العدد 1708 - الخميس 10 مايو 2007م الموافق 22 ربيع الثاني 1428هـ

العملة الخليجية 2/4

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لاشك في أن العملة الخليجية الموحدة على جانب كبير من الأهمية لدول المجلس؛ فهي من شأنها أن تحقق لها أعلى مراحل التكامل الاقتصادي الذي تنشده، إضافة إلى دعم استقرار تبادلها التجاري مع الدول الأخرى، وتعزيز حركة التجارة والنشاط المالي بينها، والمساهمة في قيام سوق إقليمية لرأس المال؛ نظرا إلى ما ستتمتع به العملة الخليجية الموحدة من قدر كبير من السيولة. وما يجعل الكثير منا يشعر بالتفاؤل، هو ذلك النجاح الذي عرفته التجربة الأوروبية. فقد مضى نحو نصف قرن منذ بزوغ فكرة الاتحاد الأوروبي، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، حتى عقد اتفاق «ماسترخت» بخمس عشرة دولة، ودخولها حيز التنفيذ في نهاية العام 1993، حتى طرح العملة الأوروبية الموحدة، في يناير/ كانون الثاني 2002، مرورا بعدة مراحل. ويتبيّن من تجربة الاتحاد الأوروبي أنها احتاجت إلى ما يقرب من أربعة عقود للوصول إلى الوحدة النقدية، وإصدار العملة الأوروبية الموحدة، سبقها وضع آليات وتشريعات مشابهة لتحقيق الاندماج والوحدة الاقتصادية الأوروبية. ولعله من المفيد إلقاء بعض الأضواء على تجربة العملة الأوروبية الموحدة قبل تناول شبيهتها الخليجية. فكرة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) قديمة بعمر الاتحاد الأوروبي نفسه، ولكن بدأ تطبيقها عمليا في العام 1970 من خلال خطة «فيرنر» التي طرحها رئيس الوزراء اللوكسمبورغي بيير فيرنر، والتي كانت نواة الاتحادين الاقتصادي والنقدي الأوروبيين. كان أمل هذه الخطة في تطبيق عملة موحدة في الاتحاد الاقتصادي الأوروبي بحلول العام 1980 ولكن سرعان ما انهارت الفكرة وحل محلها العام 1972 اتحاد تصريف العملة الأوروبي ولاحقا العام 1979 النظام النقدي الأوروبي. هدف النظام النقدي الأوروبي كان المحافظة على استقرار العملات المحلية. لتحقيق هذا الهدف، تم إنشاء عملة نقد شكلية لحساب تصريف العملة تحت اسم «الإيكو»، التي من الممكن على المرء وصفها بأنها العملة الأوروبية الموحدة السابقة لليورو. في العام 1988 تبنّت اللجنة الأوروبية تحت رئاسة جاك ديلورس ما يسمى تقرير «ديلورس». هذا التقرير وضع الأساس لتطبيق تنفيذ العملة الأوروبية الموحدة من خلال تطبيق ثلاث مراحل. وتغلّب الاتحاد الأوروبي على الكثير من العقبات التي واجهته من خلال وضع نظام أطلق عليه نظام «الثعبان داخل النفق»، وهو نظام نقدي يسمح بهامش تذبذب للعملات الأوروبية حول سعر محوري للدولار بنسبة + 2.25 في المئة وهامش تذبذب حول سعر مركزي بين العملات الخاصة بالدول الأعضاء يتراوح بين + 1.25 في المئة، ولكن نظام «الثعبان داخل النفق» أدى إلى حدوث بعض المشكلات وتدهور لبعض عملات الدول الأعضاء؛ ولذلك كان لابد من البحث عن نظام جديد. لقد كان الهدف الرئيسي لإعلان ميلاد اليورو هو تحقيق الوحدة النقدية بين الدول الأوروبية، التي تعتبر بدورها أهم حلقات الوحدة الاقتصادية الأوروبية المستهدفة؛ لأن وجود عملة موحدة سيؤكد هذه الوحدة الاقتصادية؛ وسيحد من الأزمات الاقتصادية التي تتعرض لها الدول الأعضاء، وخصوصا في المجال النقدي وأسعار الصرف. إلى جانب ذلك، تهدف دول الاتحاد الأوروبي إلى:

1. خلق سوق مالية أوروبية تقوم على أسس اقتصادية موحدة.

2. إيجاد دور فاعل للعملة الأوروبية على المستوى الدولي، وخصوصا أمام الدولار الأميركي.

3. اتباع سياسية نقدية موحدة في الاتحاد الأوروبي بالتوازي مع السياستين التجارية والزراعية المشتركة في دول الاتحاد.

4. تلافي سلبيات ومخاطر تقلبات أسعار الصرف بين عملات الدول الأعضاء بالاتحاد، وتأثير هذه التقلبات على أداء الشركات، وحركة رؤوس الأموال بين الدول الأعضاء.

5. خلق مزيد من الشفافية في الأسعار والكلف، وزيادة المنافسة، ورفع معدلات النمو الاقتصادي في الدول الأعضاء.

ويعتقد خبراء بأن نجاح اليورو تحقق بفضل ثلاثة عوامل رئيسية:

1. التضخم: كان المحللون والمضاربون يعوِّلون على حدوث ارتفاع في معدلات التضخم بالدول الأعضاء، بعدما يدخل اليورو حيز التداول الفعلي. ولكن شيئا من هذا لم يحدث بالقدر الذي يعوق تقدم اليورو أمام العملات الرئيسية الأخرى.

2. أسواق الأسهم: ساهم انهيار أسواق الأسهم الأميركية في تعزيز مكانة اليورو بين العملات الرئيسية، إذ صاحب هذا الانهيار تراجعٌ مطردٌ في قيمة الدولار وتدفق الاستثمارات على الأسواق الأوروبية.

3. الفائدة المصرفية: استفاد اليورو من حقيقة أن الفائدة على العملة الأوروبية الموحدة ظلت في مطلع هذا القرن أعلى منها بالنسبة إلى الدولار، في الولايات المتحدة التي اضطرت إلى خفض أسعار الفائدة إلى مستويات متدنية جدا لإنعاش أكبر اقتصاد في العالم.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1708 - الخميس 10 مايو 2007م الموافق 22 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً