على نطاق ضيق - بل إنه يتعلق بأمننا الجماعي في عالم ضعيف ويزداد اعتمادا على بعضه بعضا. وللأسف، مرة أخرى، فإن من هم أكثر ضعفا وأقل قدرة على تحمل ذلك هم من سيتضررون أولا. ليس هناك بكل تأكيد أي خيار ما بين المناخ المستقر والكفاح ضد الفقر. فمن دون الأول سيفشل الثاني لا محالة.

إن كل من يرغب في تعقب الروابط بين ما يقوله لنا العلم بشأن التأثيرات الملموسة لتغير المناخ وتوابعه الأوسع نطاقا على أمننا سيكون من الأفضل له أن يقرأ تقريرا مذهلا صدر يوم الاثنين. الهيئة الاستشارية العسكرية هي فريق مؤلف من الأدميرالات والجنرالات المرموقين في الولايات المتحدة. وقد وقفوا خلال فترة عملهم في مواجهة كل شيء من احتواء وردع التهديد النووي السوفياتي إبان الحرب الباردة وحتى الصراع الأخير ضد الإرهاب والتطرف. وهم أبعد ما يمكن تصوره عن الشكل النمطي القديم للبيئيين المفرطين بعواطفهم تجاه البيئة. لكن مع ذلك فإنهم يقولون في ذلك التقرير، وبكل عزم، إن تغير المناخ المتوقع يشكل تهديدا خطيرا للأمن القومي لأميركا. إذ إنه، كما يقولون: «يؤدي الى مضاعفة التهديد المؤدي لعدم الاستقرار في بعض من أكثر المناطق تقلبا في العالم». وبمعنى آخر، فإن المناخ غير المستقر يؤدي الى أنواع التوترات والصراعات نفسها التي يتداولها مجلس الأمن حاليا كل يوم، لكنها ستكون أكثر توترا وحدّة.

وبالتالي فإن تلك المخاوف هي التي تكمن وراء قرار المملكة المتحدة لاستغلال رئاستها لمجلس الأمن لإطلاق هذا النقاش غير المسبوق. وتلك المخاوف هي التي جعلت 53 دولة تطلب المشاركة والحديث في اجتماعنا هذا، وهو رقم لم يسبق له نظير في مثل هذه الاجتماعات.

إن نقل هذا النقاش إلى مجلس الأمن ليس بديلا لاتخاذ إجراءات في مواضع أخرى ضمن الأمم المتحدة أو عبر المجتمع الدولي. وباعتباري كنت المفاوض الأول نيابة عن المملكة المتحدة في اتفاق الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ طوال خمس سنوات، فإنني آخر من يريد أن يقوض تلك الجهود وغيرها من الجهود متعددة الأطراف. لكن بحكم مسئولية مجلس الأمن في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، يمكنه تقديم مساهمة فريدة لبناء فهم مشترك لما يعنيه المناخ غير المستقر بالنسبة إلى أمننا الفردي والجماعي. والقرارات والإجراءات التي نتخذها - في أي مؤتمر كان - بينما نبدأ في بناء اقتصاد عالمي منخفض الكربون ستكون أفضل وأقوى وأكثر فعالية لأنها تستند إلى أكبر فهم ممكن لجميع تداعيات تغير المناخ - بما في ذلك العامل الأمني.

الإقرار بأن تغير المناخ يعتبر قضية أمنية محورية بيّن أن الأكثرية العظمى من أسرة المجتمع الدولي تنظر الآن إلى المناخ غير المستقر على أنه تهديد لم يسبق له نظير يتعين علينا أن نواجهه على عجلة وبطموح أكبر. وإذا ما نجحنا في ذلك المسعى المشترك، سنستمتع جميعنا بأمن أفضل. تغير المناخ هو تهديد يجمعنا مع بعضنا بعضا إن كنا نتمتع بالحكمة الكافية التي تمنعه من التفريق بيننا.

إقرأ أيضا لـ "مارغريت بيكيت"

العدد 1693 - الأربعاء 25 أبريل 2007م الموافق 07 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً