العدد 1696 - السبت 28 أبريل 2007م الموافق 10 ربيع الثاني 1428هـ

الحلم باتحاد عربي

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

رئيس الوزراء اللبناني السابق سليم الحص تحدث أمس ضمن فعاليات المؤتمر القومي العربي الذي يعقد دورته الثامنة عشرة في المنامة، وأشار إلى ضرورة «ألا تبعد أزمة الأمة اليوم شعوبها عن الحلم العربي الكبير المتمثل في الاتحاد العربي على غرار الاتحاد الأوروبي»... غير أن الحلم العربي لم يتحرك عن كونه حلما نتغنى به، كما تغنى به آباؤنا وأجدادنا، وهو يبتعد كل يوم عن أنموذج الاتحاد الأوروبي من كل جانب.

ولو نظرنا إلى الاتحاد الأوروبي وقارناه بحلم الاتحاد العربي فسنرى الفرق الكبير. الاتحاد الأوروبي بدأ من خلال توحيد الجمارك بين عدد من الدول الأوروبية، وذلك الاتحاد الجمركي سهل انتقال البضائع والأموال والأشخاص عبر الحدود وأدى إلى خلق «السوق الأوروبية المشتركة» التي انطلقت قبل ستين عاما (في العام 1957). وفي العام 1987 قررت الدول الأوروبية الانتقال من السوق المشتركة إلى السوق الموحدة، وتم توحيد القوانين الفنية والاقتصادية، وأصبحت الدول الأوروبية تعمل على أساس قانون أوروبي (في المجال الاقتصادي)، وعليه تم تغيير مسمى السوق الأوروبية المشتركة إلى «المجموعة الأوروبية». وفي العام 1992 تم توسيع نطاق المجالات الموحدة بين الدول الأوروبية لتشمل جوانب الضمان الاجتماعي والحقوق الاجتماعية والعمالية والأمن والهجرة والجوازات وأمورا أخرى كثيرة، وعليه تحول مسمى المجموعة الأوروبية إلى «الاتحاد الأوروبي»، وهو اتحاد اقتصادي - اجتماعي أساسا، إذ إن الدول الأوروبية لن تتفق على جوانب السياسة الخارجية والدفاع (الجانب العسكري بيد حلف الناتو أساسا)...

ومع ذلك فإن الاتحاد الأوروبي يعتبر أفضل أنموذج لربط مصالح المجتمعات ببعضها بعضا اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، بحيث يصبح المصير مشتركا على أساس معيشي، وعلى أساس واقع ملموس. الاتحاد الأوروبي يتكون من أمم ذات لغات مختلفة ومذاهب مسيحية متنافرة في جذورها وعادات وأعراف مختلفة، ومع ذلك استطاعوا توحيد مصيرهم وتحولوا إلى عملاق اقتصادي ينافس أميركا واليابان (من الناحية الاقتصادية)، وربما يتحرك مستقبلا للمنافسة في مجالات أخرى.

أما الحلم العربي فهو قائم على أيديولوجية نظرية، مطروحة في الشعر والأغاني، ولكن البلدان العربية أبعد ما تكون عن أدنى مستويات التكامل الاقتصادي أو الاجتماعي، بل إن مشكلات كل دولة عربية أصبحت خاصة بها، ولم يعد يعني المنتمي إلى هذا البلد ما يجري في بلد آخر سواء الشعور بالحنين والتألم المعنوي. المؤتمر القومي العربي يجمع مثقفي البلدان العربية الذين حملوا الحلم العربي وبشروا به كثيرا، وهم بين أهلهم في البحرين الذين يحلمون أيضا بيوم يكون فيه المصير مشتركا بصورة عملية ملموسة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1696 - السبت 28 أبريل 2007م الموافق 10 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً